سامي نسيمكان تأثير النهضة المنهجية والتقنية الأدائية التي أحدثها معلم العود الشريف محيي الدين حيدر (1892 ــ 1967 )على العود انطلاقا من بغداد نهايات القرن العشرين حافزا لكل آفاق التطوير والتجديد اللاحقة للعود كآلة تعبيرية قد تحررت من التبعية التطريبية الغنائية المحدودة.
تمخضت عنها نقلة نوعية أحدثت تحولا وانقلابا مهما في عالم العود المعاصر لكي يبحر إلى ضفاف واسعة من المنهجية الأكاديمية الرصينة كآلة مستقلة بذاتها تغرد خارج سرب الآلات العربية التقليدية بفضاء أوسع وأرحب.وترسخ من خلال ذلك مفهوم مدرسة بغداد للعود بقامات روادها الطويلة كعازفين ومؤلفين كتبوا على طريقة أستاذهم حيدر أعمالاً خصصت للعود تحديدا ومنهم جميل بشير (1927 ــ 1977 ) ومنير بشير (1928 ــ 1997 ) وسلمان شكر (1929 ــ 2007 ) وغانم حداد والذي أبتعد عن الكتابة بطريقة أستاذه وكتب أعماله بتقليدية تطريبية .وهؤلاء هم يمثلون الرعيل الأول ورواد العزف المنفرد للعود بعد معلمهم الذي له الدور الأساسي في ترسيخ خاصية العزف الانفرادي المعاصر وقد أثروا المكتبة الموسيقية بمؤلفاتهم وتسجيلاتهم بكل ما هو متجدد ومستحدث من تقنيات أدائية للعود .وتركوا الباب مفتوحا لغيرهم بالابتكار والإضافة .كذلك أرسو تقاليد لم تكن معروفة من قبل في المنطقة العربية .يأتي في مقدمتها حفل الآلة الموسيقية البحت أي ما يسمى ( كونسيرت العود ) .فكانوا فرساناً للعزف المنفرد طار صيتهم للعالم حيث دعتهم أهم شركات التسجيل الصوتي العالمية من أسطوانات وكاسيتات مازالت محفوظة ونقلت فيما بعد للتقنيات المعاصرة عبر الأقراص الليزرية وعلى صفحات الانترنيت .وربما أغنت الكثير من الدراسات والبحوث في العالم العربي هذا الموضوع وحددت منطلقاته ومساراته.ومن الجدير بالذكر في هذا المجال أن لواء التجديد الذي أطلقه الشريف محيي الدين حيدر وجد تعاطفا وتضامنا لفكره وتطلعاته من أجيال أخرى معاصرة عكفت على الكتابة الموسيقية بالأسلوب ذاته وبشكل مغاير ولكن بتجريب موسيقي حديث وتمرد صحي على القوالب التقليدية المعروفة وبعناوين مختلفة .وهي حالة صحية لكون بذرتها الأولى وجدت مناخا موائما .فأينعت شجرة العود وأثمرت أسماء لها قيمتها الفنية وشكلت حضورا متميزا في المنطقة.وبشكل أكبر ومنهم علي الأمام .عمار الشريعي.سالم عبد الكريم.مارسيل خليفة .خالد محمد علي.نصير شمه.شربل روحانا .سامي نسيم .صخر حتر .عمر بشير.علي حسن.حسين سبسبي .إيليا خوري. وكذلك جيل آخر ومنهم حازم شاهين .سعد محمود.مصطفى محمد.أحسان علي .محمد الأمام.رائد خوشابا.وغيرهم.وبالعودة إلى موضوع دراستنا لظاهرة جديدة شكلت حراكا فنيا من نوع آخر.لم يكن معروفا وهي فرق العود ومنها فرقة العود العراقية التي شكلها سالم عبد الكريم وفرقة بيت العود العربي في القاهرة التي شكلها نصير شمه وفرقة منير بشير للعود التي شكلها سامي نسيم في بغداد وفرقة الأخوان جبران .وثنائيات للعود ورباعيات وغيرها في أماكن متفرقة .وبأعداد متنوعة من ستة عازفين إلى الأربعين عازفا للعود.فالذي حدث مع بداية تحرر العود وتفرده وتحليقه بفضاءات أوسع نهايات القرن الماضي وزيادة وتر سادس على يد الشريف محيي الدين حيدر لأغناء منطقة القرار(الباص ) وكذلك تغيير بنصب أوتار العود بدرجة أعلى وتجاوز ذلك من بعده الأخوان جميل ومنير إلى رفع دوزان أوتار أعوادهم إلى خمس درجات أعلى من واقعه التقليدي..واستمر كذلك على هذا المنوال على يد المعاصرين من عازفين. حيث توزع نتاجهم الأدائي على العود بين الطريقة التطريبية المتوارثة والطريقة المعاصرة بتجريبها الحداثوي .وقد ظهرت آفاق جديدة من خلال فرق للعود وجماعات تؤدي أعمالاً موسيقية بتوزيع آلي جديد يعتمد على التعبير وبناء الفكرة للعمل الموسيقي ومنها فرقة منير بشير للعود العراقية التي أسستها عام 2001 مع مجموعة من طلبتي المتميزين بالعزف على العود والمتقدمين على أقرانهم. ونجحت الفرقة وقدمت نتاجها في العراق و الأردن وتونس بداية الأمر وهي امتداد طبيعي لتجارب أخرى بدأت مع الفنان سالم عبد الكريم عميد معهد الدراسات الموسيقية في بغداد بداية التسعينيات .ولكن بشكل وتقنيات مختلفة،حيث أن الكتابة لمجموعة الأعواد تتطلب جهدا استثنائيا ومعرفة وكادراً مؤمناً بالتجربة وروح المغامرة، علاوة على ذلك استحداث آلات دقيقة الصنع بطبقات صوتية معده لهذا الغرض،لأغناء مساحاتها اللحنية الجديدة من درجات صوتية حادة وغليظة ووسطية.ليتحقق الهدف والجدوى من الأداء الجماعي لآلة واحدة .وهنا قد دخلنا إلى إشكاليات نحتاج فيها إلى صنع آلات بنوعية مغايرة لواقعها المتعارف عليه.وكذلك تصنيع أوتار خاصة للطبقات الجديدة وهذا ما لم تعتده الشركات العالمية المصنعة للأوتار. لذا عمدنا إلى صناعة آلات عود مبتكرة.وأوتار غليظة ( طبقة الباص عود ) محلية الصنع وترتب على ذلك تغيير شامل بالكتابة الموسيقية وأعداد الأعمال بتوزيع موسيقي خاص لمجموعة الأعواد بثلاثة خطوط وتتعدى ذلك بخمسة خطوط لحنية تعتمد على التوزيع الآلي وحسب القواعد الفنية المعمول بها في هذا المجال..وقد أحدثت فرقة منير بشير للعود أملا جديدا لعازفي العود الذين لا يجمعهم مكان وبعضهم يترك الموسي
ظاهرة بيوت وفرق العود.. فرقـة منير بشير للعود نموذجاً
نشر في: 17 سبتمبر, 2010: 04:42 م