TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك :(أبخيرهم ما خيروني، وأبشرهم عمّوا عليّه)

هواء فـي شبك :(أبخيرهم ما خيروني، وأبشرهم عمّوا عليّه)

نشر في: 17 سبتمبر, 2010: 09:59 م

 عبدالله السكوتي هناك في ريف العراق المستلب منذ عهود والذي ارهقه الاقطاع، وصار الظلم ديدن ابناء القبيلة الواحدة، منهم الشيوخ ومنهم الفلاحون والمتعبون، والذي رسخ بدون قصد خلال حياة الاضطهاد والتعسف كثيرا من المفاهيم وصاغها على شكل امثال او حكايات شعبية،
نتيجة للعوز والفاقة، صار الانسان يحتاج الى من يسانده او يساعده لقلة امكاناته، هناك ابتدأ الظلم يطول حتى اقارب الشيوخ نتيجة للانانية وحب الذات، فقد عوقب فلاح اسمه سوادي لسرقته كيسا من القمح زرعته وحرثت ارضه يداه، بأن وضع وسط (بارية) من القصب وبدأ اعوان الشيخ يستلون من (البارية) قصبة بعد اخرى وهي تمر على جلده كشفرة الحلاقة، لكن الشيخ حين اختلف مع عشيرة اخرى ورفعت (البيارغ)، ودقت طبول الحرب، كانت العشيرة في خندق الدفاع عن الشيخ ومشيخته، لان الشيوخ طالما كانوا يتنازعون بشأن الارض او (الاتاوات) التي يأخذونها لحماية القوافل المارة عبر اراضيهم، ولما نظمت العشيرة مقاتليها، كان سوادي اول المقاتلين، واول قتيل في معركة العشيرة دفاعا عن الشيخ ومصالحه، وعندما تم جلب جثته وقفت زوجته تنعاه وتردد: (ابخيرهم ما خيروني ويوم الموازه كصوا بيّه انه المشارجهم بالهموم او يوم النفاه...احترك ابيّه) وبمرور السنين صارت هذه الحكاية مثلا يجري على السن الناس حيث قالوا:(ابخيرهم ما خيروني، وابشرهم عمّوا عليّه). وسوادي مات ومعه الكثيرون ليحصد الشيخ السمعة الحسنة، والقوة والمنعة وليتجبر اكثر فالانتصارات تسجل باسمه، والموت من حظ الاخرين، وتوسع الناس في هذا المثل حتى صار يضرب للذي يحظى بالتعب دون النعمة، ومن المؤكد انه كما يقولون:(الخير ايخص والشر ايعم)، وحتى عقوبات السماء أيضاً لا تستثني الخيرين حيث قال تعالى:(واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)، كل هذا يجري باتجاه حرمان الشعوب من موارد اراضيها ليتمتع بها اشخاص بعينهم، وهذا امر متكرر الحدوث على مر الزمن، ما يعني ان الشعب العراقي دفع الكثير من راحته وحياة ابنائه على امل الخلاص من الدكتاتورية، ومصادرة الحقوق، وليحظى في نهاية المطاف بحياة تحقق انسانيته على الاقل، لكنه فوجىء من جديد بالمصادرة والتغييب بحجة ان التجربة جديدة، ولابد ان تأخذ الكثير من التضحيات، وهو ما يزال يستقبل الموت بصدره، ويحصد المفخخات، ليتاجر باسمه من يجد الى ذلك سبيلا، وهناك محاورة لطيفة جرت بين اثنين من المتضررين، حيث الحسرة والهموم ومصادرة الحقوق، شاهدهم في ذلك المثل المشهور:(ظل البيت لمطيره، او طارت بيه فرد طيره)، فقال الاول: (يمنادي الشعب لبّاك من ناديت سويتك حكومة وسلميتك بيت اشلون اتسلم البيت المطره او مطره اتصاوغ بيه) فاجابه الاخر: (مطره البيت واهل البيت حكها من تصاوغ بيه الرايد يحفظ هذا البيت ايطلج مطره)

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

جلسة "القوانين الجدلية" تحت مطرقة الاتحادية.. نواب "غاضبون": لم يكن هناك تصويت!

القانونية النيابية تكشف عن الفئات غير مشمولة بتعديل قانون العفو العام

نيمار يطلب الرحيل عن الهلال السعودي

إنهاء تكليف رئيس هيئة الكمارك (وثيقة)

الخنجر: سنعيد نازحي جرف الصخر والعوجة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram