إنعام عودة تعمل الدول ذات الأنظمة السياسية والقانونية المتطورة على وضع الحواجز والقواعد الاساسية التي لا يمكن تجاوزها والتي تحول بين انحراف وتسول الصغار لأنها أي هذه الدول تدرك الاثر العام الذي ينعكس سلباً على كافة شرائح المجتمع مستقبلاً جراء انحراف هؤلاء الصغار ولأن ذلك يعد اشبه بالعدوى أو الفايروسات التي اذا ما تركت ولم تعالج فإنها تنتشر انتشار النار في الهشيم وتصيب عموم طوائف المجتمع..
وقد أجرى الكثير من الباحثين الدراسات بهذا الخصوص فاتضح لهم ان ظاهرة التسول وانحراف السلوك تكثر في المجتمعات الفقيرة والدول ذات النظام الاقتصادي البسيط وانها وليدة البطالة والطلاق وضغط الظروف الاجتماعية وقلة الدعم المقدم من قبل الدولة الى ابناء المجتمع ما ينعكس سلباً على وجود مثل هذه الجرائم وتشكل حاضنة لهؤلاء الصغار حيث توقعهم في شراك الأخطار والجرائم... كما أن ظاهرة الفساد الاداري والمالي تؤثر هي الاخرى على وجود هذه الظاهرة، التي لم يعد بوسع الدول السيطرة عليها أو تلافيها لما للفساد (المالي أو الاداري) من قدرة على خلق حالة البؤس والجوع والضياع، والتي تلقي بظلالها على الطبقات الفقيرة من الشعوب وتحويل المجتمعات الى (طبقية) يبتعد بعضها عن البعض الآخر. وظاهرة التسول والتشرد من أكثر المؤثرات على المجتمعات لأنها تتعلق باللبنات الاولى والارتكاز الاساس الذي يقوم عليه البنيان الكبير والعالي المستقبلي. وقد بين قانون رعاية الاحداث الفرق بين التسول والانحراف ان التسول هو قيام الصغير باصطناع العاهات للحصول على عطف الناس وقيامهم ببيع الحلوى لنيل (الاستجداء المبطن). أما انحراف السلوك فهو قيام الصغير بممارسة لعب القمار في الاماكن المشبوهة او خروجه على السلطة الابوية أو ممارسة صبغ الاحذية في الاماكن العامة.ولا شك في إن المراحل الاولى من عمر الانسان تشكل القاعدة والمرتكز الذي تقوم عليه حياته المستقبلية وخصوصاً (الاسرة) التي اذا كانت ذات طابع ايجابي فان الصغير سيتأثر بها ويكون صالحاً وبالعكس ، ولأن الصغير ،كما هو معروف، أداة (طيّعة التحويل) قابلاً للتمحور حسب ما يريده الوالدان، ويقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (..يولد الطفل على الفطرة فأبواه يهودانه او ينصرانه ...) ولكن المشكلة تظهر اذا كان الابوان لا يمتلكان الادوات اللازمة للتربية الصحيحة لان (فاقد الشيء لا يعطيه) كما ان للمدرسة الاثر الآخر في توجيه حياة الصغار ومنعهم من الوقوع في براثن الجريمة حيث يلعب المدرسون والمعلمون من ذوي الخبرة والاختصاص دورا مهما في صنع الشخصية الحقيقية للصغار ورسم الطريق الصحيح لها، ولكن المشكلة تظهر حين يرغم بعض الآباء ابناءهم على ترك الدراسة والتوجه الى السوق للعمل في (الحدادة، والنجارة وتصليح السيارات) ما يؤدي الى احتكاكهم بالنماذج السيئة التي تشكل (بؤراً) للانحراف والاصطياد (في الماء العكر) حيث يسحبون هؤلاء الصغار الى (الرذيلة) والجريمة والانحراف، وهذا يشكل بالتالي جزءا من شخصيتهم الحقيقية المستقبلية.. وهناك قانون آخر يمكن أن يكون عوناً لإنهاء هذه المعاناة هو قانون الرعاية الاجتماعية الذي يمكن من خلاله توفير فرص العيش الى عوائل هؤلاء الصغار، والقضاء بالتالي على ظاهرة التسول وانحراف السلوك الخطرة.
صح النوم!!! ..جنوح الصغار وقانون رعاية الأحداث
نشر في: 14 سبتمبر, 2010: 05:21 م