TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: ماذا لو تمكن من تقليد " يوسف وهبي "؟

العمود الثامن: ماذا لو تمكن من تقليد " يوسف وهبي "؟

نشر في: 14 سبتمبر, 2010: 05:18 م

علي حسين" لااعرف التمثيل " مقالة نادرة كتبها الفنان الراحل سليم البصري  في نهاية السبعينيات ونشرتها مجلة الاذاعة والتلفزيون وفيها يجيب على  سؤال عن فهمه  لفن التمثيل فيقول:  "عندما قررت ان اكون ممثلا لم يكن امامي من نموذج  اقلده سوى الفنان يوسف وهبي  ولهذا ما ان عرفت ان احدى الفرق المسرحية تنوي عام  1942تقديم  مسرحية  الصحراء،
 تقدمت وطلبت ان امثل دور يوسف وهبي بالذات ومن يومها اكتشفت ان ما قمت به لم يكن تمثيلا  وانني لااعرف ماهو التمثيل " ويضيف  " انا مدين بمكانتي وشهرتي لممثل عظيم هو يوسف وهبي لانني لم استطع تقليده".عندما تقدم الرجل النحيل بكتفيه الهزيلتين  بعد ذلك بسنوات  الى التلفزيون لم يكن يحلم في  ان يصبح النجم الاول،فقد كانت النجومية تعني خشونة في الصوت ووسامة وشبابا، او ان تكون  نسخة من يوسف وهبي، لكن صاحبنا الذي جاء الى التمثيل من كلية الاداب، كان  أقرب إلى وجوه موظفي  السكك،. لا وسامة ولا صنعة تراجيدية  تجعل من "حقي الشبلي" يسعى اليه ويضمه الى فرقته. الا ان  الممثل  النحيل، الباسم اذهل المشاهد  بتلقائيته التي كانت تخفي وراءها  طاقة تمثيلية هائلة، فقد قرر ان يكون سليم البصري لاغير. لا أقل قليلا ولا أكثر كثيرا.وقرر ايضا ان ينسينا نحن المتفرجين    اننا نجلس أمام التلفزيون، فاخذنا  لنجلس  معه،يتحدث فننصت اليه، يحرك يده فتذهب انظارنا  باتجاهها، يضحك فتنطلق ضحكاتنا مجلجلة، ينهض فنستعد  للذهاب معه. لم يكن مفاجئا على الإطلاق أن يصبح الرجل بين ليلة وضحاها اشهر مواطن عراقي. فأنت لا تعرف إن كان  الرجل الذي ظهر على الشاشه هو سليم البصري ام الحاج راضي فقد لبسه الدور ولم يعد ثمة مكان لحياة اخرى، فاثبت لنا ان زمن الخطابية والتشخيص  قد ولى وان التمثيل يجب ان يكون شبيها بالحياة، خاليا من التكليف. يكتب شيخ الطريقة ستانسلافسكي موصيا ممثليه: " اذا اردت ان تكون ممثلا موهوبا عليك ان تكون جميلا في ادائك فكل شيء حتى ابسط الأشياء التي يستطيع كثير من الممثلين القيام بها تحتاج الى موهبة حقيقية، ولهذا السبب يشيح الناس بوجوههم عن الممثل الذي يخوض  صراعا يائسا مع غياب الموهبة ".تذكرت سحر سليم البصري وانا اشاهد كماً هائلا من الممثلين فاقدي القدرة على الادهاش يخوضون على الشاشة صراعا مع الموهبة، صراعا يقودنا نحن المتفرجين في النهاية الى ان نضغط  على زر الريمونت لنهرب بعيدا. مع مسلسلات فاقدة اللون والطعم  نكتشف كم كان سليم البصري متميزا، نستعيد ضحكته  المجلجلة والصوت الدافئ الذي ينعش القلوب.. نقرأ الفاتحة، سائلين الله أن يرحمه ويرحمنا، فقد حاصرتنا جيوش التفاهة والسخف والابتذال.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram