من اجل مساعدة المحتاجين واللاجئين السوريين على حدود البلدان المتاخمة، قرر عدد من الفنانين السوريين، الذين هربوا من بلادهم، تهريب لوحاتهم الى لندن، واقامة معرض هناك، يخصص ريعه لمساعدة اولئك اللاجئين.
وقد وصلت تلك اللوحات المهربة من سوريا وهي في حالة سيئة: مجعدة ومتغضنة إثر طيها، ونقلها من مكان الى اخر، حتى وصلت الى (نور والي)، سورية مقيمة في انكلترا، تولت امر تنظيم المعرض.
وقالت والي: (كانت المهمة صعبة، وقد اختفى بعض الرسامين او لم يعد الاتصال بهم ناجحاً، لانهم لا يحملون هواتفهم، او فقدوا الاتصالات عبر (النت)، ومن يدري هل انهم مازالوا على قيد الحياة، ام انهم اختفوا بين ركام البيوت، بين عشرات الالوف من الذين قتلوا في الحرب الاهلية الجارية، منذ 20 شهراً.
ومن ناحية الاشراف على المعرض، كان الامر صعباً بالنسبة لنور والي، وكما تقول، (لم اعد اعرف مواقعهم فهي تتغير باستمرار).
وفي خلال الاسبوع الماضي، حيث كانت الاضواء مسلّطة تماماً على احداث غزة، افتتح معرض (الجمال المحطم)، ليقدم لمجالات حية ولاذعة قدمها الرسامون السوريون عن الفصل الاكثر دموية في الربيع العربي.
وتصور لوحات عزة ابو ربيع، متظاهرين يتحدون النظام ونساء محجبات، معتقلات ارغمن على الركوع في وضع مؤلم.
وقالت عزة عبر مكالمة هاتفية عبر سوريا، (لقد رسمت معاناتنا، وكان تأثري بالرسام (غويا) واضحاً، ولكن الاعمال ليست كافية، فقد بدأت بتقديم مساعدات انسانية للجيران الذين كانوا تحت الحصار).
وقد تم تهريب عمل عزة الى الخارج من قبل صديقاتها اللواتي نجحن في تفادي الحواجز المنتشرة في الشوارع، والوصول بالتالي الى بيروت.
واحدى اعمالها مهداة الى (باسل شهده) صحفي معروف ويكتب للسينما، قتل في حمص من قبل قناص تابع للقوات الحكومية، في شهر آذار الماضي.
وتعتبر عزة واحدة من الذين يؤلفون المشهد الفني السوري الجديد، في الاعوام الأخيرة، ولها العديد من الأعمال الفنية، اذ عرضت لوحاتها في باريس ولندن ودبي، ولكن قاعة (رافيا) التي تعتبر الافضل بالنسبة للاعمال الفنية قد اغلقت مؤخراً من قبل الحكومة السورية، وكانت الاكاديمية البريطانية قررت اقامة معرض للفن السوري، في عام 2013، ولكن الأمر تم تأجيله الى اجل آخر.
ويسيطر موضوع الانتفاضة السورية على كافة اعمال الفنانين ومنهم حامد سليمان، من زبداني، وتقدم هذه الاعمال صورة عن المعاناة الانسانية، ومن ابرزها لوحة حامد سليمان عن (حمزة الخطيب) صبي عذب حتى الموت واخرى عن الصحفية (ماري كولفن) من الصنداي تايمز، التي قتلت في شباط الماضي، وهي تغطي احداث حمص، وكان الرسام نفسه قد اعتقل عدة مرات، قبل هروبه اخيراً الى باريس.
ويتفق الرسامون ان تصوير المعاناة التي يتحملها السوريون، كان لابد منها، لانها فرضت نفسها عليهم، ولقد دفع اكثر من 35،000 سوري حياتهم حتى الآن في خلال هذه الانتفاضة.
ويتفق مع هؤلاء فنانون يعيشون في الخارج، اذ ان رسوماتهم تحولت موضوعاتها لتتناول ايضاً معاناة السوريين، وتحولت الوانهم البراقة الى الرمادي والأسود او الابيض.
وتؤكد عزّة ان المعرض السوري في لندن، ليس سياسياً وغير طائفي، اذ شارك فيه المسلم والمسيحي والارمني والكردي والفلسطيني، اما ريعه فسيذهب نصفه للفنانين والنصف الآخر لشراء الطعام والأدوية للاجئين عند الحدود.
عن الغارديان