اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > لماذا الخوف من العلمانية ؟

لماذا الخوف من العلمانية ؟

نشر في: 15 سبتمبر, 2010: 05:15 م

عمار كاظم محمد لم يتعرض مفهوم إنساني للتشويه  والتضليل مثلما تعرض مفهوم العلمانية لدينا في مختلف بقاع العالم العربي، فقد جوبه بحملة دينية وسياسية كان الغرض منها تضليل الناس عن ايجاد صورة واضحة للعلمانية بمفهومها الفلسفي، ذلك ان خلق وعي
 بمعناها الحقيقي وضرورتها لتطور المجتمعات سيؤدي بالتأكيد إلى زعزعة الكثير من النظم الاستبدادية والكثير من المناصب الدينية التي تستلهم وجودها من تلك الأنظمة، وهو الأمر الذي قاد في النهاية الى قيام حملة  تعاون فيها وعاظ سلاطين الديكتاتوريات والانظمة الرجعية  من جهة ومؤسسات تلك الانظمة من جهة اخرى الى تشويه وتحريف حقيقة العلمانية بمفهومها التحرري في فصل السلطات وخلق مناخ من الديمقراطية يقوم على أساس الانتخابات وصناديق الاقتراع، فما هي العلمانية في حقيقتها؟ تؤكد الدراسات التاريخية ان مفهوم العلمانية قد نشأ نتيجة للثورة الإصلاحية التي قام بها القس مارتن لوثر (1483 – 1546) وهي حركة بدأها هذا القس للحد من سلطات الكنيسة وتحكمها في مجالات السياسة والاقتصاد مع طبقتي الاقطاع والاكليروس والتي أنهت سيادة البابا  في الكنيسة المسيحية  وأدت في النهاية لتأسيس الكنيسة البروتستانتية ومع حركة الإصلاح التي سبقتها في  القرن السادس عشر وما تلاها من قيام الثورة الفرنسية غيّر الإصلاح شكل حياة القرون الوسطى التي كانت تعيش فيها أوروبا حتى ذلك الوقت وبدأ عصر التاريخ الحديث. وعلى الرغم من ان لوثر قد بدأ هذه الثورة بتحدي سلطة الكنيسة في بدايات القرن السادس عشر لكن الجناح الثوري الذي اوجده قد امتد من بعدة لعدة مئات من السنوات في نواح كثيرة تتمثل فيها عناصر ثقافية واقتصادية وسياسية . هكذا نجد ان قيام هذه الثورة الإصلاحية كانت نتيجة للتواطؤ والتدخل من قبل رجال الدين في شؤون الحياة السياسية، وكثيراً ما نسمع من قبل البعض ممن يتحدثون عن العلمانية بموقف عدائي ان العلمانية هي حركة إلحادية وضد الدين، بينما في الحقيقة نرى ان هذه الحركة اول من قام بها هو رجل دين وليس ملحدا كما يزعمون . إن أهم مرتكز قامت عليه العلمانية هو مبدأ فصل الدين عن الدولة  وعدم تدخل الكنيسة في شؤون السياسة على الرغم من عدم وجود مسيحية سياسية بالمفوم الديني للدولة او سياسية مسيحية كما هو الحال في قضية الاسلام السياسي، لكن التدخل من قبل رجال الاكليروس ومحاكم التفتيش وصكوك الغفران التي كانت تباع وتشترى وتدخل اولئك الانتهازيين من رجال الدين من اجل مصالحهم الشخصية ومن أجل جني المال ادى الى كوراث اقتصادية في أوروبا في ذلك الوقت ودفع العديد من مواطنيها الى ما تحت خانة الفقر، بينما كان الإقطاع ورجال الكنيسة متخمين بالثروات التي جنوها من جهود الفقراء، وقد خلق ذلك حالة من التمايز الطبقي الواسع بين عامة الناس وبين رجال الدين والدولة في ذلك الوقت . ربما جاء التفسير غير الموضوعي لمفهوم العلمانية من الترجمة التي تنقل مصطلح العلمانية (secularism  ) التي يترجمها قاموس المورد وغيره بمفهوم الدنيوية وعدم المبالاة بالدين، وهو ما يخلق انطباعاً سيئاً تجاه ثورة اصلاحية كان القصد منها ليس إلغاء الدين او تهميشه بقدر ما هو اتباع الاساليب العلمية و المنطقية في معالجة المشكلات دون تعليق اسباب تلك المشكلات على ظواهر غيبية او ميتافيزيقية مثلما هي ثورة إصلاحية كان الغرض منها رفع امتيازات رجال الدين من الكنيسة والدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية . فالعلمانية بمفهومها الدنيوي حسب مايترجمها البعض لا تعني بالضرورة إلغاء أو هدم الدين كما روج لها وعاظ السلاطين في ثقافة الشائعة  العربية  لكنها بالمفهوم السياسي جاءت كرد فعل واضح تجاه استغلال رجال الدين في اوروبا للدولة في سبيل مصالحهم الشخصية وهم يدعون أن هذا من الدين، وطالما عانت النظم السياسية في ذلك الوقت من سيطرة الأكليروس ورجال الكنيسة واستغلالهم نفوذهم في سبيل حماية مصالحهم الشخصية ومصالح الفئة الحاكمة من دون الالتفات الى ماتعانية الشعوب من شظف العيش ومرارة الحياة وفقدان الحقوق.  جاءت العلمانية كحل جذري للمشاكل التي عاناها المجتمع الأوروبي بسبب سيطرة رجال الدين والنزاعات الطائفية والمذهبية ومحاكم التفتيش وصكوك الغفران التي تباع وتشترى بأموال المساكين حيث منحت العلمانية حق الجميع في ممارساتهم الدينية على اختلافها وأقرت الحقوق الدستورية تحت دولة القانون وصناديق الاقتراع لا عن طريق الاستبداد والانقلابات العسكرية  والغزوات . على أية حال يقال أن مدى نجاح المفاهيم من عدمها يقاس بنتائج ما يتحقق منها على أرض الواقع وها نحن نرى مدى التقدم العلمي والتكنولوجي الذي وصلت اليه الامم التي كنا نعدها متخلفة ونسميها كما يسميها مروجو الشائعات الثقافية علمانية , مادية ، إلحادية ....الخ  بينما انتجت النظم العربية بغياب الديمقراطية الحقيقية انظمة استبدادية تدعي انها علمانية حينما يتضارب الدين مع مصالحها، وإسلامية حينما يتوافق مع ما تريده الطبقة الحاكمة من مصالح. وهك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram