TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك: (ماء دجلة فـي تشرين)

هواء فـي شبك: (ماء دجلة فـي تشرين)

نشر في: 7 سبتمبر, 2010: 09:17 م

 عبدالله السكوتييمتاز ماء دجلة على كثير من مياه انهار العالم بعذوبته وصفائه، وقد اشار الشعراء قديما وحديثا الى هذه الميزة، ومن الشعراء القدامى ابو العلاء المعري، حين قدم بغداد فقال:كلفنا بالعراق ونحن شرخ فلم نلمم به الا كهولاشربنا ماء دجلة خير ماء وزرنا اشرف الشجر النخيلا
ومن الشعراء المحدثين، السيد محمد الهاشمي، فقد اطرى ماء دجلة واختص ماء تشرين من دون جميع اشهر السنة لامتيازه بصفائه وعذوبته وبرودته حيث قال:ماء دجلة ما شربناك الا لشفاء من الضنى والعذابان امواجك العذاب ارادت شنبا دار في الثنايا العذابوفي عذوبة ماء تشرين، يحكى ان احدهم من احدى دول الجوار العراقي، قدم الى بغداد في شهر تشرين الاول، فذهب الى شاطىء النهر، وكان (ظمآن) فغرف بيديه غرفة من ماء النهر وشرب حتى ارتوى، فاعجبته العذوبة والصفاء والبرودة، وتذكر انه لم يشرب في حياته ماء كهذا الماء! فاستكثره على العراقيين واسف على شربهم منه فقال:(حيفست عراق آب تشرين خورند)، ومعناه حسافة ان العراقيين يشربون ماء تشرين، وعلى هذا قال احد الشعراء:حسدوها حتى على الماء يروي اكبدا في الفلاة طال صداها الجميع يعلم ان العراق غني بثرواته الطبيعية، ولذا سمي بارض السواد، فقد كان يمثل الثقل الاكبر لخزائن الخلفاء وبيوت المال، وبعضهم يتندر هذه الايام من ان تسمية ارض السواد جاءت من واقع مرير مرّ عليه المؤرخون فوصف قسم منهم هذا البلد بالارض الملعونة وقالوا ان الارض تأكل ابناءها، متناسين التعددية التي يحياها العراق، ومحيطه الذي ظلت اطماعه التاريخية شاهدا يمكن ملاحظته من ادق التفاصيل، بغض النظر عن الكوارث والاوبئة والتي حصدت ارواح الملايين على مر التاريخ، تأتي الحروب التي احدثت خللا واضحا في بنية الشعب، اضف الى ذلك ان بعض مدنه تبدل سكانها عدة مرات خلال مراحل زمنية متقاربة، كل هذا جعل من العراق، بلدا زاخرا بالمشاكل والازمات وفي كثير من الاحيان الجوع وهو البلد الغني الذي طالما ذهبت خيراته للاخرين، ورحم الله الشاعر الكبير بدر شاكر السياب حين قال: (ما مرّ عام والعراق ليس فيه جوع)، وهو يعلم جيدا ان الجوع هو قرين الموت، وهذا ليس بسبب الارض او بسبب وجود بابل وهاروت وماروت، وانما هناك اسباب كثيرة، منها اننا ضعيفو الارتباط بوطننا برغم البكاء المستمر عليه، ومنها اننا نصنع طغاتنا ونجلس نعبدهم، واكثر الاسباب اننا نعتبر انفسنا اصحاب حضارة، ولذا جلسنا ننتظر ماتجود به علينا، هذا غير الاسباب الجغرافية التي فعلت فعلها من خلال الاحتلال المستمر، والتي تنتهي دوما بنهضة شعبية تسرقها الديكتاتوريات التي تكون الافكار الجذابة مادتها ومن ثم نحيا الانقلابات التي يدفع ثمنها الفقراء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram