عبدالله السكوتييحكى انه كان لشخص كسلان صديق ناجح في اعماله، واحب هذا الصديق ان يشرك الكسلان بعمله فأخذ يرغّبه في ذلك ويشرح له كيف ان عمله يدر عليه ربحا وفيرا ويجلب له الاحترام، الا ان الكسلان لم يستمع لما يقوله، ولما الح عليه للموافقة قال الكسلان:(فطوري شوربة لبن، او غداي خبّاز، روح اشتري ابعقلك حلاوه)، وهو يشير بذلك الى كسله وتقاعسه وليس الى بساطة مأكله، وتيسره، وكذلك يشير الى عدم مشاركته بالعمل ليكتفي بالنظر من بعيد.
ونحن لا نريد لاحد ان يشتري بعقله حلاوه، فالعقول جميعها راجحة والحمد لله وتعرف ما تفعل، خصوصا في هذا الوقت الذي تندر فيه الكثير انتصارا للباطل دون احقاق الحق، وجل هؤلاء يبحثون عن مجد ضائع لم يستطيعوا الحفاظ عليه.وهم يبكون ملكا ضائعا كان احدهم فيه، يتسلم الهدايا والمميزات من قطع الاراضي والسيارات، ولا يستطيعون نسيان ذلك المشهد الذي كانوا يرتقون به على جراح الاخرين، ولذا تراهم بين فترة واخرى يذكرون الناس ان التغيير لم يأت سوى بالمصائب، متناسين ان القاتل معروف والمقتول أيضاً معروف ومنذ قديم الزمان.لقد ضج الكون برائحة النظام السابق، وامتلأت ارض العراق مقابر ومآس، ليأتي بعد ذلك من يأتي ويريد ان يضع الامور بغير نصابها، ليس لانه يحمل فكرا مضادا فالمجال مفتوح للجميع في المشاركة ولا لانه يعرف موازين الحق فيتكلم بها ويدعو اليها، ومع هذا فقد افتضح امر الكثيرين، وعلم انهم يشوشون على عقول الناس ويحاولون اعادة عجلة الزمن دون جدوى. لا ادري كيف اصف مشاعري وانا اشاهد برنامجا عرضته احدى القنوات الفضائية المعروفة، ناقشت به المخبر السري وتهكمت كثيرا، واتصلت باناس كثيرين بحسب ما قالوا انهم ضحايا المخبر السري، ولكن ما يدهش ان مقدم البرنامج اتصل باحد المعتقلين وهو داخل السجن، وبدأ المعتقل يتحدث عن الظروف الصعبة والمعاملة السيئة في السجون، ومن الطبيعي ان يحاول مقدم البرنامج ان يصف الاتصال بانه من الصعوبة، ولم يكلف نفسه القول ان هذه الممارسة لا يحظى بها اي سجين في العالم، وهي وحدها كافية في زمان النظام السابق ان تجعل المعتقل يتهم بالتجسس، على اعتبار انه اتصل بقناة فضائية مقرها خارج العراق، وهو في هذا سرّب معلومات ربما تكون عسكرية الى خارج البلد. لا ادري من يضحك على من، التاجر الشاطر ام الكسلان الذي خاطبه بالقول: (روح اشتري ابعقلك حلاوه)، ومن هو الجدير بابدال عقله بقليل من الحلوى، ومع وجود الحيف والظلم والابرياء داخل السجون، ومع ان الاخطاء كثيرة، وهي ليست بمستوى الوقت المتاح ولا التحديات الكثيرة التي يواجهها العراق، ومع كل المنغصات والمفخخات والطبول الجوفاء التي تحاول بشتى الاساليب تخريب هذا البلد، كان من الممكن ان يصف مقدم البرنامج اتصال المعتقل به من داخل العراق بانه تجربة جيدة وعملية لا يجرؤ ان يقوم بها اي نظام ديكتاتوري مهما نصع لونه او حاول ان يغسله بعض غاسلي الثياب، افرادا ودولا؛ ولا اعرف لماذا اصبحت امتلك قليلا من الامل، في حين كنت يائسا محتارا لما ستؤول اليه الامور، ولكن في النهاية علمت ان الذين يحاولون وصم تجربة العراق، بالظلم والطغيان والاستلاب، دانوا انفسهم والذي لا يريد ان يصدق ذلك نقول له:(روح اشتري ابعقلك حلاوه).
هواء فـي شبك: (روح اشتري ابعقلك حلاوة)
نشر في: 25 سبتمبر, 2010: 08:07 م