TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :مطلوب مواطنون!!

العمود الثامن :مطلوب مواطنون!!

نشر في: 15 سبتمبر, 2010: 05:40 م

علي حسين صورة الرجل الخمسيني الذي نشرت  الزميلة افراح شوقي حكايته امس في الصفحة الاخيرة ظلت تطاردني اليوم كله، أحاول الهروب من نظرات عينيه اللائمة، وكلماته المهزومة، ولكني فشلت.كنت أقنع نفسي، بأن حلم الديمقراطية، والتعددية الحزبية، وتداول السلطة، أهم بكثير من هموم بعض المهمشين المنسيين، فهذه الأشياء هي التي ستوفر لهم ما يحلمون به.
ولكن حكاية هذا الرجل وكلماته الصادقة نجحت في سحق كل الشعارات، وأزاحت من أمام عيني كل القضايا التي كنت أراها من أولويات المرحلة.كنت انظر الى صورته، يحمل المكنسة بيديه، ينظف الأرض بحماسة شديدة، قال لزميلتنا: "اكتبوا عن مشكلتي فانا اتمنى ان احصل على وظيفة تتناسب مع عمري، فانا تجاوزت الخمسين ومعي شهادة الاعدادية "، كانت الوظيفة حلما من احلام هذا الرجل مثلما هي حلم لملايين العاطلين في بلادي،  وقد حاول مرار الحصول عليها الا ان الابواب ظلت مغلقة في وجه أمثاله ممن لا يملكون من حطام هذه الدنيا سوى اعمارهم،  الرجل يعمل مقابل اجر يومي لا يتعدى الثمانية آلاف دينار وهو راض بما قسمه الله، ولكن بعد كل هذه السنوات وهذا العمل، لا يستطيع الزواج ولا حتى التفكير بتأجير شقة او مسكن يؤويه  ليشعر بأنه إنسان، هل كثير عليه أن يحلم بهذا؟!نقرأ كل يوم تصريحات عن تنفيذ برامج التنمية، وظائف، شقق، مصانع، لكن الموضوع يبقى كلاماً في كلام،الصحف تكتب كلاما، والبرامج الانتخابية قالت كلاما، والناس لاتجد سوى الوعود.يفيد جدول الدول الفاشلة لعام 2010 الذي اعدته مجلة "فورين بوليسي" ان العراق واحد من بين 37 دولة ينطبق عليها وصف الدولة الفاشلة. ومن ابرز المعايير التي جرى عليها هذا التصنيف هي: "ان هذه الدول غير قادرة على تأمين الخدمات الضرورية للمواطنين وانها  تنزلق نحو الفساد والطغيان".مكافحة البطالة والفقر  ليست شعارات ترفع وقت الحاجة والمتاجرة بها في سوق المزادات السياسية المشتعلة هذه الأيام. الشعارات لا تطعم جائعاً ولا تبني مستشفى أو مدرسة ولا ترصف طريقًا ولا توظف عاطلاً. والحل الجذري يكمن في تطبيق برامج مدروسة تعالج المشكلة من جذورها، الحل يكمن في توافر الإرادة السياسية القوية للمجتمع للخروج من هذا النفق المظلم، وأن نوقظ في قلوب الناس الأمل في مستقبل أفضل وحياة كريمة. أيا كان الأمر، فهناك عدد كبير من أبناء هذا الوطن يعيشون ظروفًا صعبة، وقد لا يجدون قوت يومهم ويقاسون للحصول على الخدمات الضرورية. هل من الصعب على الحكومة أن تعلن أن السنوات المقبلة هي سنوات للتنمية، هل من الصعب على الحكومة استثمار جزء من المليارات المركونة في البنوك في مشاريع تنمية بدلا من ان تتبخر في الهواء.  هذا الرجل المكافح الحالم ومعه كثيرون هم مشروع إرهابي مؤجل يمكن بسهولة تحويلهم إلى مواطنين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram