وديع غزوانفي ضوء تداعيات أزمة تشكيل الحكومة ، تنطلق بين الفينة والأخرى تحذيرات عديدة من محللين وسياسيين ، عن مخاطر استمرار هذا الوضع الهزيل والهش .. تحذيرات تشم في بعضها رائحة الشماتة وأخرى تشعر بأنها صادرة عن حسن نية وحرص حقيقي على العراق وشعبه .
وفي كلتا الحالتين فإننا نحن المواطنين لا نملك الا ان نتأسى على حال بعض نخبنا السياسية التي أوصلتنا لهذا الحال . و في الوقت الذي يتحتم علينا الانتباه واليقظة لما يجري او ما قد يخطط له أعداؤنا من برامج إجرامية ملغومة تؤزم الواقع السياسي وتنعكس سلباً على الجانب الأمني والخدمي والاقتصادي ، نقول إننا ، ومع كل هذه اليقظة المشروعة متفائلون ومطمئنون على وليدنا الجديد . ربما يتصورنا البعض مبالغين وغير دقيقين ولا نتحلى بالموضوعية ومنحازين، غير ان مجرد النظر الى ما يجري من حوارات ومناقشات وردود فعل في بعض جوانبه علامة صحة ومؤشر على حالة جديدة في العراق، خاصة ان كل طرف يسعى لتأكيد تمسكه بالديمقراطية كخيار. ومع أننا لسنا مع كل ما تخلل الحوارات من مفاهيم وما سادها من عدم جدية وتركيز المناقشات على قضية واحدة هي منصب رئيس الوزراء ومحاولة البعض الإيحاء بأن تصحيح أخطاء الماضي وحل مشاكل العراق متوقفة على هذا الشخص او ذاك ، نقول مع كل هذه الصورة المشوهة ، فإن قطار العملية السياسية ما زال على السكة كما يقال و لم ينحرف، نعم هنالك أخطاء بل خطايا ارتكبت ، باسم الديمقراطية وتجاوزات في كثير من القضايا، غير ان فسحة الحرية التي تتيح لنا النقد بحدود معينة ، تحمل في طياتها أكثر من صورة مشرقة للمستقبل . لا نريد ان نكرر أحاديث بعض السياسيين بشأن التغيير الديمقراطي في العراق ، لتبرير أخطائهم وسلوكياتهم المعرقلة للمضي في هذا الشوط حتى النهاية ، لان ما تحقق ليس منّة من احد ، وإذا كان هنالك من فضل فهو للشعب ، الذي ضحى وما زال يضحي ، من اجل حلم كبير بعراق جديد ، ولو كان قد التفت وأصغى الى كثير مما يقوله البعض لنفض يده منذ زمن . الحالة الجديدة التي كنا نتمنى ان يفهمها السياسيون وان يعملوا على أساسها في البرلمان او الحكومة هي ان صوت الشعب أكبر وإرادته أقوى ، عندها لا نرى برلمانياً يقضي وقته في الخارج أكثر من حضوره جلسات مجلس النواب ، ولا يبقى مسؤول فاسد لا يعرف من حدود صلاحياته سوى ما ينفع المحسوبين والأقارب ، عندها نستطيع بفخر ان نتباهى بما تحقق في العراق ، دون ان يجرؤ البعض على كيل الاتهامات لنا . مرة اخرى ما زلنا متفائلين فلا تجعلوا تفاؤلنا في غير محله ، ولا تجعلوا من آمالنا أضغاث أحلام ، لأن ما جرى في العراق كبير وكبير جداً، فلا تضيعوه بصراعات هامشية .
كردستانيات :لا تجعلوها أضغاث أحلام
نشر في: 19 سبتمبر, 2010: 06:02 م