اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > تمثلات النهضة ..معوقات النهضة فـي العراق، ونقد مشروعها

تمثلات النهضة ..معوقات النهضة فـي العراق، ونقد مشروعها

نشر في: 22 سبتمبر, 2010: 04:50 م

سعد محمد رحيم ( الجزء الرابع ) إن الشرط الأبستمولوجي لأي معرفة هو في تأشير ما يعيق تفتحها ونموها، لأن القصور الذاتي للمعرفة لا ينفصل عمّا يحدّها ويكبحها موضوعياً. وحين نتكلم عن  (معرفة )
 إنتاجاً وتداولاً وتفاعلاً وفعلاً في الواقع تخص نهضتنا نجد سلسلة من عمليات إجهاض منظّمة مورست ضدها وأعاقت تراكمها من قبل قوى وسلطات اجتماعية وسياسية، داخلية وخارجية، مباشرة وغير مباشرة. إن إعاقة نمو المعارف والحجر على حرية إنتاجها وتداولها، لاسيما في مرحلة التحديات التي يواجهها المجتمع تتصل بالمحددات المرسومة للعقل في أن لا ينتهك حرمة منطقة واسعة تبقى مسكوتاً عنها، ويمنع دخولها والتساؤل حولها. ففي مقابل السؤال الأبستمولوجي الحاسم، في إطار نظامنا المعرفي العربي، ( حيث الثقافة في العراق، بحكم اللغة والسياق التاريخي أولاً، جزء من ذلك النظام على الرغم من إمكانية الكلام عن خصوصية عراقية أيضاً) والذي مؤداه؛ ما الذي يعيق العقل العربي من إبداع فكر نهضة حقيقي وفاعل، أي فكر مغيّر يحوّل المناخ الثقافي العربي، ومن ثم الواقع العربي؟ يظل السؤال السياسي المناظر هو؛ ما دور السلطات القائمة (السياسية منها والاجتماعية) في عرقلة مشروع النهضة بأبعاده الفكرية والسياسية والوجودية؟.يمكن تأشير مرحلتين في عمر فكر النهضة العربية الحديثة. تبدأ المرحلة الأولى مع رفاعة رافع الطهطاوي وتنتهي مع محاكمتي علي عبد الرازق وطه حسين، والثانية تبدأ مع طه حسين  وتنتهي بالهزيمة العربية المدوية في حزيران 1967.   لم تكن الهزيمة تجسيداً تاريخياً لقصور فكر النهضة وفكر طه حسين، بل هزيمة لما أعاقهما وأجهضهما. لكن طه حسين، مع تنويريين عرب آخرين، وقبل أن يمضوا ألقوا بذور فكرهم العلمي ومنهجهم التي أثمرت بهذا القدر أو ذاك، وإنْ بعسر، في رحم الفكر النقدي العربي الحديث، لاحقاً.كان أول سؤال خطر لي بعد فراغي من قراءة كتاب فاطمة المحسن ( تمثلات النهضة في ثقافة العراق الحديث ) هو؛ هل كانت فكرة النهضة والتنوير والتحديث والتمدن ( عراقياً ) واضحة في أذهان روادها ودعاتها الأوائل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين؟ أو بعبارة أخرى؛ هل أن تلك الفكرة تجسّدت في مشروع مجتمعي، محدد الملامح والأبعاد في إطار دولة، أيضاً، محددة الأبعاد والملامح، في خطاب نهضوي متكامل، أم بقيت في شكل شذرات أفكار، أو أفكار خام وتصورات لم تنضج تماماً، وقبسات صور مأمولة مُرمنسة؟   أما السؤال الثاني فكان؛ إلى أي مدى أثر خطاب النهضة ذاك، في فكر وثقافة العراق دولة ً ومؤسسات وتيارات سياسية وثقافية وطبقات اجتماعية؟ ومن ثم؛ هل أن ما آل إليه مشروع النهضة من تلكؤ ومواطن قصور وأخطاء، وبعد ذلك، هذه الخريطة الملتبسة والمشوشة والمعقدة التي انتهى إليها وضعنا السياسي والاجتماعي الآن، هو نتيجة لقصور في مشروع النهضة ذاك؟ أم أن السبب يكمن في جملة الظروف الموضوعية المتعلقة بواقع إقليمي ودولي خاص خلال عقود القرن العشرين والتي أعاقت المشروع من المضي في الطريق المناسب والصحيح والمثمر؟ وعوداً إلى مضامين المشروع ذاته؛ هل بدأ الإخفاق مذ لم يستطع الدعاة والرواد والمثقفون الذين تبنوا المشروع وروّجوا له الإجابة الشافية على سؤال الهوية؟ أم ماذا؟.   هل ولد المشروع معاقاً متردداً؟ هل لأنه بقي مشروع نخب سياسية وثقافية ولم يتحول إلى مشروع يؤمن به المجتمع ويأخذه على عاتقه؟ هل لأن من تبنى المشروع هم من العسكر المسيّسين، ضيقي الأفق، من ذوي النزعة الإنقلابية، حيث يجري حكم المجتمع بعقلية الثكنة؟ هل الخلل في المؤسسات التي التزمت بتحقيق المشروع سواء كانت مؤسسات الدولة أو الأحزاب والتيارات السياسية ومنظمات المجتمع المدني؟ هل لأن المؤسسات التقليدية، الأهلية ( لاسيما العشيرة ) والمؤسسة الدينية ( الطائفية بالضرورة ) ظلّت أقوى من المؤسسات الحديثة؟ أعتقد أن الإجابة على هذه الأسئلة من شأنها إكمال الجهد الخلاّق للكاتبة في تقصّيها عن فكر النهضة في النتاج الثقافي والأدبيات السياسية في العراق الحديث. لذا أرى أن مهمة النخبة المثقفة العراقية، اليوم، ليست في إعادة قراءة مشروع النهضة كما تمثل في أفكار رواده، وفي التحولات المدينية لعراق ما قبل تأسيس الدولة الحديثة ( 1921 ) بعقود قليلة، وما بعد تأسيسها بعقود قليلة، وحسب. بل في  إعادة صياغة مشروع النهضة ذاك من منطلق إعادة القراءة والتحليل والتقويم، وأيضاً في ضوء معطيات العصر ومناهج الفكر الحديثة. إن أي نزوع للنهضة عند مجتمع ما لابد من أن يتجلى أولاً في شكل أفكار وتصورات ودعوة؛ أي في شكل ثقافة، ثقافة تتبلور في عقول النخب وتسري في ضمائرهم وتنتج أدباً وفناً ورؤية اجتماعية وفكراً سياسياً وبيئة علمية سليمة، الخ..  فتفيض على شرائح المجتمع، وتؤثر في معتقداتها وآمالها نفسها هي المعنية بمسألة النهضة والبناء. غير أن ما حصل عراقياً هو أن هذه الثقافة النهضوية بقيت حبيسة طبقة اجتماعية محددة هي الطبقة الوسطى المتعلمة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram