TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > بــــدوي وتـــرجـــمـــة "خـبـــز وخـمـر" لـهـيـلــدرلـن

بــــدوي وتـــرجـــمـــة "خـبـــز وخـمـر" لـهـيـلــدرلـن

نشر في: 25 سبتمبر, 2010: 04:45 م

صلاح نيازي1-2نشر الدكتور عبد الرحمن بدوي، ترجمةً لقصيدة :خبز وخمر" الشهيرة، للشاعر الألماني هيلدرلن، مع مقدمة في كتاب :"في الشعر الاوربي المعاصر" (الطبعة الثانية 1980- بيروت).لدى مقارنة هذه الترجمة العربية، بالترجمات المتيسرة باللغة الإنكليزية، ظهرت اختلافات أساسية.
 اختلافات تدعو إلى التساؤل. أهو بسبب طريقة فهمنا للشعر الأجنبي الموضوعي، أم إلى تكيّف ذائقتنا الشعرية إلى الشعر الغنائي حسب؟من النافلة إن مهارات بدوي لم تكنْ في يومٍ ما على المحك. ترجماته العديدة، ومن لغات مختلفة تشير إلى تمرّس طويل في هذا المضمار. هذه المقارنة، بين الترجمتيْن، محاولة لإيجاد مبادئ عامة في فهم قصيدة أجنبية موضوعية، وبالتالي كيفية ترجمتها. لكنْ نظراً لطول القصيدة، وكثرة الاختلافات، انصبّ الاهتمام على المقطع الأوّل من القصيدة. من الطريف أنClemens Brentano امتدح هذا المقطع و " اعتبره  قصيدة قائمة بذاتها ".قورنت الترجمة العربية هنا، بثلاث ترجمات إنكليزية هي:1-ترجمةJ.B. Leishman   2- ترجمة Christopher Middleton 3- ترجمة Michael Hamburger، الذي قام بترجمتها ثلاث مرات، مرتين شعراً، وثالثة نثراً.بالإضافة إلى هذه الترجمات، كان لا بدّ من الرجوع إلى الدراسات المتخصصة المكرسة لهذه القصيدة، والمقاطع المترجمة في ثناياها.لكي نكون على بينة من أمر الترجمة العربية، لا بدّ من التوقف قليلاً عند المقدمة التي كتبها بدوي، فقد تلقي ضوءاً على طريقة فهمه للنص. قال:"إن هيلدرلن الشاعر الرومانتيكي المتوفى سنة 1843 هو اليوم أوفر الشعراء حظاً من العناية به والاحتفال لقصائده (كذا)".المعروف بين النقاد ومؤرخي الأدب، أن هيلدرلن لم يكنْ شاعراً رومانتيكياً، ولكنه على رأي أحد النقاد:"أعظم الشعراء الرومانتيكيين والكلاسيكيين في الشعر الألماني، ولكنّه لم يكنْ واحداً من أي منهما". وقال J. B. Robertson:"طالما صُنِّف هيلدرلن مع الأدباء الرومانتيكيين...لقد تلقّى أفضل إلهامه من العصور القديمة، وأصبح شعره- كما اكتشف ذلك القرن العشرون-  شيئاً سرمدياً كما الشأن في الأدب القديم. شعره بقي حياً بعد الرومانتيكية. "خبز ونبيذ"، نبذت ، بما لا يقبل الشك، النزعة الرومانتيكية وما تصبو إليه من حالات القوة والموت والحلم".يقول بدوي في المقدمة ايضاً :" القصيدة تبدأ باستلهام الليل، والليل عند الرومانتيك، رمز حافل بالمعاني، ولهذا طالما مجدوه... فالليل رمز الموت: موت الروح والجسد" ثم يقول :"وبدت احاسيس الليل تدبّ بها الحياة من حنين بين العشاق، وشوق عارم إلى الأصدقاء الغائبين، وذكرى الصبا ببراءته الناعمة القصية". يبلغ تناقض بدوي أقصاه في مفهوم ليل هيلدرلن، حين يقول: وفي المقطعة الثانية يكشف هيلدرلن عن المعنى العميق لليل في حياة الروح، ما أروعَ  تأثير الليل فينا! لكنه مغلف بالأسرار، فلا يستطيع الكشف عنها أحد، لهذا يميل الناس إلى تفضيل النهار ذي الأنوار. أمّا النظرة النافذة فتهوى الظلام والظلال. ثمّ الليل أليس هو وقت النعاس" ومن مناّ لا يهوى النعاس؟! بوركت أيها الليل بما تمنح من نِعَم: فأنت واهب النوم والنسيان والشكر المقدّس!"كذا التخاليط. إنْ كان الليل رمز الموت: موت الجسد والروح، فكيف إذنْ تدبّ في أحاسيس الليل الحياة من حنين بين العشاق، وشوق عارم، إلى الاصدقاء وذكرى الصبا  ببراءته الناعمة القصية.        يستطرد بدوي :"...ثم الليل أليس هو وقت النعاس، ومن منا لا يحبّ لا يهوى النعاس!"لاا أحد يدري كيف دخل النعاس هنا، خاصة وأن هيلدرلن يدعو إلى اللانوم. الليل في مفهوم هيلدرلن  هو :" زمان أو مكان التأمّل"، ولا فرق هنا بين المكان والزمان، الليل والنهارجانبان رمزيان لثيمة واحدة هي:" الآلهة ووجودها بين البشر"، وهذان المصطلحان مفعمان بأهمية معقّدة متشعبة، وقد آستخدمهما هيلدرلن:"للإشارةإلى فلسفة لحياة، طوراً، وطوراً آخر إلى نوع الحياة التي تنبعث بفعل تأثير فلسفة كتلك، وطوراً ثالثاً للإشارة إلى المراحل المختلفة لحياة البشر تحت  تأثيرتلك الفلسفة".ليل هيلدرلن كما قال أحد النقاد :"له صلة بالفوضى بالمعنى الأسطوري، أيْ طوفان أشياء يسبق ظهور الأشكال والنماذج، وذو صلة بالمادة - مقابل الروح-  وذو صلة بالطبيعة حينما تُصوّر على أنها الأرومة الحبلى للحياة... كما انّ هيلدرلن يرمز بالليل في التأريخ الإنساني إلى غياب الآلهة".قال هامبرغر:"عاد هيلدرلن ينظر إلى الحاضر كفترة ليل ضروري ضرورة النهار، وعلى البشر ان يُجمعوا أمرَهم لقدوم  الآلهة الجديد". على هذا يجب على الذين يمجدون الآلهة:" أن يبقوا يقظين في الليل؟.هكذا ببساطة فإن المترجم الذي تفوت عليه الرموز، لا يكون إلاّ عاجزاً في فك المغاليق.لا ريب؛ ان الإحاطة بترجمة قصيدة موضوعية تقضي بأن يكون المترجم ملمّاً بـ ا- تقني

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram