TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دكتاتورية الإسلام السياسي

دكتاتورية الإسلام السياسي

نشر في: 27 نوفمبر, 2012: 08:00 م

قبل أن يسخن المقعد الرئاسي تحت الرئيس الإخواني محمد مرسي، كشفت جماعته الستار عن شخصيتها الحقيقية، وهي الدكتاتورية التي لا تحترم الشرعية والديمقراطية والرأي الآخر، وكل ذلك تحت يافطات دينية بحتة، تزعم أنها تستمد قوتها من شرع الله، الذي يحرم الخروج على ولي الأمر، وهو ما يشكل انقلاباً ضد كل التيارات المدنية، سواء وقفت خلفهم في معركة الرئاسة، أو التزمت الحياد، وبما ينفي الفكرة البائسة عن إمكانية انقلاب مضاد، لثني الاخوان عن الاعتداء على كل الأسس الديمقراطية، التي أوصلتهم إلى السلطة.
الإعلان الدستوري المكمل، الذي ابتدعه مرسي، أو من يسيّره، يوازي في خطورة تداعياته أحداث إطاحة مبارك، فالرئيس الإخواني أمسك بالسلطة من كل أطرافها، القضائية والتنفيذية والتشريعية والعسكرية، وهو يقوم بخطوته الخطيرة، معتمداً على تأييد غربي، حصل عليه بجدارة بعد تدخله في تهدئة الوضع في غزة، وما يقال عن منعه اجتياحها برياً، بحكم تبعية حماس للتنظيم الإخواني الدولي، ما يعني ارتباطاً بين إمارة غزة، وإمبراطورية الاخوان بقيادتها المصرية.
في مصر اليوم دكتاتورية، أقسى من كل ما مر بالمحروسة على يد حكم العسكر، فقرارات الرئيس وإجراءاته وتشريعاته، محصنة من النقض والطعن والاعتراض، وهي تصدر بغياب البرلمان، ولم يعد لدى القضاء غير سلطة التصفيق لها، بعد أن اختُزلت الدولة في شخص مرسي، المنتظر لإقرار دستور جديد للبلاد، على يد جمعية باتت حكراً على الجماعة والسلفيين، بعد أن غادرتها الأحزاب والقوى المدنية، واستقال من عضويتها كتاب ومثقفون، وقاطعتها الكنائس الثلاث، ولم يبق على مقاعدها سوى ممثلي الإسلام السياسي، وهم وحدهم من سيضع دستور مصر ما بعد الثورة التي أطاحت مبارك، والسؤال هو أي دستور سيصدر عن هؤلاء، وماذا بقي من الثورة التي يجري اليوم اختزالها وتكييفها على مقاس فريق لم يصنعها، ولم يفجرها، لكنه استطاع اقتناصها وسرقة جهود من قاموا بها فعلاً .
الإخوان المصريون يلعبون بتذاك لا ينطلي حتى على البسطاء، فهم أعدوا لخطواتهم التي نراها اليوم، حين نفذوا انقلاباً شاملاً في مختلف مؤسسات الإعلام القومي، ووضعوا على رأسها رجالاتهم وأعوانهم، وظلوا مع ذلك يتشدقون بالحديث عن التعددية، والدولة المدنية التي يروجون لها، وثبت قطعياً أنها لن تكون غير دولة الإخوان والسلفيين، أي دولة اللون الواحد، دولة الحاكم بأمره، وهم اليوم وبعد أن اختطفوا الثورة التي بدأت من دونهم، يسعون إلى اختطاف الدولة، التي يريدون بناءها على صورتهم وشاكلتهم.
الشارع المصري لن يسكت، حتى تتمكن دكتاتورية الإخوان من الإنفراد بالحكم، والواضح أن المعارضة ليست مقصورة على القوى السياسية المعارضة للرئيس مرسي، لكنها تمتد لتشمل تيارات وقوى كانت دعمته بشدة في الانتخابات الرئاسية، حيث يدرك الجميع اليوم، أن النص المطاط والعمومي للإعلان الدستوري المكمل، سيكون مفتاحاً لدكتاتورية مطلقة، خاصة مع تدعيمها بالخطاب الإسلاموي الذي يستخدمه الأخوان، وكذلك وجود الأدوات التنفيذية الممثلة في المؤسسات التابعة للدولة. والمأمول اليوم أن تتمكن ردة الفعل الشعبية والسياسية، الرافضة لقرار الرئيس من دفعه للعودة عنه، لأن الجميع يعرف بأن الشعب المصري الذي نزل إلى ميدان التحرير، لمواجهة نظام بوليسي قمعي ودفع ثمناً كبيراً، وجابه المجلس العسكري، بكل ما يملكه من قوة، لن يقف مكتوف الأيدي، في مواجهة عملية استئثار واضحة للسلطة المطلقة، من قبل الرئيس الاخواني، حتى لو كان منتخبا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram