نيويورك / انتر بريس سيرفسإذا كانت مأساة الانسكاب النفطي في خليج المكسيك قادرة على تنبيه العالم إلى شيء ما فهو أن سلامة التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية ليست مفهومهما مجردا في جعبة العلماء ومراكز بحوثهم، أو أنشطة لحماية الحيوانات الأليفة رغم أهميتها. التنوع البيولوجي والنظم الايكولوجية السليمة هي الأسس الحيوية للمجتمع البشري.
لقد ثبت أن إنتاج الغذاء الطاقة في البر والبحر، وكذلك الطب والسياحة والعقارات والصناعات والكثير غيرها، هي كلها معرضة لتداعيات تدمير النظم البيئية البحرية والبرية الجاري. ومع ذلك، وفي حين تطور مفهوم الارتباط الوثيق بين التنوع البيولوجي ورفاه الإنسان الآن أكثر من أي وقت مضى، فما زالت أخبار الجهود الدولية المبذولة ميدانيا للحفاظ على التنوع البيولوجي في العالم، قاتمة وداكنة. فالواقع أن البشرية تواصل تمزيق شبكة الحياة التي نعتمد عليها جميعا للبقاء، بل وبمعدلات مثيرة للقلق العميق المتنامي، فيما يفتقر العالم، إلى حد خطير حقا، إلى القرارات والأعمال الواجبة لمعالجة هذه الأزمة العالمية. قد يُعزى فشلنا في العمل إلى حد ما إلى المفهوم الخاطئ القائل بأن الحفاظ على التنوع البيولوجي في العالم هو قضية إرث تُعالج في المستقبل. لكن النتائج التي توصل إليها التقرير الثالث لمشهد التنوع البيولوجي في العالم (GBO3)، وهي الدراسة التقييمية الرئيسية الصادرة في مايو/ أيار الأخير في إطار اتفاقية التنوع البيولوجي، تأتي لتهدم مثل هذا المفهوم الخاطئ. فاستنادا إلى 120 تقريراً وطنياً من الدول الأطراف في هذه الاتفاقية القانونية الفريدة من نوعها والرامية إلى حماية الحياة على الأرض، يحذر التقرير أن نظمنا الإيكولوجية، ما لم يتم العمل جماعيا، تقترب من نقطة التحول الكفيلة بتعريض حياة الإنسان وسبل عيشه لخطر تدهور لا رجعة فيه بل والانهيار، ناهيك عن خدمات وموارد لا غنى عنها ولا تعوض مثل الهواء والمياه وخصوبة التربة وسلامة المناخ. ففي حين يتعرض الفقراء لمثل هذه الأخطار بصورة خاصة، فالواقع أن لا أحد على الأرض في مأمن من الآثار السلبية لإزالة الغابات، وانقراض الأنواع، وتدمير الشعاب المرجانية، وفقدان بحيرات المياه العذبة، وتحمض المحيطات. وكمثال، يقدر أن نحو مليار شخص في البلدان النامية يعتمدون على الأسماك كمصدر أساسي للغذاء. ومع ذلك، فيعاني 80 في المئة من مصائد الأسماك في العالم من الاستغلال التام أو المفرط والجائر. rnفكما أعلن علماء البيولوجيا في جامعة ستانفورد، كاليفورنيا، فإن "التفكير في أن النمو الاقتصادي لا يرتهن بسلامة البيئة، وأن البشرية يمكنها بالتالي توسيع اقتصادها المادي إلى ما لا نهاية، هو من قبيل الوهم الخطير". لذلك، فسيكون في مقدور أجيال المستقبل من العالمين المتقدم والنامي تلبية احتياجاتهم من الطعام والطاقة والأمن، فقط من خلال التنمية المستدامة. لقد تعرفنا على الضغوط الرئيسية المتزايدة التي تقف وراء فقدان التنوع البيولوجي: تغير الموائل، والإفراط في الاستغلال، والتلوث، والأنواع الغريبة الغازية، والتغيير المناخي. وفي المقابل، يعتبر الالتزام والمشاركة والتعليم حلفاء أقوياء ضد هذه التهديدات. لم يعد هناك مفر. فقد أصبح الالتزام العميق وإتخاذ الإجراءات المتضافرة على مستوى الدول لحماية المناطق الايكولوجية البحرية والأرضية أمرا حتميا للإسهام في وقف بل وحتى عكس هذه الاتجاهات التي يجب أن تكون محظورة. هذا ويشهد خريف هذا العام فرصتين هامتين لخلق نموذج جديد للاستجابة لتحديات التنوع البيولوجي. ففي 22 سبتمبر/ أيلول بمناسبة الاحتفال بالسنة الدولية للتنوع البيولوجي، ستتاح لزعماء العالم فرصة فريدة لصياغة وتنفيذ إستراتيجية جديدة للتنوع البيولوجي، والمناداة بإدخال الممارسات المستدامة في استخدامات الأراضي والموارد، وزيادة المناطق المحمية في جميع أنحاء العالم، وتنفيذ الخطط الكفيلة بالتوفيق بين التنمية والحفاظ على البيئة. وللمرة الأولى في الأمم المتحدة، سوف يجتمع رؤساء الدول والحكومات والمسؤولين لكافة الدول الأعضاء في المنظمة وعددها 192دولة، في مؤتمر رفيع المستوى يخصص حصرا لأزمة التنوع البيولوجي. وسيعقد اجتماع قمة بشأن التنوع البيولوجي في ناغويا في ولاية آيتشي اليابانية. ومن المقدر أن تعتمد الدول الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي هذه الخطة الاستراتيجية الجديدة للفترة من 2011-2020، والتي تنص على أهداف جديدة لعام 2020 ورؤية جديدة للتنوع البيولوجي لعام 2050 rnولا شك أن نجاح هذه الجهود يتطلب التزاما كاملا من جميع الدول.. لقد أعرب الرئيس أوباما عن التزامه القوي بمعالجة الأزمة البيئية في العالم. وقال في قمة الأمم المتحدة للمناخ في كوبنهاغن أن "... مسؤولياتنا هي أن نترك لأطفالنا وأحفادنا كوكبا أنظف وأكثر أمانا". ونظرا لأن هذه الاتفاقية هي أكثر اتفاقيات التنوع البيولوجي شمولا حتى الآن، فقد تتيح للرئيس أوباما الوفاء بهذه المسؤوليات وإلهام الالتزام المتجدد للمجتمع العالمي. نحن نحث الرئيس أوباما على السعي بلا هوادة لإنهاء عملية تصديق الولايات المتحدة الكامل على الاتفاقية. لنتطلع إلى اللحظة التي تنضم فيها الولايات المتحدة لأبطال التنوع البيولوجي وتكرس نفسها لصون وحماي
سفير النوايا الحسنة للتنوع البيولوجي … لقد مزقوا شبكة الحياة
نشر في: 24 سبتمبر, 2010: 05:25 م