TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ألستم من لحم ودم؟

ألستم من لحم ودم؟

نشر في: 28 نوفمبر, 2012: 08:00 م

من المفترض أنهم يشبهوننا .. مثلنا من لحم ودم ومشاعر وأحاسيس.. يأكلون ويشربون ويلبسون .. يضحكون ويبكون .. يسترخون وينامون .. يستمعون الى الراديو ويشاهدون التلفزيون ويتأثرون ببرامجهما ويتفاعلون معها، بما فيها الاخبار ومنها أخبار الانتفاضة المصرية الثانية في غضون أقل من سنتين، وهذه المرة ضد الفرعون الجديد (الاخواني) محمد مرسي.

من أعنيهم هم قيادات الاحزاب السياسية والمنظمات المهنية الذين صدعوا رؤوسنا بمعارضتهم لرئيس مجلس الوزراء نوري المالكي ومناهضتهم لسياساته وقراراته ومواقفه وتصرفاته التي أقل ما يمكن أن يقال فيها انها تعكس نزعة واضحة لاحتكار السلطة واتجاهاً ملحوظاً للتفرد والاستبداد، بالضبط كما هي حال الفرعون المصري الجديد (الاخواني).

هؤلاء القيادات، ومعظمهم ممن يضع رجلاً في الحكومة وأخرى في المعارضة في مفارقة تعكس ذاتيتهم وأنانيتهم وطمعهم وانصرافهم عن شؤون الوطن والمواطن الى شؤونهم الشخصية والحزبية والطائفية، لابد انهم تابعوا مجريات الانتفاضة المصرية التي قادتها الاحزاب والهيئات والمنظمات المدنية للتصدي لفرمان الفرعون المصري الجديد (الاخواني) بتشريع دستوره الفردي الخاص (الاعلان الدستوري) .. كل المجتمع المدني المصري هب في وجه الفرعون الجديد (الاخواني) .. قادة الاحزاب والنقابات والمنظمات المصرية ضربوا المثل الحسن وقدموا الأنموذج الطيب للوطنية الحقة بتصدرهم الاحتجاجات والنزول الى الشارع، بخلاف قيادات أحزابنا ومنظماتنا الذين يؤثرون السلامة في الغالب .. يكتفون بالتفرج على ما يجري ويدور.

لدينا هنا في العراق مئة سبب وسبب، وربما الف سبب وسبب، أكثر مما لدى المصريين للاحتجاج والاستنكار والمعارضة والمناهضة والنزول الى الشوارع والميادين لما تفعله دولتنا.. من انتهاك الدستور، بل تعطيل أحكامه بالكامل، الى سرقة المال العام علناً، الى الحنث باليمين، الى الانقلاب على الاتفاقات والتفاهمات، الى ممارسة الفساد المالي والاداري بمئة شكل وشكل، الى الكذب والتدليس والتزوير.

السؤال الذي يحيّرني: عندما يسترخي قادة احزابنا ومنظماتنا في مكاتبهم أو صالات بيوتهم ويتفرجون على برامج التلفزيون ونشرات أخباره التي تتصدرها أخبار الانتفاضة المصرية الجديدة على الفرعون الجديد (الاخواني)، كيف يفكرون؟ هل يقارنون بين ما يفعله قادة الاحزاب والنقابات والمنظمات المدنية في مصر وبين ما يفعلونه هم؟ هل، وهم يقومون بمثل هذه المقاربة، يشعرون بالخجل ويعتريهم الحياء إذ يرون انفسهم في الدرك الاسفل من الممارسة السياسية؟

من المفترض ان يكون لدى قياداتنا السياسية والنقابية والمجتمعية مثل هذا الشعور وهم يرون مواطنيهم العراقيين يكابدون ما يكابدون ويعانون ما يعانون منذ عشر سنوات أكثر بمئة مرة ومرة مما يعانيه المصريون ويكابدونه الان مع فرعونهم الجديد (الاخواني).

من المفترض ان يكونوا كذلك، الا اذا كانوا لا يشبهوننا وليسوا مثلنا من لحم ودم ومشاعر وأحاسيس. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. ابو ايناس

    الاستاذ عدنان حسين المحترم نعم هم لايشبهوننا لان يحبون وطنهم حيث ان ولائنا ليس للوطن بل للطائفه وهذا اخطر شئ

  2. محمد الشمري

    دي مصر ياعمي استاذ عدنان تحيه بالرغم ان ماذهبت اليه هو صحيح 100% ولن الشعب العراقي قد جار عليه الاولين والاخرين وناله الضيم العظيم الذي لم يتعرض له اي شعب ففي كل بيت مصيبه وقد ختم البعث المجرم ما ادما نا حتى الثماله ووصلنا الى القنوط لاننا وجدنا في السلطه

  3. علي الخزعلي

    الفارق بيننا ان الاحزاب والحركات السياسية في العراق مدفوعة الثمن من خارج العراق تتحرك باوامر من هناك والشعب قطيع من الغنم يركض وراءهم والمثقفين الابطال امثالكم ومن يقراكم يغردون وحدهم لان تهمة 4 ارهاب جاهزة والشعب مل السجون والمعتقلات وهذه حقيقية يعرفها ا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: نظرية "كل من هب ودب"

قناديل: انت ما تفهم سياسة..!!

عن المرجعية الدينية

العمودالثامن: كيف ننجو؟

 علي حسين عام 1965 قرر رئيس وزراء ماليزيا آنذاك، تونكو عبد الرحمن، أن يطرد سنغافورة من الاتحاد الماليزي، في ذلك الوقت سأل أحد الصحفيين رئيس وزراء سنغافورة ماذا سيفعل؟ كانت الجزيرة بلا موارد...
علي حسين

باليت المدى: بين الحقيقة والخيال

 ستار كاووش خرجتُ من متحف لام وأنا مُحَمَّلٌ بفتنة الأعمال الفنية والابتكارات المختلفة التي ملأت صالات العرض. وما أن وضعتُ قدمي خارج الباب الزجاجي للمتحف، حتى إنعكس لون الحديقة الأخضر على وجهي. حديقة...
ستار كاووش

الزوجَة الطِفلَة بين التراجيديَّة والكوميديَّة الفقهيَّة

د. لؤي خزعل جبر مِن علاماتِ شعبويَّة ووهميَّة الجدل بين المُنتقدين والمؤيدين للتقنين الفقهي الشيعي ما يسود بخصوص معقوليَّة زواج المرأة بعمر التاسِعَة، إذ يرى المُنتقدون إنَّ المرأة في التاسعة طِفلَة، ويقبُح تزويجُ الطِفلَة،...
د. لؤي خزعل جبر

أكثر من حرب على صوت المرأة

حازم صاغية حينما يوصف أحدهم بأنّه "مسموع الصوت"، يكون المقصود أنّه مؤثّر أو نافذ. فالصوت أداة قوّة وتمكين، ولأنّه كذلك كان مَن يطالب أو يحتجّ "يرفع صوته"، فحين لا يُلبّى طلبه يرفعه أكثر إلى...
حازم صاغية
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram