يبدو ن الشبه المذهل بين الممثلتين الراحلة غريس كيلي والأسطورة الاسترالية نيكول كيدمان هو الذي قاد المخرج اوليفر داهان لترشيح كيدمان لتجسيد دور الممثلة والأميرة الفاتنة غريس كيلي او غريس دو موناكو كما أطلق عليها بعد زواجها من رينيه أمير موناكو الثالث...
وتشعر كيدمان بسرور كبير لهذا الترشيح إذ كانت قد صرحت منذ مهرجان "كان" الأخير بأنها تتمنى التمثيل مع المخرج دوهان الذي اختارها من بين عشرين ممثلة أخرى لتجسيد هذا الدور لقناعته بها رغم عدم التقائهما وجها لوجه إلا بعد ترشيحها للدور ...
وكانت غريس كيلي المولودة في فيلادلفيا في عام 1929 والمتوفاة في حادث سير في عام 1982، اختيرت أجمل أميرة في العالم وكانت واحدة من أشهر نجمات السينما في أمريكا، وقبل ذلك امتهنت التمثيل المسرحي وكانت إحدى إيقونات الموضة والأزياء ثم أصبحت في ما بعد الأميرة غريس دي موناكو بعد أن تقاعدت عن التمثيل عام 1956 وهي في سن السادسة والعشرين ثم أنجبت ثلاثة أولاد هم الاميرتين كارولين وستيفاني والامير رينيه ..
كان المخرج هنري هاتاواي أول من اكتشفها في نيويورك بعد ان أعجب بمظهرها الارستقراطي فمنحها دورا صغيرا في فيلم (14 ساعة) عام 1951 الذي لم يحقق نجاحا لكنه لفت إليها نظر المخرج فرد زينمان فمنحها دورا جميلا في فيلم (في عز الظهيرة) لكن حضور النجم كاري كوبر طغى على حضورها فنسيها المخرجون لفترة لكن العبقري الفريد هيتشكوك الذي كان يبحث دائما عن شقراوات جديدات لأفلامه انتبه إليها واسند لها دور الزوجة في فيلم (اطلب م ..) حيث اكتشف حدود موهبتها وروعة مظهرها وعلمها كيف تتلاعب بتعابير وجهها وكان فيلمه التالي (النافذة الخلفية) أكثر ملاءمة لها لأنه أعادها إلى أجواء الأناقة والجمال القياسي لكنه لم يفجر موهبتها الفنية وطغى وجود الممثل جيمس ستيوارت عليها أيضا لكن شهرة هيتشكوك هي التي شفعت لها فاختارها مخرجون آخرون من أمثال اندرو مارتون وجورج ستيون واشتهر اسمها خلال عامين بل نالت جائزة الأوسكار عن أدائها في فيلم (فتاة الريف) لجورج ستيون، لكن غريس لم تستفد من تجربتها الفنية بل حاولت البروز كسيدة مجتمع وتصدرت أخبارها صفحات المجتمع في الصحف وتوالت الأخبار عن علاقاتها العاطفية بنجوم مثل كلارك غيبل وغاري غرانت والفرنسي جان بيار اومون ، وبالتدريج قادها ذلك إلى ان تصبح حلم المشاهير من أمثال شاه إيران محمد رضا بهلوي والملياردير اوناسيس ثم أمير موناكو رينيه الثالث الذي لم يكن من النوع المغامر بل كان شخصا رومنطيقيا ووجد في غريس ما يثير فيه حنينا إلى الفن والمرأة الهادئة والمتزنة فخرق التقاليد واختارها زوجة وأميرة لبلاده وفؤاده، وكان زواجهما أسطوريا وأطلق شعب موناكو على غريس كيلي لقب السندريلا التي حصلت على أميرها كما في الأفلام!
إزاء ذلك ، كان هيتشكوك أكثر من احبطه الخبر وطال انتظاره لعودة غريس لتمثل تحت إدارته برضا عريسها الأمير او من دون رضاه.. لكنها خيبت ظنه فلم يعد في وسعها مفارقة أميرها وأولادها والعودة الى السينما..
لكن هذا لا يعني أنها عاشت حياة سعيدة منذ ذلك الحين إذ مرت الإمارة بظروف سياسية عسيرة خلال عهد الرئيس شارل ديغول وكانت فرنسا غاضبة من الإمارة لأنها تشكل مكانا يتهرب فيه الفرنسيون الأثرياء من الضرائب الباهظة التي تفرضها عليهم باريس لذا كانت ولادة الأمير البير إنقاذا للإمارة من ان تنضم الى فرنسا وتصبح جزءا منها ...في تلك الفترة شعرت كيلي بالحنين الى السينما خاصة حين حاصرها الفريد هيتشكوك مرة اخرى بترشيحه لها لدور في احد أفلامه مع الممثل تم روث لكنها شعرت بأنها باتت أسيرة أسطورتها وسجنها الذهبي بل بدأت تشعر بأنها ثانوية الأهمية في حياة زوجها وفي تصريف شؤون الإمارة لأن زوجها كان يرفض تدخلها كثيرا في شؤون الحكم بينما كان سطوع نجمات جيلها يتزايد واختار رفض عودتها الى السينما رفضا باتا ..
هنا شعرت كيلي بالتعاسة رغم أن جمالها الذي كان يمثل رصيدها في الحياة لم يأفل بل كانت ابتسامتها الدائمة تخفي تحتها ألما وندما كبيرين خاصة حين اعتبرها البعض ممثلة رديئة وان شهرتها جاءت من زواجها بالأمير فقط ..
في النهاية ، تمنت غريس وقبل وفاتها الا يذكرها الناس كنجمة هوليوودية أو أميرة بل كامرأة حاولت أن تزرع شيئا من الخير حولها ... وبعد هذا التصريح بفترة قصيرة توفيت غريس فجأة في حادث سير عندما كانت ابنتها المراهقة ستيفاني تقود السيارة وفقدت السيطرة عليها لتتحطم بصخور موناكو وتخرج منها ستيفاني بكسور ورضوض بينما تفارق الأميرة الأسطورية الجميلة الحياة حالاً تاركة شعب الإمارة وجمهورها الأمريكي منذهلا من الصدمة.. لقد بكى الكثيرون المصير البائس لواحدة كان يفترض أنها من اسعد نساء القرن العشرين ..