وديع غزوانما زال الدم الطهور ينزف حد الاستشهاد حتى كادت التربة تصرخ من وجع وأنين الأبرياء، ومازال الساسة مولعين بلعبة التنافس ورفع الشعارات ، ويقسمون أغلظ الإيمان بأنهم يتحسسون أدق خلجات ونبض الشعب و يستشعرون ألم وقهر وخوف المواطن ،
لكنهم مضطرون إلى عدم التواجد معه بسبب سوء الأوضاع الأمنية ، ليس لمساعدته في ما يتعرض له من مخاطر الهجمات الإرهابية ، او المياه غير النقية أو انعدام الخدمات الصحية والبلدية وغيرها من البلاوي التي لا تعد ولا تحصى ، ليس مطلوباً منه ذلك ولكن أليس من حق المواطن على المسؤول ان يواسيه بكلمة صادقة يبتعد فيها عن التبريرات والكلمات الجاهزة ، بدلاً من انشغاله بتكديس الأموال وإنشاء الشركات وبناء الفلل وقضاء أمتع الأوقات مع عائلته في بيوت فارهة في الخارج لا يجوز لنا حتى ان نحلم بها . لا ندري ربما يتأوه البعض أمام أسرته من الضجر وفراغ الوقت، في وقت يتهدد الوطن والمواطن ألف خطر وخطر .قد يكون كلامنا اليوم انفعالياً ومتشجناً، غير أننا لا نملك إلا هذا الانفعال ونحن نشاهد يومياً استشهاد العشرات وجرح اضعافهم من الأبرياء في هجمات إرهابية ، ثم ليطلع علينا المسؤولون الامنيون بأناقتهم ليعيدوا على مسامعنا نفس (الاسطوانات المشخوطة) التي حفظناها عن ظهر قلب من كثر ترديدها، بل صارت مملة ومضجرة . ولا ندري أي معنى يبقى للحديث عن الخطط والعمليات الأمنية والاستباقية والاستخباراتية ، وأمن المواطن يخترق يومياً في كل مكان . قد يكون هذا الكلام مقبولاً في السنوات الأولى بعد 2003 لكنه غير مستساغ بعد كل الدورات التدريبية في الداخل و الخارج للمراتب والضباط والآمرين ، وبعد كل الأموال المصروفة عبثاً على أمن ينتهك في أي لحظة ومتى شاءت عصابات الجريمة من القاعدة وغيرها . لا أريد أن أكون واعظاً للعاملين في الأجهزة الأمنية في الدفاع والداخلية ، غير إن ما يحصل مؤلم وخطير ، وهو يؤشر ضعفاً واضحاً في المعلومات الدقيقة والصحيحة التي يمكن أن تحد من هذه الجرائم ولا أقول إيقافها ، و نستشف بحسب معلوماتنا المتواضعة إن هنالك خللاً لابد من تصحيحه في عمل هذه الأجهزة وإجراءاتها . لا نريد إن نتجنى في فورة الغضب وننسى النجاحات النسبية المتحققة في الجانب الأمني ، لكنها لم ترق بعد إلى مستوى تضحياتنا ، ولا إلى الحد الذي ينبغي او يفترض أن تكون قد وصلت إليه . وقد يسمح لنا حجم الألم والمرارة أن نقول إن ما نحتاجه أكثر في أجهزتنا الأمنية خطوات لإصلاح بعض ما فيها وإعادة النظر بكل مفاصلها وتطبيق مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، لأنه إذا كان مقبولاً السكوت على توزيع المناصب الوظيفية والدرجات الخاصة لغير مستحقيها في الدوائر المدنية مع ما تشكله من مثلبة على قيم العدالة المنشودة ، فإن استمرار هذا النهج المحاصصي في الأجهزة الأمنية عرّض ويعرّض آلاف الأبرياء لخطر الموت يومياً . مرة أخرى لاقيمة للكلمات ونريد فعلاً بمستوى التحدي .
كردستانيات :لاقيمة للكلمات من دون فعل
نشر في: 20 سبتمبر, 2010: 07:28 م