مازال العراق يشكو من تدخلات الدول العربية والمجاورة له في الشأن الداخلي، ويعيب على تلك الدول مواقفها السلبية تجاه دعم النظام السياسي العراقي الجديد بعد 2003، وعدم وضوح مواقفها من العمليات الإرهابية، ويتهم البعض منها بدعم المسلحين ويحملها التخطيط لعمليات مسلحة وقتل بعض المسؤولين، وعلى الرغم من أن الأردن إحدى تلك الدول التي لم تبدِ موقفاً مساندا تجاه النظام العراقي الجديد، لكن مجلس الوزراء فاجأ الجميع أمس بإعلانه تقديم هدية لها (مئة الف برميل نفط خام) وسط حديث بعض السياسيين عن ضغوط خارجية تتحكم بالمنح والمساعدات المقدمة من العراق إلى دول الجوار.
وقرر مجلس الوزراء أمس الثلاثاء منح الحكومة الأردنية 100 ألف برميل نفط كهدية للشعب الأردني، لكن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب دعت إلى أن يقوم العراق برعاية مصالح شعبه من خلال علاقاته الخارجية، مؤكدةً على أهمية أن يقوم العراق بأخذ دوره في رئاسة الجامعة العربية وتقديم المساعدات للدول العربية، بيد أن أعضاءً في التيار الصدري ذكروا أن دول الجوار لم تساعد العراق في حربه ضد الإرهاب، ورأوا أن شعب العراق يعاني سوء الخدمات ومن الأجدر مساعدته قبل إعطاء الهبات.
وأكد مصدر مقرب من التحالف الوطني الذي يضم داخله حزب الدعوة الحاكم بزعامة رئيس الحكومة نوري المالكي أن الولايات المتحدة الأميركية أو كما وصفها المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في حديث خص به "المدى" بـ"راعية الديمقراطية في العراق" تتحكم بهبات ومساعدات العراق إلى دول الجوار.
وفي وقت سابق قرر مجلس الوزراء دفع 25 مليون دولار كمساعدات لسوريا والسودان واليمن، فيما بين أن تلك الأموال ستخصص لسوريا من احتياطي الطوارئ للسنة المالية الحالية وللسودان من الموازنة العامة الاتحادية للعام المقبل.
وقال المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ إن "مجلس الوزراء قرر خلال جلسته الاعتيادية التي عقدت أمس منح الحكومة الأردنية (100) ألف برميل نفط كهدية إلى الشعب الأردني".
وعزا الدباغ في اتصال مع "المدى" أمس مبررات منح براميل النفط إلى أن "الأردن يمر بأزمة اقتصادية ونقص في الوقود بسبب فصل الشتاء". ويشهد الأردن موجة اعتراضات كبيرة يترأسها الإسلاميون للمطالبة بإسقاط الملك عبد الله الثاني وإنهاء الحكم الملكي في البلاد، وتوسعت الأعمال الاحتجاجية في الأردن على قرار رفع أسعار المحروقات وشملت معظم مناطق المملكة، وأخذت أشكالا مختلفة، كان أبرزها تعليق الدوام في مدارس المملكة، فيما أضرب سائقو سيارات التاكسي والأجرة في العاصمة عمان عن العمل وأغلقوا وسط البلد، بينما أصيب 10 من أفراد الدرك الأردني، 7 منهم في حالة حرجة، بعد إطلاق أعيرة نارية عليهم خلال احتجاجات اجتاحت البلاد على رفع أسعار الوقود.
وأوضح الدباغ أن العراق ينتظر إنهاء المظاهر السلبية التي تصاحب دخول العراقيين إلى الأردن أو الصعوبات التي تواجه المقيمين، مضيفا أن "الحكومة العراقية بادرت بمبادرة حسنة تجاه الشعب الأردني وعلى المسؤولين والحكومة في عمان أن يبادروا بتذليل الصعوبات أمام العراقيين وان تترجم الأردن المبادرة بشكل واقعي على الأرض".
ووفقاً للأرقام غير الرسمية، يتواجد في الأردن نحو نصف مليون عراقي يقيمون بشكل دائم أو مؤقت على الأراضي الأردنية. وتشير تقارير صحفية إلى أن تواجد العراقيين في العاصمة الأردنية عمان لم يؤثر فقط على انتشار المقاهي والمطاعم والمحال العراقية فحسب، بل أثر ذلك أيضا في الاقتصاد الأردني بشكل ايجابي.
من جانبها تؤكد لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب ضرورة أن يتعامل العراق بالمثل في ما يخص علاقاته مع دول الجوار.
وقال عضو اللجنة عماد يوحنا إن "على الحكومة العراقية مراعاة مصالح شعبها في علاقاتها الخارجية مع دول الجوار وان تتعامل بالمثل"، مؤكدا أن "العراق ومن خلال دوره في رئاسة الجامعة العربية تقع عليه مسؤولية مساعدة الدول العربية".
وذكر يوحنا في حديث مع "المدى" أمس أن "عمّان تعاني من أزمة في الوقود ومن الطبيعي أن تقوم بغداد بمساعدتها"، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة أن تطالب الحكومة العراقية الجانب الأردني بتقديم التسهيلات للعراقيين المقيمين والداخلين إلى المملكة.
ومازال العراقيون يعانون صعوبة دخول الأراضي الأردنية، كما يطلب من المقيمين وضع رصيد في مصارف المملكة كضمان لاستمرار وجودهم. في غضون ذلك اعترض التيار الصدري على منح دول لم يكن لها موقف ايجابي تجاه العراق خلال سنوات نشاط الإرهاب الهدايا والمساعدات.
واوضح عضو التيار حسين المنصوري أن "الأردن من دول الجوار التي لم تساعد العراق في حربه مع الإرهاب"، متسائلا عن المبرر وراء إهداء المملكة الأردنية مئة ألف برميل.
وقال المنصوري في حديث مع "المدى" يوم أمس إن "على الحكومة أن تسأل مجلس النواب قبل إعطاء براميل النفط"، مستغربا في الوقت نفسه إهمال الخدمات الأساسية ومعدلات البطالة المرتفعة والانشغال بمساعدة دول الجوار. وكان المالكي قد أجرى مباحثات مع رئيس الوزراء الأردني نادر الذهبي خلال زيارة سابقة إلى المملكة، تكللت بالاتفاق على تمديد العمل باتفاقية النفط الموقعة بين البلدين لثلاث سنوات مقبلة، يحصل الأردن بموجبها على النفط العراقي بأسعار تفضيلية.
بالمقابل، انتقد وائل عبداللطيف وهو نائب سابق وعضو في التحالف الوطني تقديم تسهيلات إلى الأردن "لأنها وحسب وصفه لا تتعامل بمسافة واحدة مع كل العراقيين سواء الداخلين أو المقيمين في المملكة".
وقال عبد اللطيف لـ"المدى" أمس إن "العراق لم يحصد من الأردن منذ 2003 إلى اليوم سوى سوء المعاملة"، رافضا أن يتم فتح الأسواق العراقية أمام البضائع الأردنية وإعطاء النفط بأسعار تفضيلية.
وأوضح عبد اللطيف "كان على العراق ان ينتظر موقفا حاسما من الحكومة الأردنية تجاه النظام السياسي العراقي الجديد قبل أن يهديها مئة الف برميل"، مبينا أن "الحكومة العراقية تهب أموال ليس من حقها أن تهبه إلى حكومة لا تستحقها بسبب مواقفها السيئة من بغداد".
يذكر أن الأردن كان يتسلم كميات من النفط العراقي وبأسعار تفضيلية وبشكل مستمر في زمن صدام حسين، وقد تم إيقاف هذه الواردات النفطية بعد إسقاط النظام السابق على يد القوات الأمريكية عام 2003، ولم تتمكن الحكومتان العراقية والأردنية من تنفيذ اتفاق وقع بين الطرفين عام 2006، يزود العراق بموجبه الأردن بما يحتاجه من نفط، وقد حال دون تنفيذ الاتفاق تردي الوضع الأمني آنذاك في محافظة الانبار التي تمر بها الطرق الواصلة بين البلدين.
جميع التعليقات 1
عراقي متشرد
اليس الأجدر بحكومة الطوائف أن تعطي هذا المبلغ الذي يزيد على عشرة ملايين دولار الى ملايين الأرامل واليتامى والثكالى الذين كان الأردنيون وغيرهم سببا في مصائبهم؟الأردن يؤوي عتاة الأرهابيين مثل حارث الضاري وغزت الدوري وبنت صدام،كما يوجد الكثير من الأرهابيين ا