TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فــــارزة :تهريب التوراة

فــــارزة :تهريب التوراة

نشر في: 14 سبتمبر, 2010: 08:46 م

 نزار عبد الستاريتحرك العراق دوليا باتجاه استعادة نسخة نادرة من التوراة جرى تهريبها إلى إسرائيل وقام مركز أحفاد يهود بابل مؤخرا بعرضها للجمهور في احتفال رسمي.ليس من المفيد هنا غرس الأظفار في قروح أخجلتنا كثيرا ولكن من المجدي التساؤل الآن،
على هامش هذا الخبر، عن سبب التغييب الخطير للتراث الذي يتصل بالديانة اليهودية في العراق. لقد أخذنا نكتشف بعد عام 2003 بأننا نملك كنوزا عظيمة فيما يتصل بالتراث اليهودي، وهذا بالطبع هو ملك صرف للعراق وليس لإسرائيل، لكن الغريب أن لا أحد في السابق تجرأ وكشف عن هذا وصرنا نسمع عاما بعد عام عن الاحتفاءات الإسرائيلية بكنوز عراقية تصل إلى تل أبيب مكللة بغار النصر. كيف يمكن لنسخة نادرة من التوراة أن تبقى مخفية لقرون؟ وكيف يمكن لبلد عريق التاريخ ومهيب في أدواره الحضارية أن يخبئ كتابا مقدسا له أهميته التاريخية والمعرفية ولا يعلن عن وجوده؟. نحن نفهم بالطبع مبررات أن يتم محو شريط زمني طويل. بل نحن نتفهم كل أنواع التزوير الكتابية التي مورست ضد التاريخ وفرضت في أدبيات القمع على أنها الحقيقة النهائية، ولكن أن نخفي كنوزنا لأنها تتصل بديانة ما أو بشعب ما فهذا أمر ضد جذورنا وبذورنا ويؤشر تخلفا ما بعده تخلف، بل انه يهدد قضايانا وكل عذابات الماضي وينخر في خلايا وعينا ويهدد اعتدادنا بدورنا الحضاري، فلو أن بلدا من بلدان الأرض عثر في أراضيه على قطعة من عباءة الشيطان هل كان سيخفيها ويودعها صناديق الظلام لأنها تعود لشخصية تكرهها الأمم؟. عشرات الأسئلة يمكن إثارتها بشأن النسخ التي تم نقلها تباعا إلى إسرائيل بعد عام 2003، وهذا بالطبع لا يفسر بأنه أمر يتعلق باسرائيل نفسها وإنما هو تراثنا ومجهودنا، وإذا كنا لا نتعامل بشكل تنويري مع التوراة العراقية في نسخها المتعددة الثمينة فكيف لا نشكك بواقع تعاملاتنا مع قضايا أكثر حساسية تتصل بنا كتنوع ثقافي وعرقي. قضية تراث الديانة اليهودية في العراق تشير، شئنا أم أبينا، إلى نوع من الحرب الثقافية، فمسألة أن يتم الاستدلال إلى هذه الكنوز بطرق سهلة وأن تجري عملية منظمة لإخراجها من العراق وإيصالها إلى إسرائيل، فهذا جهد تقوم به الدول وليس الأفراد فحسب وهنا على الحكومة العراقية أن تتحرك ليس فقط لاسترداد هذه الكنوز وإنما لتغيير عقلية أن نكون ضد أنفسنا وضد المعرفة والحقيقة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram