د. فراس غضنفر حكمت الشيخالنطق وسلامة اللفظ ميزة اختص بها الإنسان عن سائر المخلوقات، كما إن تعدد اللغات والتفنن اللغوي ما هو إلا إبداع بشري للتعبير عن إشارات لفظية متكونة من أصوات وكلمات وجمل ثم مقاطع كلها تساهم لإيصال رسالة التخاطب المتناغم بين الشعوب عبر إشارات حركية لمختلف الأعضاء (كحركة اليدين وإيماءات الرأس والأجفان، وحركة الشفاه وتعابير الوجه).
هذا ما يمكن أن نراه في أهمية اللغة التي هي أحد مقومات تخليد الثقافة والحضارة الإنسانية، عن طريقها يستطيع الإنسان تجاوز الحاضر إلى المستقبل والعودة إلى الماضي، كذلك أهميتها الأساسية هي الاتصال بين البشر.. فكيف بطفل لا يستطيع التعبير عما في داخله من مشاعر وأحاسيس لعدم قدرته على إعطاء الكلام الواضح والدقيق. حيث نجد إن عملية الكلام عبارة عن تحول الأصوات غير المفهومة إلى مفهومة، فعند التدقيق بها نراها معقدة بسبب عمل الكثير من الأعضاء أثناء الكلام إضافة لتدخل عدة عوامل عصبية ويشترك في أدائها مركز في الدماغ يسيطر على الأعصاب، وعملها هو تحريك العضلات المساعدة على إخراج الأصوات، وتلعب الرئتان والحجاب الحاجز دورا مهما في تعبئة الهواء وتنظيم اندفاعه، لذا عند مرور هواء الزفير على الأوتار الصوتية داخل الحنجرة والفم والتجويف الأنفي تحدث تشكيلات مختلفة من الأنغام،تتبعهما تغييرات أوضاع اللسان والشفتين المساعدة على زيادة التنوع في الأصوات. يمكن تبيين اضطراب التلعثم للقارئ الكريم.. هو تقطع في انسيابية الكلام من خلال فترات توقف أو إعادة أجزاء من الكلام المنطوق، وأيضا قال أرسطو عنه (انه عجز اللسان عن اللحاق بالعقل).. وتعزى أسباب التلعثم إلى عدة عوامل منها العامل الوراثي الذي ينشأ عن استعدادات وراثية نظرا لانتشاره بين الذكور أكثر من الإناث وأيضا حالات التوائم المتماثلة والأقارب من الدرجة الأولى كالوالدين والإخوة. حيث وجد المختص (Bert) إن 62 % من الحالات التي درسها والمحصورة بـ 97 حالة يوجد فيها العامل الوراثي لاستعداد عصبي عام، وان 23 % منها لم يكن الأطفال قد اتصلوا بآبائهم إطلاقا، حتى يقال.. صعوبات النطق انتقلت إليهم عن طريق التقليد. إضافة إلى العامل الفسلجي العصبي الذي له الأثر الكبير على ظهور الاضطراب، فالتلف الوظيفي في مراكز الكلام بالمخ، وضعف الغمد النخاعي (المليني) للمحاور العصبية الخاصة بمراكز الكلام يؤديان إلى اختلال الإيقاع بشكل متكرر ومتقطع، كما ان العجز في السيطرة المخية بمعنى تنافس نصفي المخ أو نشاطهما معا يؤدي إلى التلعثم، فنجد الطفل الأيسر الذي يسيطر عنده النصف الأيمن إذا ما اجبر على الكتابة بيده اليمنى التي لم يستخدمها من قبل ستتسبب لديه استثارة إجبارية للنصف الأيسر من المخ فيحدث تنافر بين النصفين مما يؤدي إلى اللعثمة. أما العامل النفسي هو الأكثر غلبة في نشوء الاضطراب لما يخفيه من دوافع شعورية، ورغبات عدوانية قوية مكبوتة يخجل منها المتلعثم ويخشى أن تكشف أثناء الكلام، ويمكن اعتباره سلوكاً مكتسباً بالتعلم، فان القلق وانعدام الأمن في وقت مبكر المتمثلين في مرحلة الطفولة هما أساس بدء التلعثم. كذلك العامل البيئي مثل الإفراط في رعاية الطفل وتدليله، وعدم تشجيعه على استعمال اللغة وذلك بتلبية متطلباته قبل التعبير عنها، ومراقبة الطفل باستمرار خاصة خلال حديثه ليكون كلامه مؤدبا وألفاظه منتقاة وتعابيره مهذبة، هذا الأمر يزيد تلعثم الطفل لإدراكه انه موضع مراقبة وملاحظة الآخرين. ولايمكن التغاضي عن العامل الاجتماعي الذي ينتج عن إهمال الطفل في حالة ولادة مولود جديد أو محاباة احد الأبناء وإيثاره على البعض، هذا ما يؤثر على صحة باقي الأبناء، والتمييز بينهم على أساس جنسهم (ذكوراً أم إناثاً)، وعدم احترام حقوق الطفل واختياراته وآرائه، كذلك في المدرسة من حيث عدم تفاعل الطفل مع زملائه وعدم تعويده على جو الرفقة، وأيضا إجباره على التعلم السريع وعقابه إذا ما اخفق، أو تعليمه لغات جديدة في وقت واحد، وأسلوب المعلم المتمثل في الرهبنة والعقاب وإرهاق الطفل بعمل الواجب البيتي والاستهزاء به خلال الحديث أو منعه من الكلام لان المعلم يريد للطفل أن يكون سريع الإجابة. كما ذكرنا إن نسبة انتشاره بين الذكور أكثر حيث إن الإناث يتفوقن على الذكور في طلاقتهن اللغوية. ولا ننسى إن دور الأسرة كبير في تمرين الطفل منذ الولادة، فيبدأ بالصراخ ثم الضحك والمناغاة، بعدها يستمع إلى من حوله، فيظهر عنده حب تجريب أنواع الأصوات وتقليدها، ليصل إلى النجاح في إخراج الألفاظ ولكن بجهد شاق ومستمر ويعتمد هذا على درجة ذكاء الطفل، ولايخفى علينا تعاون السمع والبصر وأجهزة النطق معا. هناك توضيح بسيط عزيزي القارئ لأنواع اضطراب الكلام الذي أوله الحبسة الكلامية Aphasia المتضمنة بمجموعة عيوب تتصل بفقدان قدرة التعبير بالكلام أو الكتابة وعدم فهم معنى الكلمات المنطوق بها، وثاني نوع الخمخمة Rhinolalia أو بالعامية الخنف فيجد المصاب صعوبة إحداث جميع الأصوات الكلامية المتحرك منها والساكن (فيما عدا حرف الميم والنون) فيخرجها بطريقة مشوهة وغير مألوفة، إما الثالث الثـأثـأة المنتشرة عند الأطفال فهو عبارة عن خطأ في نطق حرف السين أي إبداله بحروف أخرى كالثـاء أو الشين أو الدال، والرابع التلعثم أو مايعرف باللجلجة أو ا
التلعثم فـي النطق عند الأطفال.. أسبابه وعلاجه
نشر في: 19 سبتمبر, 2010: 05:12 م