عبدالله السكوتي لا اعرف الى اي مدى بعيد تعود علاقتي بحميد الفهد، الى ايام السعدون في منتصف السبعينيات؟ ام الى المقاهي الشعبية التي كانت مضطربة نتيجة مضايقات السلطات آنذاك، ام الى ايام شارع فلسطين في مناسبات خاصة كان متحدثها الرئيس احميد الفهد،
في يوم من ايام تلك الحقبة اتصل بي هاتفيا احد افراد عائلته، يخبرني ان احميد الفهد تعرض الى مشكلة كان سببها لسانه السليط طبعا، خففت مسرعا الى بيته، لأفاجأ بأن احميد اقتيد الى الفرقة الحزبية هناك، وكنت قد انتقلت الى دار اخرى، في منطقة تبعد عن دار احميد الفهد، وحينها طرق بابي عدة مرات للحضور الى الفرقة الحزبية في منطقتي الجديدة، انقذني من هذه المصيبة احد الرجال الشرفاء بعد ان زكاني امام رفيق ابراهيم، ولذا (كنت كالاعمى الذي جلب ابشباج الكاظم)، وذهبت اليه بشأن احميد الفهد، طبعا الرجل قريب رفيق ابراهيم وامره ان يطلق سراح احميد الفهد، اتصل رفيق ابراهيم، وذهبت الى الفرقة لاستقبل احميد الفهد هناك، وفي باب الفرقة الحزبية وقبل ان يجتاز الباب الرئيس اطلق احميد الفهد كلماته التي كانت سببا في عودته ثانية للفرقة حيث قال مخاطبا الحرس:(يوم او يصير الوكت لينه، او نضحك على الضحكوا علينه). في تلك الفترة من الزمن كان العراقي يراقب شفتيه ويأمر لسانه قبل يوم، لئلا يطلق كلمة هنا او هناك، وكثيرا ما سمعنا النوادر التي تحكي، قصة كلب يعيش في العراق، هرب ليلتقي كلبا يسير بعكس اتجاهه، اي انه يريد دخول العراق من الحدود الاردنية، فقال له:الى اين تذهب؟ ولماذا تترك هذه الارض الطيبة التي تحتوي على انواع اللحوم؟ فرد كلبنا الهارب من حكم صدام:(اريد ان انبح)، هذا المسكين سئم الصمت حينذاك، واراد ان يطلق لسانه من حبسه المؤبد؛ لكن الان وبعد التغيير صار الكلام مباحا، تتكلم عما تريد وتقول شهرزاد ماتريد من كلام، الصحف مليئة بالـ(....)، عفوا بالسباب والشتائم، والمحاكم تعمل، والمحامون حولوا جهودهم نحو الاعلام والاعلاميين، ومع هذا مازالت بعض الجهات تصادر حق الاخرين بالكلام تحت مسميات متعددة، وايديولوجيات متعددة أيضاً، اذ ما يزال المرء يتنفس هواء الحرية، واحترام الكلمة حتى تظهر له مجموعة من المتخلفين وقد اطلقت على نفسها تسمية معينة، لتصادر حقوق الكلام التي اباحها الشرع والانسان والله وحتى بعض الطغاة لتجميل صورهم في احيان كثيرة، وسبق لنا ان تكلمنا عن جيش العيارين الذي فرضه ظرف الامين بن هارون الرشيد، حين رأى ضعف قواته مقابل قوات المأمون التي تشكلت في بلاد فارس، وبعد انكسار الامين لم ينته جيش العيارين انما ولد من رحمه الكثير من الجيوش، وهذا بسبب الفقر والمجاعات التي تكون ذريعة لاشهار السيوف والقتال، لانشغال السلطات بجباية الاموال وازهاق ارواح الناس بالضرائب. ما يحدث الان يشبه ما حدث بالامس البعيد فجيش العيارين يرتدي صورا متعددة، مرة جند السماء واخرى كذا واخيرا جيش السيافين الذي ظهر في محافظة الناصرية، هؤلاء يخرجون بعد منتصف الليل ليقطعوا الرقاب، وربما قطعوا الالسن كما فعل فدائيو صدام، وهذا من ذاك والفرق فقط بالتسميات، ولننتظر ونرى ما تخرج من جيوش فهناك جبش محمد، وجند الاسلام ودولة العراق، وتطول القائمة، لاننا نمر بمرحلة غياب الوعي والعودة الى الجاهلية، وما يؤكد ذلك اننا نستخدم السيوف بعد آلاف السنين.
هواء فـي شبك :(يوم ويصير الوكت لينه، ونضحك على الضحكوا علينه)
نشر في: 14 سبتمبر, 2010: 08:41 م