ميعاد الطائييعد التعداد السكاني من أهم الممارسات التي تقوم بها الدول للحصول على البيانات والإحصائيات التي تساعدها على وضع الخطط التنموية وصياغة البرامج الاقتصادية اللازمة في رسم سياسات تساعد الحكومات على تلبية احتياجات المواطنين وتقديم الخدمات لهم على أساس تلك البيانات.
وحسب توصيات الأمم المتحدة تم تعريف التعداد السكاني بأنه (العملية الكلية لجمع وتجهيز وتقييم وتحليل ونشر البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بكل الأفراد في قطر معين، أو في جزء محدد المعالم من هذا القطر عند لحظة زمنية محددة والهدف من إجرائه هو معرفة حالة السكان في دولة ما أو في جزء محدد من تلك الدولة عند لحظة زمنية معينة، وهذه الممارسة بمفهومها الواسع تعني عدد السكان، ومعدلات نموهم، وتوزيعهم الجغرافي، وتركيبهم الديموغرافي، وخصائصهم الاجتماعية والاقتصادية).ويشمل التعداد السكاني إجراء مسح وإحصاء شامل لأعداد السكان ومعرفة جميع أحوالهم من حيث أعداد الذكور والإناث وتوزيعهم على المناطق ونسب الوفيات والأيدي العاملة ومن خلال تقييم الخطط التنموية السابقة، وتقييم مختلف الميادين والحصول على بيانات دقيقة عنها كالصحة والتعليم وتنظيم الأسرة والإسكان والهجرة والطرق والأبنية والزراعة والمجالات الاقتصادية والاجتماعية كافة.وتعمد الدول الى إقامة هذه الممارسة بين فترة وأخرى ويرى الخبراء ان مدة عشر سنوات هي الأنسب لتحديث البيانات بين تعداد وآخر من اجل معرفة المتغيرات الحاصلة لتكون الدول أمام إحصائيات دقيقة وعدم الاعتماد على معلومات قديمة او الركون إلى التقديرات غير الصحيحة.وكما يعلم الجميع إن العراق تعرض إلى تدمير كبير عبر عدد من الحروب ساهمت في تدمير البنية التحتية لهذا البلد وحرمت المواطنين فيه من ابسط الخدمات عبر عقود طويلة،الأمر الذي جعلنا بحاجة ماسة إلى حملة اعمار كبيرة وخطط تنموية جبارة لإعادة الاعمار وإيصال الخدمات إلى المواطن وكل هذا يتطلب إحصائيات دقيقة يستند إليها رجال الاقتصاد والمعمرون الجدد.من اجل هذا كنا بحاجة إلى تدخل المؤسسة التشريعية لتفعيل هذه الممارسة المهمة، وفعلا صوت البرلمان العراقي على قانون التعداد السكاني عام 2009 بعد مناقشات طويلة وكان من المفروض أن يتم إجراؤه في فترة سابقة إلا إنه تأجل لأسباب غير قانونية.وتجدر الإشارة إلى ان آخر تعداد سكاني اجري في العراق كان عام 1997 وكان من المفروض ان يقام التعداد الآخر قبل فترة من الآن إلا إن الوضع الأمني تسبب في تأجيله كل هذه الفترة. واليوم بعد تحسن الوضع الأمني لا بد من التعجيل بهذه الممارسة باعتبارها استحقاقاً وطنياً يساهم في تقديم الخدمات للشعب الذي طال انتظاره لها. وكما يعرف الجميع ان التعداد السكاني الذي تم تحديد موعده في العراق في 24/10/2010 يعد إجراءً مهما كممارسة على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لأنه يشمل تقييم المستوى المعيشي للمواطن ومحاولة الحكومة تحسين هذا المستوى من خلال الخطط المستقبلية والبرامج الإدارية التي تعتمد الأرقام الدقيقة والإحصائيات الحديثة وعدم الاعتماد على التقديرات في وضع هذه الخطط . وتهتم دول العالم بهذه الممارسات وتسخر لها كل الطاقات المتاحة لديها من خلال تحديد جهات ومنظمات رسمية تكون مسؤولة عن توفير الكوادر المختصة وتدريبها على يد خبراء وزج هذه الكوادر في دورات تدريبية لتأهيلها بصورة جيدة للقيام بالمهمة على أكمل وجه.وبالفعل فقد قامت وزارة التخطيط العراقية بالتحضيرات المناسبة وتم الإعلان عن الاستعدادات التامة للقيام بالتعداد في هذا العام.وحسب ما أعلنته وزارة التخطيط العراقية انه (جرى في العراق ثماني عمليات تعداد عام للسكان، وأول تعداد منظم للسكان في العراق نفذ من قبل دائرة النفوس عام 1927 سميّ في حينه بالتسجيل العام، وكان الغرض منه وضع سجلات للنفوس وإعداد قوائم بالمكلفين وذلك بموجب قانون تسجيل النفوس رقم (54) لسنة 1927، واجري التعداد الثاني عام 1934، والثالث عام 1947م.ثم تلا ذلك التعداد الرابع عام 1957، والخامس عام 1965 والسادس عام 1977 والسابع عام 1987 الذي وفر مؤشرات إحصائية شاملة عن التغيرات السكانية والاجتماعية والاقتصادية والسكنية على مستوى جميع المحافظات من الحضر والريف، مشيراً إلى إن آخر تعداد أجري عام 1997، على ان عملية التحضير لإجراء التعداد في عام 2004 لم تنجح بسبب الأزمة الأمنية).لا بد من التأكيد في الختام إنه من الضرورة بمكان إقامة هذا التعداد في موعده المقرر لان فيه فائدة الجميع، وعلى جميع الدوائر والمؤسسات الخدمية في العراق أن تستفيد من البيانات والإحصائيات الدقيقة في مجالات الصحة والتعليم والخدمات وصحة الأم والطفل والزراعة والنقل والتوزيع السكاني والهجرة واليد العاملة ومجالات أخرى تعد مهمة جدا لنمو المجتمع وازدهاره الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وكل هذه المعلومات سيفرزها التعداد السكاني من اجل تقديم الخدمات للمواطن والاعتماد على البيانات الدقيقة والتي ستكون المرجع الأول لمؤسسات الدولة من اجل ان تعمل على بناء العراق من جديد.
التعداد السكاني والاستحقاق الوطني
نشر في: 26 سبتمبر, 2010: 05:11 م