اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل نحتاج العلمانية

هل نحتاج العلمانية

نشر في: 14 سبتمبر, 2010: 04:52 م

إيمان محسن جاسمالحديث عن العلمانية ومستقبلها في العراق، حديث يحتاج إلى طرح جملة من الأسئلة، والإجابة عليها ومن خلال هذه الإجابات يمكننا الوصول لمقاربات تقودنا لفهم واقعنا الذي بدأ يبحث وسط تراكمات الفشل السياسي عن أيدلوجية بإمكانها أن تنتشله من الواقع الذي يعيشه .
أول هذه الأسئلة  هل نمتلك أحزاباً علمانية بمعنى الكلمة قادرة على كسب ثقة الناخبين ؟ لأن عملية ارتقاء سدة الحكم في العراق الآن تعتمد على الناخب بالدرجة الأولى والأخيرة، وبالتالي فإن هذا يحتاج لترسيخ قناعات ثابتة لدى الناخب العراقي من إن الأحزاب العلمانية بإمكانها قيادة البلد بالشكل الذي يطمح إليه المواطن . الواقع يقول بأن أحزابنا العلمانية لا تمتلك هذه الأرضية ولا هذه الشعبية على الأقل في الوقت الراهن لأسباب عديدة في مقدمتها الأنظمة والقوانين الانتخابية التي سلبت حق الأحزاب الصغيرة وأغلبها ليبرالية - علمانية – إن صح التعبير – من أن تحظى بتمثيلها البرلماني ، خاصة أن مؤيدي هذه الأحزاب لا يتمركزون في دائرة انتخابية واحدة بل هم منتشرون في عموم العراق وبالتالي فإن أصواتهم تهدر لعدم وصولها للعتبة الانتخابية وهذه من مساوئ النظام الانتخابي في العراق .الشيء الآخر والمهم جداً هو إن هذه الأحزاب لا تمتلك الدعم المادي ووسائل الإعلام التي تمكنها من الترويج لأفكارها وصناعة رأي عام يساندها في حملاتها الانتخابية بل إن بعضها يفتقد حتى المقرات أو الصحف الخاصة به  وسط اكتساح الأحزاب الدينية والقومية للفضاء الإعلامي في العراق وعموم المنطقة العربية .  النقطة الثالثة وهي الأكثر أهمية باعتقادي تكمن في عدم بروز زعامات علمانية من شأنها أن تحظى بتأييد الشارع العراقي ، وحتى وإن وجدت هذه الزعامات إلا إنها انصهرت في النخب السياسية العراقية الموجودة حالياً وأصبحت جزءاً من كتل وائتلافات غير متجانسة وأضاعت هويتها الأيدلوجية بشكل أو بآخر .السؤال الثاني الذي يطرح نفسه بقوة هو هل نحتاج العلمانية ؟ يبدو السؤال أشبه ما يكون  بالبحث عن خيارات الإنقاذ بعد أن اكتسحت الأحزاب الدينية انتخابات 2005 كأمر واقع فرضته ظروف العراق آنذاك من جهة، ومن جهة أخرى إن بديل النظم الشمولية بعد سقوطها هي الأحزاب الدينية كمرحلة انتقالية أولى بحكم انها قادرة على سد الفراغ الذي ينجم من سقوط النظم الشمولية .فيما وجدنا تراجعاً كبيراً في انتخابات 2010 للأحزاب الدينية إلا من تمكنت من التخلي عن الشعارات الدينية وطرحت برنامجها السياسي وفق رؤية جديدة تنسجم وتطلعات الشعب في هذا المكان أو ذاك ، في محاولة تبدو صائبة بعض الشيء في تكوين أيدلوجية تخلط ما بين الإسلام وطروحات العلمانية والحداثة بعيداً عن ذلك الصراع الأزلي ما بين الإسلام والعلمانية ،وبرزت هذه الأحزاب على إنها أحزاب سياسية وليست دينية .ونجد هنا أن المجتمع العراقي بصورة عامة رغم كونه مجتمعاً متديناً إلا انه يميل إلى عملية فصل الدين عن الدولة، هذا الفصل الذي من شأنه أن يحفظ للدولة هيبتها ونظامها وسلطتها القانونية، وبالمقابل يمنح الدين قدسيته وروحيته ومهمته الأساسية في بناء المجتمع وفق المبادئ والقيم السليمة، وبالتالي فإن المجتمع العراقي يريد دولة علمانية حتى وان شكلت حكومتها أحزاب دينية في مرحلة من مراحلها .إذن حين نطرح العلمانية في هذا الوقت إنما نحن نبحث عن حلول لبعض مشاكلنا السياسية وحتى الاقتصادية وعلينا أن نلغي من ذاكرتنا بأن ثمة تعارضاً أو تقاطعاً بين لعلمانية والإسلام ولنا في التجربة التركية خير دليل على ذلك،تركيا العلمانية وتركيا المسلمة لا تعارض في هذا ، فالشعب التركي مسلم ، وأحزابه الدينية وصلت سدة الحكم وحافظت على علمانية تركيا بطريقة أبهرت أوروبا ذاتها وأمريكا بدليل نجاح الاستفتاء الأخير حول التعديلات الدستورية في تركيا مما يعزز من فرص حزب العدالة والتنمية الإسلامي بزعامة اوردغان من الفوز في الانتخابات القادمة.ونحن هنا لا نريد نقل التجربة التركية أو غيرها من التجارب المشابهة لأننا يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار ظروف كل بلد ومجتمع عن الآخر رغم وجود قواسم مشتركة كثيرة بين تركيا وبلداننا العربية والإسلامية،فيمكن اعتبار "التجربة التركية" من منظور علماني أو منظور إسلامي، مصدراً لاستخلاص كثير من النتائج الصالحة، ليس للتقليد المحض فهو مستحيل بالتأكيد ، إنّما لتحديد معالم كبرى لأرضية الأسس والقواعد السارية المفعول في تلك البلدان أيضاً.وتركيا كما يعرف الجميع مرت بمراحل عديدة بعد نهاية الدولة العثمانية ، مرت بالدولة الأتاتوركية ، وحكم العسكر والانقلابات المتعددة حتى وصلت لما وصلت اليه الآن من نموذج ربما يكون الأحدث في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي . والعراق بلد متعدد القوميات ومتعدد الديانات وبلد عريق سياسياً بحكم وجود أحزاب منذ مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي،منها أحزاب قومية وأخرى ليبرالية وعلمانية ودينية وبالتالي فإ الخلفية الفكرية والسياسية العراقية لا تحبذ أقصى اليمين أو أقصى اليسار بقدر ما تبحث عن حلول أخرى أكثر نجاعة من المتوفرة الآن في الساحة السياسية العراقية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram