إلى : ميسلون هادي قبل غيرهاباسم عبد الحميد حموديأحسب أني أكثر من غيري –ربما – معني بغضب العزيزة ميسلون هادي، روائيتنا المبدعة وهي تعقب على الندوة التلفزيونية التي عقدتها قناة الحرة في العاشر من هذا الشهر وأدارها الأستاذ عارف الساعدي عن السرد العراقي وكان طرفا الحوار فيها الأستاذ عبد الستار البيضاني وكاتب هذه السطور .
مبعث عنايتي اكثر من سواي اني أكبرهم عمرا أدبيا واكثر من غيري اهتماما بدراسة السرد العراقي – في حدود من حضر الندوة – ولذلك، فأن العتب والانفعال يقعان عليّ في الأكثر الأعم ولكن :1- لا توجد مغالطات في هذه الندوة حول كسل الكتاب وحول اختفاء الكاتب العراقي، وما عبر عنه البيضاني رأي يستحق النقاش لا الشجب،وما قلته عن كسل الكاتب الروائي بحكم ظروفه -سواء كان في الخارج او الداخل – صحيح الى الحد الذي لا يتطلب سرد كل هذه الأسماء العزيزة أكثرها علي والعزيز منجزها على الأدب العراقي. 2- كان الحديث الاساسي في الندوة عن أجيال السرد العراقي، وهو أمر رفضت الروائية هادي اليوم التعامل معه باعتبار ان الكاتب المقتدر قد تجاوز أمر التجييل الى حالة تكريس الاسم خارج اطر التوصيفات و(الطابوات )النقدية على حد قول العزيزة ميسلون، وأنا افهم سر هذا الحماس للخروج من توصيفات النقاد ومدرسيتهم. ان (ميسلون هادي) قدمت لنا عدة روايات مهمة قبل سنوات الاحتلال وبعدها جعلتها تشعر أنها عصية على التوصيفات النقدية ، واقع الأمر أن لا أحد منا ومن سوانا خارج هذه التوصيفات . قد تكون ميسلون الروائية المؤثرة قد طرحت الأمر على أن بعض الكتاب الذين تكرسوا خارج لعبة التوصيفات الخاصة بالأجيال،ولكني هنا اذكّر العزيزة ميسلون بتلك الشابة المليئة حماسا التي أطلت علينا في ملتقى القصة العراقية الأول في صلاح الدين عام 1978، تمثل جيل الشباب هي وعبد الله صخي وعلي خيون ،وأن أجيال القصة العراقية جميعا كانوا في ذلك الملتقى ابتداء من عبد المجيد لطفي ومرورا بمحمود عبد الوهاب وموفق خضر والربيعي وعبد الستار ناصر وسواهم، وأن صراع الاجيال كان قائما ولا أحد يخشى منه، خمسينيات وستينيات وسبعينيات، وان الجميع كانوا متواطئين على أن هذه التقسيمات لا تحدد أجيالاً بل عقوداً طفحت فيها تجارب جديدة، وهذه القاصة الشابة التي كانت حاضرة في الملتقى كانت محط رعاية كبار النقاد الحاضرين هي ميسلون هادي دون سواها، فلماذا لا تقر الروائية الكبيرة ميسلون هادي اليوم بحق النقد في تأكيد التقسيمات العقدية حيث تظل الستينيات، فيها محط جدل استمر الى اليوم وحتى خلال الندوة التي تحدثت هادي عنها، وكنت فيها مبررا لتفوق ذلك الجيل الغريب في التعبير عن رؤاه المحتدمة وإصراره على التجديد بلغة شعرية تداخلت فيها عناصر الإبداع وأشرت إلى استمرار جمعة اللامي الى يومنا هذا في طرح مشروعه الإبداعي ضمن تجريبيته المؤثرة إلى يومنا هذا.3- اذا كان مقدم البرنامج قد اعلن انه لم يقرأ رواية عراقية هذا الشهر، فأحسب انه كان يقصد رواية جديدة، ذلك أنه يعمل حاليا على دراسة لغة السرد العراقي كجزء من متطلبات دراسة الدكتوراه الخاصة به، وأنا هنا لا أدافع عن عارف الساعدي فهو الكفيل بنفسه ولكني اقر حقيقة اعرفها ولم تظهر مجساتها في الندوة.4- لا احد منا اقر باختفاء الكاتب العراقي، ولكن البيضاني أشار بشكل عام الى كسله وتداخل حياة من هم في داخل العراق بالكثير من المشكلات،ولم أكن منسجما معه أو مع المحاور في هذا الطرح أو سواه،لا استطيع ان أنكر كل الجهد الروائي العراقي الذي يبذل وما كنت كذلك يوما وقد كتبت عن بعضه واشرت في الندوة الى جهد هدية حسين وامجد توفيق فيما أشار البيضاني الى جهد ميسلون هادي ، وكنا بذلك نقدم امثلة على استمرار العطاء. 4- احسنت ميسلون في التركيز على موضوع واحد هو الرواية العراقية الحديثة التي ظلمت – في رأيها- في الندوة متناسية أن الندوة لم تكن مخصصة للرواية العراقية بعد احداث 2003 بل لعموم التجارب السردية، وقد جرى الحديث – من قبلي في الأقل - عن مشروع جماعة الوقت الضائع التجديدي وعن روايات غائب والتكرلي وقبلهما محمود السيد وجعفر الخليلي وذو النون ايوب وكان البيضاني محاورا نشطا في تحليل تجارب هؤلاء،ولا احسب ان العزيزة ميسلون تستطيع تجاهل كل هذا الجهد الذي يحتاج لإيضاحه الى حلقات يشارك فيها الفضائيون الجدد – كما اسمتنا مشكورة . 5- أشارك الروائية في ضرورة اهتمام وزارة الثقافة بالنتاج الروائي العراقي وأصارحها اني في حالة يأس من ذلك فالمبالغ الكبيرة تصرف على الايفادات وعلى مؤتمرات مظهرية ولكننا نرجو ونرجو ! 6- قبل ان تبدأ ميسلون الكتابة كنت اكتب عن الرواية العراقية وما أزال،وأنا شاكر لها حماستها هذه ومعجب بجهدها الإبداعي ولكني ولسبب شخصي لا استطيع الإحاطة بكل خارطة الكتابة السردية اليوم ولكل كتاب الرواية والقصة العراقيين جميل احترامي ولميسلون كل تقديري.
رد عـلى مقال..الـسـرد الـعـراقـي.. عالـم من الـتألـق الــدائــم
نشر في: 18 سبتمبر, 2010: 04:28 م