TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل يمكن للتيار العلماني والتيار الديني خلق نموذج جديد؟

هل يمكن للتيار العلماني والتيار الديني خلق نموذج جديد؟

نشر في: 20 سبتمبر, 2010: 05:03 م

طارق الجبوريتعرض مصطلح العلمانية في محيطنا العربي لكثير من حملات التشويه والابتعاد به عن معانيه الحقيقية ومغزى تبنيه، بادعاء ابتعاده عن الدين بل ومخالفته شرائعه و تبنيه دعوات أوروبية هدفها الابتعاد بالمجتمع عن قيمه. ويحسب للتيار العلماني قدرته على التصدي لهذه الهجمات رغم حدتها وشراستها  من قبل دعاة التخلف،في مرحلة ما يسمى بالنهوض الوطني والقومي والنضال ضد الاستعمار،
وإبقاء جذوة الدعوة الى بناء الدولة الحديثة متقدة في نفوس الغالبية من العرب، بعد أن سئموا أوضاع التخلف والجهل والظلم التي ظلوا يرزحون فيها منذ بدايات أفول نجم النهضة العربية  وانهيار الدولة العربية على يد المغول  وما اعقبها من صراعات انتهت باحتلالها من قبل الجيش العثماني في اوائل القرن السادس عشر، وهكذا دخلت المنطقة العربية بعصور ظلام ما زلنا نعانيها حتى الآن .غير ان اكثر الحملات ظلماً وتجنياً التي اصابت العلمانية بمقتل ،كما يقولون ،هي ماجاءت على يد حملة شعارها من جانبين الاول : قفز البعض منهم على الواقع بصبيانية سياسية متحاملاً على الدين وعاده السبب الوحيد لكل الاوضاع المزرية وبالتالي الدعوة الى التخلي عنه كسبيل للحاق بركب التقدم والنهضة، والثاني من خلال عجز البعض عن ترجمة المفاهيم العلمانية الى واقعية بل و الانحراف بها، خاصة في مجال اعتماد التحولات الديمقراطية ونبذ مفهوم الهيمنه الشخصية او الحزبية على مقاليد الامور التي تعد من اهم شروط بناء دولة المؤسسات التي على وفقها وكنتيجة لها يمكن الوقوف على بوابات التطور التي شهدها العالم  . لقد اوغل دعاة الجانب الاول بتحميل هذا التيار شطحات عقلياتهم التي لم تفرق بين روح وجوهرالاديان ، كدعوات للتغيير وثورة على كل ما يعيق تقدم البشرية  وبين أدعيائها والملتفين في جلبابها ممن عملوا في كل العصور على خدمة الانظمة بدعواتهم الجاهلية المتسترة بالدين وهو منهم براء، فأعطوا بطروحاتهم تلك سلاحاً لتشويه وجه العلمانية الحقيقي ، الذي نادى دعاتها ومنذ انطلاقاتها الاولى في اثينا بفصل الدين عن الدولة (ما للّه للّه وما لقيصر لقيصر) ، مفهوم واضح وجلي لالبس فيه لولا المغالاة التي رافقت انتشاره في العراق وغيره ، والتي جاء بعضها ، كما نظن ردة فعل على ممارسات بعض رجال الدين الممالئة والمنحازة لسياسة الانظمة الحاكمة واعوانها طبقات وأشخاصاً.أما الجانب الآخر فقد ظل عاجزاً ، رغم حمله شعار العلمانية  ،عن بناء نموذج في اي من المحيط العربي يقترب او يمنح الامل بالمستقبل ، لتصحيح اوضاع شاذة لم يجن المواطن خلالها غير المزيد من الذل والقهر والقمع . فصحا المواطن بعد سنوات تخدير بشعارات لم يكن لها صدى على ارضية الواقع ، ليجد ان ثمرة تضحياته ضاعت سدى وان التغييرات التي حصلت في طبيعة الانظمة لم تتجاوز الوجوه حسب ، أما العقلية فبقيت كما هي .رافق ذلك صراع مرير بين مختلف الاحزاب والحركات ا لتي رفعت شعار  العلمانية لكنها لم تلامسها ولم تقترب منها  عملياً، لا في حياتها الداخلية ولا في انظمة الحكم التي تسلمتها في هذه الدولة او تلك .ومما ضاعف من ازمة التيار العلماني المفكك  وتنامي دور الحركات الدينية، سقوط الشاه ونجاح (الثورة الإيرانية) وتصاعد دور طاليبان في أفغانستان وخروج الاتحاد السوفيتي منها آنذاك عام 1989.ومن المناسب ان نشير هنا الى انه في الوقت الذي كانت فيه البرجوازية الصاعدة في دول اوروبا الغربية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تسير قدماً للمضي بتأسيس مقومات الدولة الحديثة ونجاحها في تكريس المفاهيم الديمقراطية وتحقيق انظمة مستقرة رغم ما سببته الحربان العالميتان الأولى والثانية من مآس، فان الشيوعيين في دول  ما كان يسمى أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي ، فشلوا في مجاراة النموذج الغربي  او ايجاد شكل ديمقراطي يمكن ان يكون بديلاً لما يشهده الغرب، ولم تنفع دعوات استهجان الاسلوب الستاليني التي انطلقت في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي عام 1956 من تحقبق اي تقدم في مجال خلق نموذج نظام ديمقراطي يمكن ان تتجه اليه الانظار في دول العالم الثالث ومنه بعض الانظمة العربية التي رفعت شعار اليسار ، بل ان الاتحاد السوفيتي لاسباب بعضها ذاتي يتعلق بطبيعته وهو الغالب ، أخذ يصيبه الوهن،رغم مظاهر القوة الخاوية.وبغض النظر عن وجهات النظر المتباينة ، بشأن النموذج الديمقراطي الغربي وما علينا من ملاحظات إزاءه، او ما حصل من انهيار كارثي للاتحاد السوفيتي وما اعقبه او سبقه من تغييرات في بولندا ورومانيا وغيرهما ، فإن المفارقة في محيطنا العربي ومنه العراق، التي تثير اكثر من علامة استغراب ان الاحزاب فيه سواء من اعتنق التوجهات اليسارية أم التقدمية أم القومية أم الليبرالية الغربية ، ظلت في منأى عن كل التطورات التي يشهدها العالم ، ولم تلامس في تطبيقاتها أياً من المفاهيم العلمانية رغم كل ما وضعته من براقع حاولت فيها ان تغطي تمسكها بالسلطة التي عدتها الغاية لكل شيء وان كل الوسائل يجب ان توظف لخدمتها.وفي كل الاحوال فقد اثبتت تجارب التاريخ القديم أن بدايات الانهيار للدول والامبراطوريات مهما اوتيت من قوة كانت عند تخليها عن مواكبة ما يحصل من تطورات وتمسكها بقيم ب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram