اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > ثلاثون رواية ومسرحيات ومقالات عن العبودية وافريقيا

ثلاثون رواية ومسرحيات ومقالات عن العبودية وافريقيا

وفاة الروائية الغوادلوبية ماريز كوندي عن 90 عاما..

نشر في: 16 إبريل, 2024: 11:13 م

ترجمة: عدوية الهلالي
ولدت الصحفية وأستاذة الأدب والكاتبة الفرنسية، ماريز كوندي في شباط 1934 في جزيرة (غوادلوب)، ونشرت حوالي ثلاثين رواية بالإضافة إلى المسرحيات والمقالات. اشتهرت بشكل خاص بكتابها (أنا تيتوبا الساحرة)، الذي نُشر عام 1986. توفيت مطلع نيسان الجاري وكانت تبلغ من العمر 90 عاما.
ولدت ماريز بوكولون في غوادلوب لأبوين من الطبقة المتوسطة الكاريبية، واكتشفت الشابة أفريقيا في باريس أثناء دراستها في جامعة السوربون. ثم وقعت في حب الممثل الغيني مامادو كوندي ووصلت إلى أفريقيا، وبالتحديد إلى غينيا الثورية لأحمد سيكوتوري، ولكن أيضًا إلى السنغال وغانا. وكانت تجربة مخيبة للآمال إلى حد ما.
وفي تلك الفترة كتبت روايتها الأولى، (هيريماخونون)، التي تستحضرفيها ظروفها من خلال مصير فيرونيكا، التي ولدت مثلها في عائلة برجوازية صغيرة من غوادلوب، والتي، أثناء دراستها في باريس، وقعت في فخ حركات إنهاء الاستعمار وذهبت إلى أفريقيا كعاملة إغاثة فرنسية. لكن لقاءها مع القارة كان مستحيلا لسببين: الأول كان نرجسيا، اذ كانت تجد صعوبة في التكيف مع لامبالاة الأفارقة تجاهها. والثاني سياسيا فعند وصولها إلى نشوة الماركسية، تفقد فيرونيكا بسرعة كبيرة أوهامها حول إفريقيا الثورية.
كانت رواية (هيريماخونون) تشبه في بعض النواحي رواية (شمس الاستقلال) لأحمدو كوروما، ويمكن قراءتها على أنها قصة خيبة الأمل. فبعد الهرب من تقاليد الهند الغربية، تجد فيرونيكا نفسها في أفريقيا الفاسدة. ولم تكن تشعر بأنها أفريقية أو فرنسية، وانتهى بها الأمر، عند عودتها إلى باريس، بتحمل مسؤولية نفسها. وفي الواقع، اكتشفت فيرونيكا أنها من الهند الغربية في أفريقيا.
وبوسعنا أن نعقد مقارنة مثمرة بين رحلة بطلة ماريز كوندي ورحلة الكاتب الأميركي من أصل أفريقي ريتشارد رايت أثناء إقامته في غانا في عهد كوامي نكروما. ففي عام 1954، وبناءً على نصيحة صديقه جورج بادمور، ذهب ريتشارد رايت إلى غانا لزيارة قارة أسلافه. لكن التغيير في المشهد كلي. ريتشارد رايت، ماركسي سابق، يتميز بالوجودية السارترية، ويعاني من انزعاج شديد تجاه المؤسسات الأفريقية التقليدية. تم سرد هذه التجربة في كتاب نقدي للغاية بعنوان "القوة السوداء" (1955)، حيث أعرب ريتشارد رايت عن رعبه من طقوس أفريقيا واشمئزازه من قذارة الاماكن.وفي جميع أنحاء الكتاب، يصف الروائي الأمريكي من أصل أفريقي غانا النتنة بالمعنى الجسدي والأخلاقي للمصطلح. اذ يكون هناك عدم تفاهم تام بين الغانيين وابن العم المتغطرس هذا القادم من أمريكا. يقول: "كانوا سوداً، وكنت أسوداً، لكنهم ينادونني بالأبيض. "
وعندما تم إصداره، قوبلت (القوة السوداء) بانتقادات لاذعة. وانتقد الأمريكيون من أصل أفريقي ريتشارد رايت بسبب تطرفه. ووجد الأوروبيون أنه من غير العادل العمل التبشيري الغربي في غانا. والأمر نفسه ينطبق على رواية "هريماخونون" للكاتبة ماريز كوندي إذ أعطت هذه الرواية مؤلفها هويته الهندية الغربية. وفي هذه الفترة أيضًا كتبت رواية (سيغو)، أكثر الكتب مبيعًا لها والتي جلبت لها الشهرة العالمية.هذه الملحمة التي تدور حول روعة وبؤس مملكة مالي القديمة، وهي بمثابة عمل من أعمال الامتنان والوداع لأفريقيا. كما افتتحت (سيغو) المسيرة الأدبية والأكاديمية لماريز كوندي في الأمريكتين. ومن الولايات المتحدة تستعيد طفولتها في غوادلوب في مقال (القلب يضحك ويبكي)، حيث تعود إلى مراهقتها وتعطي صورة والديها كزوجين منعزلين.
وإذا كانت ماريز كوندي، في حماستها الشبابية، بالكاد تشك في تعلق والديها باصلهما، فإن وجهة نظرها تجاههما مع مرور الوقت تصبح دقيقة. ومن الآن فصاعدا، تقترب من الحقائق بارتباك بينما تحمل ضغينة ضد والدتها. وهنا يكمن معنى كل حنانها تجاه جدتها لأمها، فيكتوار، الذي تصوره في قصتها)فكتوار،النكهات والكلمات) التي نشرتها دار ميركيور دو فرانس عام 2006.
ولدت فيكتوار في نهاية القرن التاسع عشر في ماري جالانتي (في جوادلوب) لأب أبيض وأمي مجهول، وتم تعيينها مع معلم أبيض تعلمت منه الطبخ وأسعدت أصحاب عملها فيما بعد.كانت مبدعة، وتعد الأطباق الشهية. وفي هذه القصة، تتعقب ماريز كوندي آثار أقدام جدتها وترسم تشابهًا مثمرًا بين خيال الطهي لدى جدتها وخيالها، بصفتها روائية. ومن هنا كان عنوان القصة: النكهات والكلمات.
قالت في إحدى المقابلات: "الطبخ هو أيضًا اختراع، والتكيف مع ما نجده، هو افضل ابتكار. إن الرغبة في الإبداع التي تدفع الكاتب ورغبة الطباخ هي نفسها تمامًا.إذ يستخدم أحدهما الكلمات، ويستخدم الآخر المكونات والنكهات والتوابل لخلق الجمال والمتعة والاحتفاظ بالناس ومنحهم المتعة. إن صنع طبخة بتركيبات غير متوقعة وكتاب بموضوع صادم، واستعارات، وصور، هو نفسه..لقد اعتبر النقاد دائما أن قصة فيكتوار هو نص وصية للروائية التي، بعد إيمانها بالمثل التي هزت القرن العشرين، وجدت صفاءها في متعة النص والأدب.
كتبت الكاتبة الراحلة نحو ثلاثين رواية أبرزها عن العبودية وإفريقيا.وكانت كوندي روائية ومؤلفة متخصصة في مجال الخيال التاريخي وتكتب باللغة الفرنسية، وبالإضافة إلى ذلك، فهي باحثة في الأدب الفرنكوفوني وأستاذة فخرية في الفرنسية في جامعة كولومبيا.ويذكر أن "كوندي" قد حصلت على العديد من الجوائز بينها "الصليب الأكبر لوسام الاستحقاق الوطني (2019) و" نيشان جوقة الشرف من رتبة ضابط" (2014) و"وسام الاستحقاق الوطني من رتبة ضابط أكبر" (2011) و"نيشان الاستحقاق الوطني من رتبة قائد" (2007) و"جائزة تروبيك" (2007) و"وسام جوقة الشرف من رتبة فارس" (2004) و"نيشان الفنون والآداب من رتبة قائد" (2001) و"جائزة كاربيت لمنطقة البحر الكاريبي والعالم بأسره" (1997) و"زمالة جوجنهايم" (1987).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram