عبدالله السكوتييحكى ان شيخا نصب للعصافير فخا، فأضر به البرد، وكان كلما مشى الى الفخ وقد اطبق على عصفور، قبض عليه ودق جناحيه والقاه في انائه، ودمعت عيناه مما كان يصك وجهه من برد الشمال، فتوامرت العصافير بأمره، وقلن لا بأس عليكن، فانه لشيخ صالح رحيم رقيق الدمعة، فقال عصفور منها: لا تنظروا الى دموع عينيه، وانظروا الى عمل يديه.
وهذا الشيخ يعمل تحت قاعدة (يذبح ويسمي)، كما يفعل البعض، فهم يملكون قلوبا رقيقة في التهجد، لكنها قاسية عندما يتعلق الامر بالناس، وهم يفصلون كثيرا في عباداتهم بين الخوف من الله وقتل عباده بشتى الذرائع، وربما بلا ذريعة لانهم لا يحتاجونها، حتى غدا الارهاب سمة من سمات الرحمة لدى هؤلاء، والطامة الكبرى ان الانسان في العراق صار يتلقى الفعل ورد الفعل، وكأنه خلق ليكون هدفا لهذه الحركات المتخلفة، وردود الافعال التي تصدر من مناوئيها، بحسب ما يقول شاعر الابوذيه: (احلفك شفت بلوه مثل بلواياحشّم ما افزع الناس بالواي انه حاير واطفي الواي بالواي اطفي هاي ذيج اتوج بديّه) والدليل على هذا الكثير من الاحداث التي راح ضحيتها الابرياء، وكانت القاعدة في جهة تضرب وتفجر وتقتل، والقوى الاخرى التي تقف بمواجهتها تهب لوقف هجماتها اللعينة، ويذهب الابرياء أيضاً نتيجة الاخطاء وعدم الدقة، ليفتح تحقيق في الحادث لا يلبث ان ينسى في خضم تكرار هجمات القاعدة وعدم اعطائها القوات الامنية فرصة لالتقاط انفاسها، لتتم تحقيقاتها في الحوادث المتكررة التي تنتج عن اخطاء مشكوك فيها في اغلب الاحيان. لا نطالب الاديان والايديولوجيات باصلاحات او تغييرات بجوهر افكارها، بقدر ما نطلب منها العودة الى اسلوبها القديم بعزل الافكار المتطرفة، كما فعلت بشأن الخوارج وغيرهم ابان ازدهارها كانموذج في قيادة البلدان، حيث استطاعت ان تحد من حرية الحركات المتطرفة في التحرك، وكان اسلوبها ان تلجأ الى المناظرات واثبات خطأ هذه الحركات ومن ثم الانقضاض عليها، مرات باتهامها بالالحاد واخرى بشق عصا الامة، وما يجري في العراق لا يقل اهمية عن الذي جرى في الماضي ان لم يكن اكثر خطورة منه، ولكن ما يؤلم ان هناك صمتا ربما يكون غير حكيم من قبل الذين يدعون العلم ويمتلكون زمام المبادرة، ولا يحركون ساكنا باتجاه اثبات همجية هذه الافكار، وجل ما يفعلون ان يبحثوا في موضوع بعيد عن ما يجري، اذ انهم يناقشون الاخطاء القديمة ويتنازعون حول اشخاص محددين ليعمقوا الهوة بين الطوائف وهذا يعني اعطاء شحنة للقاعدة تديم عملها الاجرامي، على هذا الاساس كثر الكلام بشأن الرفض القاطع لهذه الايديولوجيات بكاملها، وهذا الامر يأتي لعدم الوضوح من قبل هذه الايديولوجيات للقيام باصلاحات حقيقية.
هواء في شبك:(لا تنظروا إلى دموع عينيه، وانظروا إلى عمل يديه)
نشر في: 18 سبتمبر, 2010: 08:02 م