TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الفوضى سيدة الموقف !

الفوضى سيدة الموقف !

نشر في: 27 نوفمبر, 2012: 08:00 م

من تابع مناظرة تلفزيونية بين مسؤولين ، أحدهما عضو مجلس محافظة بغداد والثاني من أمانة بغداد ،يكتشف دون عناء مستوى الفوضى في العلاقات بين مؤسسات الدولة ، فأموال الأمانة من ميزانية مجلس المحافظة في الوقت الذي لاسلطة للمجلس على الأمانة في أعمالها الخدمية ، ومهمة مندوب المجلس في الأمانة هي الموافقة على عقود الشركات ..مشاريع الأمانة مؤجلة أو معرقلة بسبب عدم التنسيق مع بقية الوزارات التي تصطدم مشاريعها مع مواقع لتلك الوزارات أو شواغل لها ، وبالتالي كانت النتيجة أن بغداد غرقت منذ المطرة الأولى ،والتبريرات جاهزة ولا أعتقد أن من شاهد تلك المناظرة التلفزيونية قد اقتنع بها ،بل ربما ابتسم بمرارة من حال الطريقة التي تعمل بها مؤسسات الدولة !
هذه الحالة أنموذجاً  
 وهناك الكثير من الأدلة على مثل هذه الفوضى التي أنتجت لنا في النهاية مؤسسات عاجزة عن تقديم أبسط الخدمات للمواطنين لأنها غير قادرة على وضع برامج آنية ومستقبلية بالتنسيق مع مؤسسات أخرى تتداخل معها في العمل أو تكون مكملة له أو مساعدة .
ولا أحد يدري ماتفعله اجتماعات مجلس الوزراء إذا كان التنسيق معدوما إلى هذه الدرجة  ،والمفترض أن تعرض المشاريع في الاجتماعات وتؤخذ ملاحظات بقية الوزارات ذات العلاقة أو المكملة ، لكن ربما شيء من هذا القبيل  لم يحصل !!
فوضى العلاقات شملت أيضا أهم قطاعين وهما النفط والكهرباء وقد تابعنا الاتهامات المتبادلة بين الوزارتين وهما تجهدان نفسيهما لرفع المسؤولية عن كاهلهما والتملص من المسؤولية كاملة عن تصاعد وتائر أزمة الطاقة الكهربائية في البلاد التي أصابت الحياة بشلل شبه كامل !!
المواطن غير معنيّ بهذه الفوضى المستشرية في جسد الدولة ، لكنه يدفع ثمنها من استمرار الأزمات وتصاعد وتائرها وتوالدها المتسارع ، ليس على مستوى الخدمات وإنما على مستوى المشهد السياسي الذي يتسم هو الآخر بالفوضى العجيبة والأكثر خطرا لأنها فوضى تتعلق بمستقبل الوطن والشعب معا !
هل هناك أي مخرج من دوامة الفوضى هذه والانطلاق إلى عالم البرمجة والتخطيط والتنسيق ؟
سؤال مطروح أمام الجميع ،لكننا نعتقد أن بقاء الأدوات نفسها ، الأدوات غير الكفوءة وغير النزيهة بل وغير المكترثة ، وعشّشة أصحاب وثقافة الفرصة في كل مؤسسات الدولة لن يقودنا إلا إلى المزيد من الفوضى وانعدام الخدمات والتخبطات السياسية في كل مجالاتها ، بمن في ذلك  الحلفاء أنفسهم ، ولن نجد أنفسنا إلا أمام المزيد من الأزمات والإحباطات والسير في الطرق المسدودة والعودة دائما إلى المربع الأول ، لأن المقدمات الخاطئة تقود دائما إلى نتائج خاطئة والدليل  اللوحة العراقية بكل تلاوينها ومكوناتها !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. منذر الموسوي

    قيل قديما كثرة الملاليح تغرق السفينه وقيل ايضا(كثيرالكلام بيه شترة)اي غلطه وكلكم يعرف كم من الاصوات لاتسمع في سوق الصفافير من كثرة الضوضاء والفوضى بقي ان نختار اي من هذه الامثال يطابق مااشار لهم الكاتب الكريم في كتابته على الحيطان

  2. كاطع جواد

    من يقود السفينة العراقية هم اناس غير أكفاء جاءت بهم المحاصصة خاصة في مجال الخدمات كأمانة العاصمة وقطاع النفط والكهرباء هذا اذا استثنينا الفساد المالي فهؤلاء لا يصلحوا الا للمناكفات والكلام الفارغ لجعل المواطن حائر تائه لا يدري من هو الصالح ومن هوالطالح وب

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram