TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك :(إن صدقناك أغضبناك)

هواء فـي شبك :(إن صدقناك أغضبناك)

نشر في: 24 سبتمبر, 2010: 08:12 م

 عبدالله السكوتي شكا الحجاج يوما سوء طاعة اهل العراق وسقم مذهبهم، وسخط طريقتهم؛ فقال له جامع المحاربي وكان شيخا صالحا خطيبا لسنا:اما انهم لو احبوك لاطاعوك، على انهم ما شنؤوك لنسبك، ولا لبلدك، ولا لذات نفسك، ولكنهم نقموا افعالك، فدع ما يبعدهم عنك الى ما يدنيهم منك،
والتمس العافية ممن دونك تعطها ممن فوقك، وليكن ايقاعك بعد وعيدك، ووعيدك بعد وعدك، فقال له الحجاج:والله ما ارى ان ارد بني اللكيعة الى طاعتي الا بالسيف، فقال جامع: ايها الامير، ان السيف اذا لاقى السيف ذهب الخيار، فقال الحجاج: الخيار يومئذ لله، فقال جامع: اجل، ولكن لا تدري لمن يجعله الله، فغضب الحجاج وقال: ياهناه وهي كلمة قبيحة، انك لمن محارب، فقال جامع: وللحرب سمينا وكان محاربا اذا ما القنا امسى من الطعن احمرا فقال له الحجاج: والله لقد هممت ان اخلع لسانك، واضرب به وجهك، فقال جامع: اذا صدقناك اغضبناك، وان كذبناك اغضبنا الله، وغضبك اهون علينا، ثم انسل جامع من بين الصفوف وخرج. وهذه أيضاً جدلية من نوع آخر، جدلية الامير والشعب، والدكتاتور والناصح، ومنذ القدم اوصوا بعدم صحبة السلطان، وعبروا عنه بانه كالصخرة ان وقعت عليها آلمتك وان وقعت عليك آلمتك، وهذه الصحبة مهمة عسيرة، اذ ان التاريخ يحكي ويفيض ان مصاحبة السلطان من الاخطار، ونصيحته اكثر خطرا، وهذا طبعا في الحكومات الفردية والتسلط، الحكومات التي تبنى على عبقرية الرجل الواحد وحكمة الرجل الواحد، وكذلك رعونة الرجل الواحد، ولطالما اودى الرجل الواحد بالعباد والبلاد، وحول عيش المجموع الى جحيم لا يطاق؛ لكننا الان نأمن على السننا من القطع لنتكلم بما نريد، فالرئاسات ثلاث بدل واحدة، ومجلس النواب انبثق من الشعب، والقنوات الفضائية تصفر من تريد وترفع من شأن من تريد، لا يردعها رادع، ومواطنو الخارج يعتبون على السلطة وهم بكنف دول اخرى، فقد خرجت علينا امرأة ذهبت لزيارة ابنتيها اللتين تخرجتا من الجامعة التكنولوجية وحصلتا على الدكتوراه، لتصبحان من حصة بريطانيا وهي لم تزل تعتب على الوطن، الذي تعب وربى وعلّم، وادخل الجامعات، ومن ثم تذهب الكفاءات العراقية لخدمة الغير، وهي غير راضية عن العراق، لينبري احدهم ويقول سارجع اخدم بلدي عندما تتغير الظروف، وكأن الوطن ينتظر الاخ لحين عودته. قبل فترة قصيرة ذهبت لزيارة احدهم وقد عاد من بريطانيا، رحبت به كثيرا لكني علمت انه عاد ليموت في العراق، وآخر قد كسرت رجله وقد عاد ليشفى ومن ثم يعود الى منفاه، عندها علمت ان الاخوان اثنان، اما اخ او عدو وقد فصل ذلك الشاعر حين قال: لعمرك ما ضاقت بلاد باهلها ولكن اخلاق الرجال تضيق وتذكرت صديقي القديم الذي قال لي ذات يوم وقد الححت عليه بالسؤال: لماذا لا تخرج من العراق؟ فقال: صدقني لو يضربوني ويطرحنوي خارج الحدود اعود ثانية، ولو اعادوها آلاف المرات، عندها فقط علمت ان هناك فرقا بين هذا وذاك، وعلمت ان مصروفات الدولة على ابنائها لم تذهب جميعها هباء، فالكثيرون لا يتعاملون مع العراق من خلال الدينار والدرهم، وهم عراقيون رغم انف الحجاج واشباهه، والجدران الحرة ما عادت حكراً على الدول الغربية فنحن كذلك نكتب على الجدران براحتنا، ولا نخشى الامراء والوزراء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

جلسة "القوانين الجدلية" تحت مطرقة الاتحادية.. نواب "غاضبون": لم يكن هناك تصويت!

القانونية النيابية تكشف عن الفئات غير مشمولة بتعديل قانون العفو العام

نيمار يطلب الرحيل عن الهلال السعودي

إنهاء تكليف رئيس هيئة الكمارك (وثيقة)

الخنجر: سنعيد نازحي جرف الصخر والعوجة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram