وضع عشرات الآلاف من المتظاهرين، الذين تدفقوا على ميدان التحرير الثلاثاء، للمشاركة في مليونية "للثورة شعب يحميها"، الرئيس المصري محمد مرسي أمام خيارين لا ثالث لهما، إما "إسقاط" الإعلان الدستوري، الذي أصدره أواخر الأسبوع الماضي، وإما "إسقاط" نظامه الحاكم، في الوقت الذي أكد فيه الجيش أن "ولاءه الوحيد" للشعب المصري.
ورداً على اتهامات، روجت لها بعض القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، بأن عناصر من الشرطة العسكرية، تنتشر على مداخل القاهرة الكبرى، قامت باستيقاف عدد من الأتوبيسات، يُعتقد أنها تقل متظاهرين، ومنعها من دخول العاصمة، أكد المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة، العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، أنه "لا صحة مطلقاً لتلك للأنباء."
وقال المتحدث العسكري، في بيان على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك" إن "عناصر الشرطة العسكرية الموجودة بمداخل القاهرة الكبرى، غير مخولة بالتعامل مع المدنيين، أو منعهم من التحرك"، مؤكداً أن "تواجدها في تلك المواقع، يأتي في إطار خطط القوات المسلحة لتكثيف أعمال التأمين بالمحاور والطرق الرئيسية المؤدية إلى داخل العاصمة خلال الظروف الراهنة."
وجدد المتحدث العسكري "تأكيد القوات المسلحة على أنها تؤدى دورها في حماية الوطن، وأن ولاءها الوحيد لشعب مصر وأرضها"، كما أكد على جميع المواطنين، ووسائل الإعلام، بضرورة "عدم الانسياق خلف الشائعات، التي يروجها البعض، للنيل من وحدة البلاد، وإثارة الفتنة بين الشعب العظيم وجيشه الوطني."
من جانبها، نفت رئاسة الجمهورية ما تردد عن استقالة نائب رئيس الجمهورية، المستشار محمود مكي، ووصفت في بيان أصدرته مساء الثلاثاء، أورده موقع التلفزيون الحكومي "أخبار مصر"، نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط، الخبر بـ"المختلق"، وأكدت أن نائب الرئيس "لا يزال حتى الآن في مكتبه بمقر الرئاسة، ويمارس مهامه المعتادة، ولا صحة مطلقاً لهذا الخبر."وأصدر مرسي، الخميس الماضي، إعلاناً دستورياً يمنع بموجبه القضاء من إلغاء أي قرار أو قانون أصدره، منذ توليه السلطة بنهاية يونيو/ حزيران الماضي، وحتى الانتهاء من إعداد الدستور الجديد للبلاد، كما يحصن اللجنة التأسيسية للدستور ومجلس الشورى ضد أي أحكام قضائية بحلهما.
كما أصدر مرسي قراراً بإقالة النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، متهماً النيابة العامة بأنها لم تقدم أدلة الاتهام الكافية بقضايا محاكمة المتهمين بقتل والتحريض على قتل الثوار، وما تبعها من أحداث، كما خصص المادة الأولى من الإعلان الدستوري لإعادة التحقيقات والمحاكمات الخاصة بتلك القضايا.
وأثار الإعلان الدستوري، والقرارات المرافقة له، موجة احتجاجات واسعة، امتدت إلى الفريق المعاون للرئيس مرسي، حيث أفادت مصادر إعلامية بقيام عدد من مستشاريه بتقديم استقالاتهم، إلا أن المتحدث باسم الرئاسة، ياسر علي، قال إن شخصيتين فقط من الفريق الرئاسي قدما استقالتهما، هما سمير مرقص، وفاروق جويدة، لافتاً إلى أن الرئيس قرر تأجيل البت في استقالتهما لحين الحوار معهما.
كما نفى علي، في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الرسمية، أن تكون الهيئة الاستشارية للرئيس محمد مرسي أعربت عن رفضها للإعلان الدستوري الأخير، إلا أنه قال إن "طبيعة العمل الديمقراطي تتضمن أن يكون هناك مؤيد ومعارض لأي قرار.. ولكننا لم نعتد على ذلك في مصر"، معرباً عن احترامه لكافة الآراء المطروحة.
وشهد ميدان التحرير سقوط قتيل واحد على الأقل الثلاثاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، نتيجة مواجهات اندلعت في محيط الميدان، الذي توافد عليه عشرات الآلاف، للمشاركة في مليونية "للثورة شعب يحميها"، التي دعت إليها القوى والأحزاب السياسية، بهدف "إسقاط" الإعلان الدستوري.
ويُعد هذا القتيل هو الثالث منذ بدء الاحتجاجات المطالبة بإسقاط الإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس مرسي أواخر الأسبوع الماضي، حيث سبق وأن أعلنت حركة "شباب 6 أبريل"، مقتل أحد أعضائها، ويُدعى جابر صلاح، وشهرته "جيكا"، بعد إصابته بطلق خرطوش في الرأس، بينما أعلنت جماعة "الإخوان المسلمين" مقتل الشاب إسلام مسعود، في مواجهات بين مؤيدي ومعارضي مرسي بمدينة دمنهور، شمال غربي القاهرة.