وديع غزوانلا نظن ان هنالك دولة مهما كانت قوة قوانينها ، أو تطور وعي أفراد المجتمع فيها ، أن تدعي عصمة مؤسساتها من الأخطاء وخلوها من الفساد وغيره من مظاهر الانحراف ، بل ربما ان وضعها المعلومة الصحيحة من دون تزييف أمام مواطنيها أو وسائل الإعلام ، من أبرز ملامح نظامها الديمقراطي الذي تفتخر به على من سواها .
لقد كان وما زال أسلوب عدم الثقة بالمواطن والتطير من النقد والتهرب من ذكر الكثير من الحقائق ، هو السائد ، مع الأسف ، في عراق ما بعد 2003، على عكس ما يفترض ان يكون ويحصل ، خاصة وان عملية التحول للديمقراطية لا تحتمل ولا تنسجم مع مثل هكذا مفاهيم يسعى البعض لترسيخها، بقصد او بدونه ، يمكن ان توحي ، من خلال التصرف والسلوك الى انها عودة الى أساليب الدكتاتورية ببراقع ديمقراطية مهلهلة .قبل ايام عرضت إحدى الفضائيات حواراً مع عدد من الصحفيين ، انتقد فيه جميعهم النهج الذي دأبت ان تمارسه مؤسسات وشخصيات مهمة ، يهدف الى وضع الحجب والأستار أمام عدد من الحقائق او بشأن بعض القضايا التي تثار احياناً هنا وهناك . ومع قناعتنا ان بعض ما يذاع او ينشر يجري تضخيمه لأسباب وأغراض متعددة من بينها تشويه صورة العملية السياسية في العراق ، غير ان تصرفات البعض من المسؤولين ، أسهمت وتسهم في تداول معلومات غير صحيحة او غير دقيقة وانتشارها بشكل واسع . ومعروف ان الشائعة التي يقول المصححون أنها وردت في القاموس الشاعة ، تنتشر أكثر وسط ضبابية المعلومات وحجبها . ولا ندري كيف يفكر المسؤول الأمني ، وهو المعني أكثر من غيره بالشاعة ، وهو يتوهم ان الخطب والكلمات الرنانة يمكن ان تكون بديلاً لدحض الأقاويل واعتمادها اسلوباً لمواجهة احد ابرز أساليب الأعداء المتمثل في تصيدهم ورصدهم الأخطاء و تضخيمها . لا ضير ان نعترف بأخطائنا أمام مواطنينا،وهي كثيرة والحمد لله ،ولا مثلبة علينا ان نشير بجرأة الى هفواتنا وليس عيباً ان نتكاشف معهم ، لان ذلك يعني نصف الحل ، كما انه يعني وهذا هو الأهم إننا ما زلنا على الطريق الصحيح في اعتماد الديمقراطية كأسلوب في إدارة شؤون البلاد . العيب كل العيب يا سادة مسؤولين حكوميين وسياسيين، إن نبرر ونتهرب ونخفي الحقائق ونزوّق الموجود ، ونصنع لأنفسنا هالات كاذبة تبعدنا عن وسطنا الشعبي، وبذلك نسهّل على الأعداء تمرير مخططاتهم ومن بينها زرع بذور الشك وعدم الثقة بين المواطن وأجهزته الأمنية والخدمية وغيرها .كثيرة هي القضايا الكبيرة التي وعد أكثر من مسؤول بمتابعتها وكشف الحقائق أمام ملابساتها ، ضيعت وسوفت بتشكيل لجان تحقيقية، قضايا ومعلومات لم نعرف نتائجها تتعلق بحقوق الإنسان وكرامته ، وهدر المال العام ونهبه، واستغلال السلطات والقانون لتحقيق مآرب خاصة وغيرها.ولا نعتقد ان احداً لم يتعلم بعد السنوات السبع ان من أوائل شروط اعتماد مبدأ الشفافية يتمثل بالمكاشفة واعتماد الحقائق ونشرها من دون خوف أمام المواطن ، عندها نطمئن ان الأخطاء بل الخطايا يمكن ان تعالج ما دمنا متمسكين بخيارنا الديمقراطي ، وبغير ذلك يصلح علينا المثل المصري الذي يقول (يابو زيد ما غزيت) وكل حليم بالإشارة يفهم !
كردستانيات :الحقيقة والمسؤول
نشر في: 18 سبتمبر, 2010: 06:46 م