د. غضنفر حكمت محمود الشيخليس سهلا أن تخوض حديثا عن العسل.. تارة ترى العسل كثيفا ، وتارة تراه سائلا ، وليس غريبا أن تشوبه المرارة ، ثم هو مختلف في ألوانه . . متبلور تجده . . وشديدة حلاوته .وتساؤلات أخرى مبهمة كثيرة ، أثارت جدلاً واسعاً ، واختلطت الحقيقة بالأسطورة ،
حتى صار العسل لغزا يختلف فيه الناس ، ما بين مغال في فوائده متطرف ، وآخر منكر لها متعنت ، لكنهم لن يختلفوا قط في انه طعام . . مغذ . . ولذيذ . . ونافع . والتزاما منا بموضوعية الطرح لاحظنا أن نضرب صفحا عن كل ما يقال ، وأن نقدم للقارئ مضمونا علميا دقيقا بوعي عقلاني لما عرفه الإنسان عن العسل . . ذلك الذهب السائل الذي اخذ أشكالا عديدة من القدسية ومنذ القدم.لقد أقيمت للعسل مكانة رفيعة واحتل مراكز الصدارة عند ممارسة الطقوس الدينية والشعائر التعبدية واعد رمزا للغذاء الخصب واتخذه البعض وسيلة للتقرب من الآلهة . لون العسلقبل أن نتناول الحديث في هذا الموضوع أو بالأحرى بدل أن نخوض معتركاً كهذا الذي أربك الكثير من الناس ، لابد أن نقطع دابر التشكيك لما تلعبه الأزهار و الدبقيات التي تفرزها سواء أكانت الحشرات الأخرى أم النباتات .وفي كل حال فان اللون في العسل أمر ثانوي ليس في جودته . العسل أصلا " اصفر عنبري " وقد يكون لونا ابيض مائيا ، كهرمانيا فاتحا أو غامقاً وهناك القاتم . العسل الناتج عن أزهار الخضر والقطن اصفر زاه ، والتفاح مثلا يعطي عسلا اصفر فاتحا والحنطة السوداء عسلها داكن تشوبه حمرة خفيفة إلى البني القاتم ، عسل الصنوبريات محمر داكن وزهرة العوسج عسلها ابيض شفاف ، وكلما تكثر المعادن في مصادر الرحيق يكون العسل داكنا أيضا هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان الشمع القديم الأسود يكون عسله داكنا ، في حين يكون العسل المستخرج من الشمع الحديث عسلا زاهيا .تبلور العسلتلعب نسبة السكر سكر الكلوكوز " سكر العنب " إلى سكر الفركتوز " سكر الفاكهة " وسكر السكاروز " سكر القصب " دورا فعالا في عملية التبلور ، فإذا زادت نسبة سكر العنب يتبلور بسرعة وإذا زادت نسبة سكر الفاكهة بطؤ التبلور أما إذا ازدادت نسبة سكر القصب فمن الصعب أن يتبلور ومن العسل ما يتبلور في الغالب متجانسا ومنه رسوبيا وآخر طبقيا كعسل الصنوبريات .لذا نلتمس من قارئنا الموقر أن يعي هذا الجانب حيث إن كل أنواع " العسل الطبيعي " تقريبا تتبلور وهذا دليل جودة العسل ونقاوته .طعم العسل وحلاوتهعوامل عديدة تؤثر على طعمه مثل طبيعة التربة المزروع بها المحاصيل وتركيبها الكيمياوي وكذلك نسبة المواد الموجودة مثل الكلوروفيل والتانين والمواد الغروية .والطعم أو حتى النكهة هي مزيج من عطر الزهرة وعطر النحلة ورائحة الشمع وخصوصا مادة " الحامض النملي " التي تسود رائحته أيضا على خلية النحل نفسها . لذا فمن اللافت للانتباه إن العسل الناجم عن تغذية الخلية بـ " السكر الصناعي " كثيرا ما تتحسس طعم ورائحة الشمع فيه وهي السائدة وبشكل ملحوظ وتكون هي الرائحة الغالبة .عموما العسل الربيعي غالبا يكون اقل نضجا منه " أي من العسل الخريفي الذي يمتاز بالكثافة العالية " حتى إن أسعار العسل الخريفي تكون أعلى . ناهيك عن الحلاوة المركزة الملحوظة والمثير للتساؤلات المفزعة والمحفزة إلى التشكيك المبطن والذي كثيرا ما يقلل من نوعية وجودة العسل . في حين إن عملية التبخير الحاصلة أثناء الصيف " تموز + آب " سبب رئيسي أدى إلى زيادة كثافته وبالتالي الحصول على عسل مركز ذي مذاق شديد جدا في حلاوته ، كونه يفرز من الخلايا خلال النصف الأول من أيلول وهذا ما ننصح به دائما وان تتم عملية الفرز مرة واحدة سنويا .عسل المغثـروأضيف لبصيرة القارئ العزيز : إن عسل المغثر ناتج عن مصادر غذائية أخرى وهي محاليل سكرية لا يستهان بها ولا يمكن للنحلة أن تتجاهلها خصوصا في فترات شحة رحيق الأزهار نجد كشافات النحل ترشد النحلات السارحة لجلب مصادر غذاء ناتجة عن إفرازات دبقية عديدة مثل دوباس النخيل ، المن القطني ، وما تفرزه أشجار السنديان والعوسج والصنوبر والأرز والزيزفون والصفصاف من ارتشاحات حلوة المذاق غنية بنسب عالية من " الحديد " .وهناك أشجار تفرز مغثرها " إما عفوا أو بالتخزين أو من وخز بعض الحشرات " كقرمزية المن وحشرة المران وغيرها . ومواد سكرية دبقة داكنة تفرزها بعض أنواع الحشرات على سيقان النبات و أوراقه كحشرة الأرق وأيضا المن . ينقل النحل هذه المواد السكرية الدبقية كما ينقل الرحيق من الأزهار أو القداح .وتذكر دائما يا قارئي : إن النحلة عاجزة من خرق قشرة الفاكهة لكي تشدخها وتمتص السائل السكري ، فهي بريئة من هذا الإيذاء للفواكه ، هذا السلوك طبيعي تتميز به الطيور والزنابير وحشرات أخرى وبعض الحي
عســل النحـل
نشر في: 20 سبتمبر, 2010: 06:55 م