TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رحلة ابن مشخوطة

رحلة ابن مشخوطة

نشر في: 27 نوفمبر, 2012: 08:00 م

من البياع إلى الباب الشرقي استغرقت رحلة احدهم أكثر من ساعتين يوم الإثنين الماضي، للوصول إلى مقر عمله فواجه مكابدات  ومفاجآت ومتاعب، سجلها   في ذهنه على أمل أن  يدونها في كتاب سيصدر بعنوان "رحلة الملتاع من الباب الشرقي إلى البياع "  ليقدم  نصائح للقراء حتى يتخلصوا من الزحام ويحافظوا على راحة البال ويتجنبوا الأهوال. وعلى  طريقة سلفه ابن بطوطة استعار مؤلف الكتاب المرتقب  اسم "ابن مشخوطة" ليجسد المعاناة  اليومية  لآلاف السكان من أهالي العاصمة بغداد  أثناء عبور الجسور  من الرصافة إلى الكرخ أو بالعكس .

مؤلف الكتاب يسكن في منطقة المعالف ، وسكان حيه أطلقوا على أمه اسم "مشخوطة " لأنها اعتادت على الدخول في مشاجرات كلامية مع نساء الحي لأسباب تافهة  وأخرى تتعلق بدفاعها  عن رجال البلدية والأداء الحكومي.  والابن يحاول استعارة شهرة  والدته مشخوطة  ليحاكي رحلة ابن بطوطة  بتسجيل مشاهداته في عاصمته في القرن الحادي والعشرين .

سيتضمن الكتاب  نصائح وتوصيات لمن يرغب في اعتمادها ، ومنها اللجوء إلى رياضة المشي السريع للوصول إلى مكان العمل ، فهذا النوع من الرياضة سيوفر فرصة   للتخلص من الكروش  بإذابة المزيد من الشحوم ، وإمكانية التعرف على أصدقاء وصديقات ، بغض النظر عن الانتماءات الطائفية والقومية والمناطقية والحزبية ، بمعنى أن المشي ، سيكون عاملا مهما في ترسيخ وتوطيد السلم الأهلي بين أهالي العاصمة ، وبلورة موقف شعبي موحد يدعو إلى إزالة الحواجز والسيطرات عبر تنظيم تظاهرات سلمية لرفض عسكرة المدن ، ومنع الضباط الصغار من منتسبي الجيش والشرطة الاتحادية من  إثارة  أعصاب المواطنين   ، ومن  وصايا ابن مشخوطة في كتابه  دعوته لاستقبال المسؤولين أصحاب السيارات المدرعة بالتصفيق الحار المجسب من قبل "المشاية " لغرض  إشعارهم بأن الشعب العراقي مازال يحتفظ  بولائه المطلق لرجال الحكومة والقادة السياسيين ، على الرغم  مما تدعيه منظمات دولية بان بغداد أقذر مدينة في العالم ،  والحكومة تضم  عشرات المفسدين ، وملفاتهم وصلت إلى دول إقليمية .

السيدة "مشخوطة" المدافعة العنيدة عن الإنجازات الحكومية انطلاقا من إيمانها بان المسؤولين  فيها ينتمون لأحزاب دينية  ويعرفون الحلال والحرام  ويعلمون الفرق الشاسع بين المعروف والمنكر، بعد استماعها لتفاصيل رحلة ابنها والشعواط الذي تعرض له صباح الاثنين الماضي، تخلت عن قناعاتها السابقة ، لكنها لم تعلن عن موقفها النهائي ، واكتفت  بالتلويح بواسطة جفجيرها بتنظيم تظاهرة  تنطلق من المعالف باتجاه  المناطق المحصنة ، لتعلم المسؤولين درسا في احترام شعبهم  وتلبية مطالبهم بإنقاذ المتعرضين للشعواط اليومي من الإجراءات الأمنية المشددة واستخدام جهاز كشف الزاهي والصابون .

تلويح مشخوطة بالتظاهر بالجفاجير ستسبقه استحضارات بعقد اجتماعات نسوية في المعالف لتوحيد الصفوف والاتفاق على ساعة الصفر،  ووضع الترتيبات النهائية للتظاهرة وتحديد مسارها  واختيار الشعارات المناسبة ،  وشراء المزيد من "الجفاجير" لتكون بيد المتظاهرات واستخدامها سلاحا عند الحاجة للتخلص نهائيا من الشعواط العراقي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: نازك في السراي

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: من الفوضى إلى التهريج

يوميّات سوريةً

بعد "طوفان الأقصى".. ترسيم نظري لخارطة الحرب في الشرق الأوسط

العمودالثامن: العيش في دولة عادلة

 علي حسين تشغلني موضوعة العدالة وسؤال يطرح دوما : كيف يمكن أن نعيش في ظل دولة عادلة؟، خصص لنا الفيلسوف أرسطو مجلداً ضخماً أطلق عليه "علم السياسة" وهو الكتاب الذي تُرجم للعربية قبل...
علي حسين

قناديل: مع انعقاد معرض العراق الدولي للكتاب المنقذُ من ضوضاء العالم

 لطفية الدليمي نعيشُ في عصرنا الحالي وسط بيئة ضوضائية صار معها الكائن البشري يعاني -رغماُ عنه- شيزوفرينيا ضوضائية. الضوضاء تحيطنا كلّ آن وكلّ مكان. لا مهرب لنا من هذه البيئة الضوضائية حتى ونحنُ...
لطفية الدليمي

قناطر: يحدث في سوريا ما قد يحدث في العراق

طالب عبد العزيز أيئستَ من انتصار أهلك بغزة؟ أما زال قلبك يتفطرُ كلَّ يوم بسماع أخبارهم؟ أحزين على ما حدث بجنوب لبنان؟ أيمكنك أنْ تشيحَ بوجهك عمّا يحدث في سوريا؟ أمرعوبٌ بما قد يحدث...
طالب عبد العزيز

سكونية الثقافة وقلق الشعب والوطن

ياسين طه حافظ لا أُخفيكم اني أفكر بالتوقف عن الكتابة بعد ان ساء بصري حتى لم اعد ارى إلا بعسر. وحتى بتّ انتظر العملية او يوم إنقاذ ما تبقّى منه.. ولكن لسبب ربما هو...
ياسين طه حافظ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram