اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المعرفة : الثروة غير الناضبة

المعرفة : الثروة غير الناضبة

نشر في: 14 سبتمبر, 2010: 04:50 م

د. مهدي صالح دوّايبين ثورة تكنولوجية وأخرى تدحض آراء العالم (مالثوس) التشاؤمية حول اتساع الفجوة بين الحاجات والموارد ، لتأتي تلك الثورات بالمزيد من الموارد القادرة على إشباع تلك الحاجات ، فطوال قرون مضت كانت الموارد مادية (عينية)
 تتمثل بالمصادر الريعية ( ماتحويه الطبيعة من خيرات على سطحها وفي باطنها ) ، ومصادر رأسمالية (كل ما يقوم الإنسان بتصنيعه ليدخل في صناعات استهلاكية نهائية ) ، وهكذا دخل الإنسان بوابات الحضارة متصارعا بقواه الجسدية والعقلية مع الطبيعة   وفي ما بينه، لينال ما يظنه قادرا على بقائه .وعلى أساس هذا النهج المأساوي (في أغلبه)، صيغت دساتير الدول لتجنب مآسي الصراعات الدولية ذات الوازع الاقتصادي، فعالم  مابعد الحرب العالمية الثانية كان ميّالا للبحث عن بدائل أكثر سلمية للتعاطي مع فجوة الموارد، وبأقل المشاكل الممكنة، والى هذا الحد أصبحت قسمة العمل الدولية وكأنها أمراً لا مفر منه لصالح مجموعة الدول الصناعية ذات التاريخ الاستعماري المعروف، فمادام الاقتصاد يتمحور حول ثروات ناضبة، فإن المبررات قائمة لإبقاء كل شيء على حاله  ضمن مفاهيم المركز والأطراف، وسياسة العوالم الثلاث (أحد تصنيفات أدبيات التنمية - دول صناعية وشبه صناعية ونامية متخلفة)، إلى أن حدثت ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، تلك الثورة التي جاءت بنتائج سريعة تبدّلت من خلالها العديد من الفرضيات والنظريات والستراتجيات التي تعاطت مع الاقتصاد ،على انه علم دراسة الندرة انطلاقاً  من فجوة مالثوس المرعبة. إنها ثورة المعلومات غير الناضبة، التي حوّلت الاقتصاد التقليدي من حالة الكآبة التي يوصف بها كونه يقوم على فلسفة الموارد النادرة إلى اقتصاد المعلومات الثوري، الذي يتحدى كل ماجاء به الماضي من إشكاليات، وأول ماتجسدت تطبيقات هذا الاقتصاد كانت في قطاع الأعمال، إذ تحوّل مصدر السلطة – للمرة الأولى -  من القمة إلى القاعدة، أي التفكير بالإدارة أصبح بلغة المشروع وليس بلغة سيطرة التسلسل الهرمي، وهذا التحوّل كان مثيراً بقدر ما كان التغير مثيرا في ظل الثورة الصناعية منتصف القرن الثامن عشر.فإذا كانت تلك الثورة قد حوّلت خط الإنتاج من العمل إلى رأس المال، فإن الحاسوب يحوّل الآن عامل الإنتاج المهم من رأس المال إلى المعرفة، وهنا يكمن مبدأ اقتصادي في غاية الأهمية ، يتمثل في أن المعرفة تختلف، لأن التكلفة الحدية لنشرها تافهة، وان قيمتها تزداد عند المشاركة بها ، جاعلة التعاون مفيداً لكل الأطراف، وعن طريق هذه الحقيقة، فإن كل الحلفاء يستفيدون لأنهم يقدمون ميزة تنافسية. إذن نحن أمام مورد غير ناضب بإمكانه أن يعيد رسم خارطة التحالفات الدولية باتجاهات أخرى، وفقاً لمدى استثمار المورد المعرفي  وتوظيفه لتحقيق المكاسب والقيم المضافة، وتكمن خطورة هذا المورد من تعدد خصائصه، إذ تطرّق الخبراء إلى العديد من المزايا التي يؤمنها مجتمع المعلومات،  ومن أمثلتها :1. إن المعرفة هي أكثر الأصول ستراتيجية في المنشأة، ومصدر كل الإبداع والابتكار والتقدم الاجتماعي، أي المورد الذي لاينضب.2. في ظل مجتمع المعلومات نلمس اتجاهاً نحو التعاون، لأن منافع التحالفات قد اكتشفتها المنظمات الكبيرة والصغيرة، الشركاء والمتنافسون، الخاص والحكومي، المحلي والأجنبي، وتحقق هذه التحالفات انفجاراً في المعلومات من خلال تحرر الطاقة الكامنة للمشروع الحر.3. بعكس المواد الأولية، فإن المعرفة لا يمكن أن تستنفد، فكلما توزع المعلومات أكثر، تخلق أكثر منها، وهذا عامل مهم يتحدى عامل الندرة الذي تقوم عليه المشكلة الاقتصادية .4. للمرة الأولى بفعل ثورة المعلومات، فإن المعرفة أصبحت الجهة الأولى (سلم الأولويات) في معظم المجتمعات .5. قبل الثورة الحالية كان العالم أسيراً للحدود المادية، بينما أصبحت الآن الحدود الجديدة تتمثل بذكائنا وبراعتنا وخيالنا ، وهو مايبشر بتغيرات وشيكة على الحدوث سوف تختبر قدراتنا على نحو أفضل .من هنا لابد من الإدراك بأن خطوط الشروع لعالم مابعد الصناعة سوف تنطلق من البناء المعرفي، بمعنى آخر من رأس المال البشري، فالثروات الريعية وعوامل الميزات المطلقة والنسبية سيقل شأنها أمام عوائد الميزة التنافسية للاقتصاد المعرفي .فالملاحظ إن مؤسسات الاقتصاد المعولم بدأت بإعادة الهيكلة والهندسة والإصلاح وفقاً لمتطلبات المرحلة الجديدة، التي يتوقع أن يزداد النمو فيها عشرات المرات، وبات استخدام شبكة المعلومات الدولية رهاناً للشركات في كسب المعلومات وتحليلها واستثمارها مهما يكون مصدرها المكاني والزماني. لقد بدأ العالم يتطرق إلى مايعرف بالبنية التحتية الذكية، فحسب الدراسات المتخصصة زادت قيمة مختلف أصول المعرفة من 38% من أصول قطاع الأعمال عام 1982 إلى 72% عام 1992 ، والى مايقرب من80% حالياً، وترتكز البنية التحتية الذكية إلى تعليم يفوق التعلم التنظيمي، ليصل إلى تعلّم نظام أعمال كامل لإنتاج ذكاء تنظيمي كمعادل أعلى من الذكاء الإنساني. فثروة المعرفة لا تتجسد بكم المعلومات الهائلة الت

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram