اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عمودعالم آخر عدد(2617)

عمودعالم آخر عدد(2617)

نشر في: 9 أكتوبر, 2012: 07:59 م

رفسنجاني و"جوع الجمهورية"

 لم يعد الشيخ هاشمي رفسنجاني يلتقي المرشد علي خامنئي "سوى مرة واحدة في الشهر"، بعد ان كانت لديهما "خلوة اسبوعية" طيلة الاعوام العشرين الماضية. وايران تفقد ربع ثروتها، ومحنتها الاقتصادية بدأت تؤثر حتى على مكاتب الخطوط الجوية العراقية في طهران والتي صارت عاجزة عن بيع تذاكرها بسلاسة. والاصدقاء الايرانيون يقولون ان الاهالي هناك "يتزاحمون في الحوانيت ويخزنون الطعام والدواء خشية الحرب".
وقبل بضعة ايام كنت على فيسبوك جزءا من نقاش عراقي حول ازمة ايران، وانقسم جماعتنا بين من يتشفى بشماتة، ومن يعبر عن اسفه وحزنه. لقد شهدنا انهيار بلدنا بعد ان كان نموذجا متقدما نسبيا في بنيته التحتية وتنميته، والكثير من العراقيين لا يحبون ان يشهدوا انهيار بلد آخر في المنطقة، حقق تنمية معقولة وستكون حربه مكلفة لكل جيرانه.
صديق عراقي يريد ان يعود الى بغداد، يعجز منذ ايام عن حجز تذكرة عودة من مكتب الخطوط الجوية العراقية في طهران. يقول له الموظف: لا نعرف سعر التذكرة فالتومان ينهار كل لحظة! لقد فقد الايرانيون 20 في المئة من ثروتهم الاسبوع الماضي، والحكومة تحاول ان تقدم صيارفة بازار طهران بوصفهم "كبش فداء" قائلة ان سياساتها المتشددة والعقوبات الدولية لم تكن السبب في انهيار العملة، بل السبب هو "خيانة العملاء المتلاعبين بالاقتصاد".
عام 2009 كتب عطاء الله مهاجراني وزير الثقافة في عهد خاتمي، عن "موت الجمهورية" حين رأى قمع الباسيج لمظاهرات ايران المعترضة على اعادة انتخاب الرئيس احمدي نجاد. وبعد 3 اعوام نجد انفسنا نكتب عن "جوع الجمهورية".
نخبة التيار الاصلاحي كانت تريد منتصف التسعينات، نزع التوتر مع الغرب ومنع البلاد من الوصول الى هذه النقطة. لكن حسابات المرشد خامنئي كانت غير ذلك، فقد صمم على تشكيل "حكومة حرب" حين رأى صدام حسين يسقط بهذه الطريقة. ويبدو انه صمم على تطوير "استعدادات اكثر تشددا" حين رأى دراماتيكية الربيع العربي، فقطع ما تبقى من خيوط تفاهم مع الغرب.
الشيخ رفسنجاني الصديق السابق للمرشد خامنئي تحدث امام عدد كبير من اساتذة الجامعة في طهران الاثنين، مؤكدا ان علاقته مع المرشد لا تزال جيدة "كنت ألتقيه اسبوعيا، ولا زلت ألتقيه مرة في الشهر". لكن السلطات اعتقلت ابنته فائزة وشقيقه محمد مؤخرا، ولا يزال حلفاؤه مير حسين موسوي ومهدي كروبي رهن الاقامة الجبرية، ومعظم قادة تيار الاعتدال في سجن ايفين الشهير.
رفسنجاني تحدث عن "المتطرفين الذين هيمنوا على الحكومة، وتركوا الخبراء المعتدلين حبيسي منازلهم" في اخطر عملية اقصاء للنخبة الثورية شهدتها ايران بعد وصول احمدي نجاد للسلطة.
وبينما كان رفسنجاني يتحدث عن ضرورة العودة الى "رجال الدين المعتدلين، وخبراء الادارة، واساتذة الجامعات البارزين في تخصصاتهم" لاجراء مراجعة فورية لمسيرة النظام، كانت اوامر ادارية بالجملة تصدر في مختلف الجامعات لإحالة مئات الاساتذة على التقاعد، كما صرح السيد ظريفيان وكيل وزارة التعليم العالي في عهد خاتمي، قائلا "الجامعة تعيش جوا امنيا رهيبا، وكل استاذ ينتقد السياسات يتعرض للتنكيل".
والبازار لم يسلم من هذه السيطرة الامنية. فسوق طهران الممثل التاريخي لطبقة الاثرياء والتجار ورجال الاعمال، كان على الدوام سندا لرجال الدين ضد استبداد الحكومة، لكنه اليوم يقدم بوصفه "كبش فداء لسياسات النظام" ويجري تحميله مسؤولية انهيار العملة. السيد نجاد اعلن دخول حرس الثورة والاطلاعات الى السوق "لوأد الخيانة" حيث اعتقل اكثر من 30 من اكبر صيارفة ايران بتهمة التآمر.
رفسنجاني يتحدث بما يشبه جرس الانذار الاخير: ترميم الصف الوطني المشروخ، والاعتراف بالفشل السياسي هو الحل الوحيد ومن الضروري اعتماده فورا.
الاصدقاء الايرانيون الذين اتحدث إليهم يخشون ان قعقعة السلاح المتعالية في مدن العالم القديم، ستشوش على تحذير رفسنجاني من "جوع الجمهورية وموتها". ويخشون ان يبقى الاعتدال حبيس الاقامة الجبرية بينما تترك السياسات الخطيرة لفريق ثوري متحمس يريد ان يقدم واحدا من اجمل شعوب الشرق الاوسط، كقربان لحلم بناء امبراطورية مستحيلة، وهو قربان لن يكون العراق بمعزل عن النار التي تلتهمه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أبو رامي

    شرّ البلية ما يًضحك

يحدث الآن

اليوم ..خمس مباريات في انطلاق الجولة الـ 36 لدوري نجوم العراق

بدء التصويت في انتخابات فرنسا التشريعية

"واتساب" يختبر ميزة جديدة عند الفشل بارسال الصور والفيديوهات

تطوير لقاحات جديدة للقضاء على الحصبة نهائياً

الأونروا: سكان غزة فقدوا كل مقومات الحياة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram