الموصل / سيف الدين العبيدي
في قرية الكونسية الواقعة بناحية الحميدات في غربي محافظة نينوى توجد منطقة اثرية فيها تسمى (بخربة الكونسية) تعود إلى عصر الاتابكة، وتبلغ مساحتها ١٠٠٠ متر مربع، تبعد عن حدود الموصل بمسافة ٣٥ كيلو متر، تحتوي على بقايا اثار لمدينة اسلامية وتضم بئرا للماء وجزءا من جدران للبنايات وهياكل للخانات تعود لمدينة صغيرة كانت قد تأسست قبل أكثر من ٨٠٠ عام. تعتبر هذه الاثار واحدة من المواقع المهمة في نينوى والبعض من بناياتها كانت قائمة خلال القرن الماضي، حيث لم تجر عليها اية عملية تنقيب سابقاً، ومن المؤمل ان تجري فيها خلال السنوات المقبلة او بعد الانتهاء من المواقع الاثرية الاخرى بحسب ما صرحت به مفتشية اثار نينوى حيث تقوم بين فترة واخرى بالإطلاع على الموقع.
وتسعى المفتشية إلى إبراز الحضارة الإسلامية في تلك المنطقة التي تقع في موقع جغرافي جيد، وحالياً تعتبر مكانا سياحيا يتوافد إليه الناس خاصة يوم الجمعة من القرى المجاورة للمنطقة منها قرية الموالي والشهداء بالإضافة إلى اهالي الموصل.
عميد كلية الاثار بجامعة الموصل المتقاعد الدكتور علي ياسين في حديثه لـ(المدى) اكد ان هذه الاثار تعود إلى عصر الاتابكة وهي معاصرة لقلعتي باشطابيا وقرة سراي، وانها مدينة إسلامية كانت تحوي على جامع وخانات ومحلات وابار مياه وفيها حياة متكاملة، ويبين ياسين انه من ابناء منطقة الكونسية ويتذكر عند صغره وجود بعض بناياتها التي كانت شاخصة والمشيدة من الحجر ولكنها تعرضت إلى السرقة في نهاية ستينيات القرن الماضي وذلك بسبب اهمالها من الجهات الحكومية.
ويشير الى انه لا تتوفر اية معلومات حول من هم سكان المنطقة هل هم عرب ام لا وماذا كانوا يمتهنون من مهن وذلك بسبب عدم وجود اي توثيق لها على مدار السنين السابقة بحكم ان الموقع يقع في اطراف الموصل ولم يكن محط انظار الرحالة.
ويلفت الى ان المكان تحيطه تلال وما اذا اجريت عمليات تنقيب ومجسات على احدى التلال القريبة منه فإنه من الممكن ان يتم العثور على اثار جديدة وتكون نقطة بداية لاكتشاف معالم اخرى عن الموقع، الذي سبق ان اكتشفت فيه عملات تعود إلى القرن الحادي عشر وانه من الممكن العثور على عملات بالوقت الحالي خاصة مع اول امطار تهطل على المكان بعد الصيف حيث تترسب التربة وتظهر المعادن في باطنها.
من جانبه يقول احمد الجبوري وهو موظف تابع لمفتشية الاثار والمسؤول عن حماية الموقع ومن سكنة قرية الكونسية انه بدأ يحرس الموقع من بعد عام ٢٠٠٣ ، ويحرص على عدم التجاوز عليها مثل الزراعة بقربها او اخذ احجار منها، ويؤكد انه في السابق كان هناك تجاوز عليها لكن بالوقت الحالي وقف ضد اي يد تقترب منها.
ويؤكد ان المنطقة زراعية وتحتوي على ابار للمياه وغرف تحت الارض او ما تسمى "بالسراديب" كانت تخزن الحبوب فيها ، وكانت تحتوي ايضاً على اكوار، يصنعون فيها مادة "الجص" بعد ان يجلبوا الاحجار عبر العربات من احد التلال القريبة على المنطقة اسمه "تل العطشان" الذي يبعد عن المنطقة بمسافة ٣ كيلو مترات.