TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العلمانية والتنوع الفكري فـي العراق

العلمانية والتنوع الفكري فـي العراق

نشر في: 18 سبتمبر, 2010: 06:36 م

ميعاد الطائي شكل ملف جريدة المدى حول العلمانية في العراق نقطة مهمة جداً في استقراء الواقع العراقي بعد التغيير الشامل وأيضا بعد تجربتين انتخابيتين خضعت كل منهما لظروف تختلف عن الأخرى وكذلك تختلف عن بقية تجارب دول العالم .
والمراقب لنتائج هاتين التجربتين يمكنه أن يكتشف بعض الحقائق التي تمثل التنوع الأيدلوجي في العراق  من جهة ومن جهة ثانية يمكنه استخلاص جملة من الحقائق الثابتة من مخرجات هاتين التجربتين في العراق .فالتنوع الأيدلوجي في العراق هو ليس وليد لحظته ولم يكن من نتائج التغيير التي حصل بعد نيسان/ أبريل 2003 بقدر ما هو موجود منذ عقود طويلة بل منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 وبروز الأحزاب التي كان لها دور كبير في قضايا عديدة.ولعل المتابع للتاريخ والشأن العراقي سيكتشف غياب هذه الأحزاب  بانتهاء الحكم الملكي وبروز الحكومات الناتجة عن الانقلابات والثورات والعسكر والتي بدورها حجمت كل القوى السياسية بمختلف اتجاهاتها الفكرية  مكرسة نظاماً أحادي الفكر ذا طبيعة شمولية، وهذا ما أدى إلى ضمور وتحجيم الكثير من الأحزاب وفي مقدمتها الأحزاب ذات التوجهات الليبرالية والعلمانية .وهذا الوضع الذي امتد لنصف قرن في العراق برزت من خلاله الأفكار القومية التي سيطرت على الشارع العراقي وتوجهاته وخلقت حالة مستمرة من التعبئة لهذا النهج استمر بعضها حتى بعد نيسان 2003 تحت مسميات مختلفة .وهذا التوجه الذي مورس من قبل الحزب الحاكم آنذاك وعلى نطاق واسع في المجتمع ساهم بشكل كبير في تغييب ليس الأحزاب العلمانية واليسارية والماركسية والإسلامية, مما أتاح له هذا الانفراد بالتثقيف الجماهيري الذي وصل إلى مرحلة بناء فكري حاول من خلالها لصق تهم عديدة بالقوى الوطنية في البلد آنذاك وصل حد اتهامها بالتبعية لهذه الدولة أو تلك وتنفيذ أحكام وصلت حد الإعدام بكوادر ونخب سياسية ذات توجهات علمانية وليبرالية.من هنا يمكننا أن نؤكد أن العلمانية واجهت حرباً شرسة من النظام الشمولي ، سواء أكانت هذه الأحزاب عربية أم كردية، وربما يتصور البعض بأن الأحزاب الكردية أحزاب قومية تمثل القومية الكوردية فحسب لكننا نجدها أحزاباً قائمة على مبادئ العلمانية من دون أن تتعارض مع ثوابتها وأهدافها .هذا التنوع الأيدلوجي في العراق الذي سمحت الظروف آنذاك من صعود بعض القوى العلمانية – الليبرالية إلى البرلمان العراقي، لكنها لم تكن ذات تأثير في القرار بقدر ما كانت مجرد رقم تكميلي في ظل هيمنة الأحزاب الأخرى سواء الدينية منها أو القومية التي وجدت الشارع العراقي ينسجم معها بطريقة أو بأخرى تحت تأثيرات متضادة عكستها ظروف الاحتلال وعوامل ثقافية , مما جعل الأحزاب العلمانية تجد نفس الصعوبات التي كانت تواجهها في حقبة الحكم الشمولي ولكن هذه المرة بآليات ديمقراطية لا يمكن تجاهل نتائجها ومعطياتها.ولكن يبقى السؤال القائم والذي طرحه البعض في مقالاتهم التي كرست جريدة المدى مساحات لها  كيف تحقق القوى العلمانية نجاحات في العراق عبر آليات الديمقراطية ؟وبطبيعة الحال فإن هذه النجاحات مرهونة بعدة عوامل منها ، كسب ثقة الناخب العراقي , إيجاد برنامج لهذه القوى والأحزاب قابل للتحقيق ، محو المغالطات الفكرية التي ترسخت في أذهان أجيال عديدة من إن العلمانية والإسلام في صراع ولا يمكن أن يتعايشا في مكان وزمان واحد, مع ضرورة إيجاد مقاربات فكرية  جديدة قادرة على طرد المفاهيم القديمة القائمة على أساس تسقيط الآخر .  والشيء الآخر الذي أجده ضرورياً في المرحلة القادمة هو أن تتبنى وسائل الإعلام ذات التوجهات العلمانية أو القريبة منها مهمة ترسيخ مفاهيمها وفق معطيات الواقع العراقي وعدم استيراد الأفكار الغربية التي لا يمكن تطبيقها في مجتمعنا الشرقي أولاً والإسلامي الطابع والتقاليد ثانيا ، ومحاولة تأسيس مقاربات تجمع بين هذا وذاك من إحداث نقلة نوعية في الفكر العراقي بعيدا عن تأثيرات  الحقبة الماضية عبر استخدام برامج تثقيفية مجتمعية من شأنها خلق قاعدة التغيير ذاتها .  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram