كتابة وتصوير/أفراح شوقيعلى عجل صعدت معه حافلته، كانت خالية من ركابها، وسائقها يروم الذهاب الى الكراج بعد انتهاء ساعات عمله المحددة، عقارب الساعة تشير الى الثانية والنصف ظهراً لكنه توقف ليوصلني وبادرني بالقول: سأوصلك حتى كراج النصر، قلت له لا بأس فأنا فقط أردت أن اصعد الحافلة بعد أن فارقتها منذ سنوات طويلة.
أنها حافلة نقل الركاب ذات الطابقين والتي تسمى لدى العامة الأمانة أو المصلحة، ما أن استقليتها حتى تهادت أمامي ذكريات الطفولة حينما كنا نسرع الخطى للصعود الى طابقها الأعلى وتحديداً في مقدمتها حتى يصبح كل ما في الشارع والرصيف واضحاً امامنا ونبقى نبحلق في المناظر التي تمر بنا ولا نشعر بالوقت وكأننا في سفرة سياحية ممتعة، مابين الكرخ والرصافة ظلت الأمانة لسنوات طويلة وسيلة النقل الرئيسية والمحببة لدى البغداديين، ومكان تواعد العشاق والمحبين، ووسلية النقل المفضلة لدى العوائل والموظفين،تميزت بمواعيدها المضبوطة وجمالها واناقتها وقلة تعريفتها مما جعلها المفضلة لدى الجميع، قبل ان تغزو الكيا والكوستر شوارعنا اليوم وتنزوي المصلحة في ركنها البعيد بأنتظار من يعيد لها القها الماضي.سائق الحافلة جواد أبو محمد الذي اقلني كان مرتديا بزته الرسمية وهي عبارة عن قميص ابيض ورباط عنق اسود وقبعة سوداء مميزة، اخبرني انه يقود الحافلة منذ عام 2002 على خط جمهوري ساحة النصر و باب المعظم،، ويبدأ عمله منذ الساعة الخامسة صباحاً وينتهي في الساعة الثالثة ظهراً، وفق نظام البطاقات التي يوزعها المحصل(الجابي) بين الركاب وسعرها 250 ديناراُ في وسائط النقل الحالية، لذلك فهي مفضلة لعموم الناس خصوصاً الشباب الذين يفضلون الصعود الى طابقها الأعلى والبدء بالغناء والتصفيق، إضافة الى ان الكثير من الركاب يحمل معه امتعته وأغراضه من دون ان نفرض عليه أجوراً أضافية، وحول عدد الحافلات المتبقية ومشاكل العمل يقول ابو محمد: عدد الحافلات قل كثيرا عن السنوات التي سبقت عام 2003 ومعظمها تعرض للسرقة والتخريب وما بقي منها نعمل به حالياً وهي أربعون حافلة يجري تشغيل عشرين منها كل يوم، ويضيف محدثي ان سيارات الكيا والكوستر أثرت على العمل كثيراً بسبب ان الناس تلجا اليها لصغر حجمها وتوفرها، وما نعانيه اكثر هو مضايقات رجال المرور والشرطة ونقاط السيطرة عندما تمنعنا من التوقف لاجل صعود او نزول الركاب، كما انها تؤخر عملنا كثيراً فمطلوب مني ان أعطي وارداً يومياً قدره 72 الف دينار الى المحطة واضطر في مرات كثيرة إلى ان ادفع من جيبي لأجل أكمال المبلغ والسبب هو هدر الوقت في الزحامات.وتذكرت ان اسأله عن عمليات الصبغ التي طالت بعض الحافلات في السنوات الماضية فقال: لم تصبغ الحافلة لكنها غطيت بالإعلانات التي تم منعها الآن ولا اعلم السبب وبقيت الحافلة كما ترين حمراء ولو أنها بحاجة لطلائها من جديد.
حافلة نقل الركاب الحمراء مازالت تتهادى في شوارع بغداد
نشر في: 21 سبتمبر, 2010: 05:21 م