TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المعهد القضائي العراقي وآفاق المستقبل

المعهد القضائي العراقي وآفاق المستقبل

نشر في: 26 سبتمبر, 2010: 05:12 م

القاضي زهير كاظم عبود حرصت الدساتير العراقية التي تعاقبت مع تبدل السلطات على أن يكون هناك نص دستوري يقر باستقلالية السلطة القضائية، غير أن مجرد الإشارة إلى هذه الاستقلالية لا ينم عن أيمان حقيقي بتلك الاستقلالية، من خلال سعي
السلطة لتغييب المؤسسات والكيانات داخل المجتمع ضمن سطوتها، وتبقى جميع النصوص لا قيمة قانونية لها إذا لم تجد تطبيقا عمليا وواقعيا يجسد هذه الاستقلالية ويمارسها على أرض الواقع.وفي خضم سيطرة السلطة المركزية على  السلطات كافة، وهيمنتها على جميع المرافق،وإلغاء كل ما وفره الدستور في حينه للقضاء، كان من بين أشد المساوئ التي أقدمت عليها ليس في تهميش القضاء العراقي وشطب استقلاليته فقط  وتحديد صلاحياته، إنما في تحويل القضاء العراقي إلى مجرد وظيفة تابعة إلى السلطة التنفيذية ومرفق من مرافق السلطة القابضة على الحكم. rnوالاستقلالية تعني التأكيد على ضمان قيام دولة تحترم القانون وتلتزم به، وتعتمد النصوص الدستورية في بناء القوانين، والاستقلالية لا تعني فقط عدم تدخل السلطة في أعمال القضاء، وإنما أن تكون سلطة القانون فوق أية سلطة أخرى بالإضافة إلى توفير الضمانات التي تساهم في ممارسة تلك الاستقلالية  وتؤمن للقاضي تطبيق القوانين وفق أسس العدالة.ولأن القضاء العراقي بحاجة ماسة لإطار علمي وعملي يؤمن أعداد قضاة لتبوؤ مركزي القضاء والادعاء العام وهما من بين مفاصل السلطة القضائية المهمة، ولما كان القضاء العراقي يشكل الناظم الأساسي في رد المظالم وتحصيل الحقوق وإيقاع الجزاء المادي على مرتكب الجريمة، فقد كان القضاء بحاجة ماسة إلى قضاة متمرسين ومتسلحين بالتجربة والنزاهة والاستقلالية والحياد والشجاعة إضافة إلى العلمية والقابلية على التطور، يأخذون على عاتقهم  المساهمة الفاعلة في إعلاء شأن القضاء لتحقيق الغاية الأسمى في العدالة التي ينشدها الجميع.برزت الحاجة الماسة لتشكيل معهد عال لإعداد القضاة وأعضاء الادعاء وتسليحهم بالأدوات العلمية والمعرفة والكفاءة والنزاهة والحياد بما يتناسب مع الاستقلالية التي أشار إليها الدستور، وكان لابد من معهد عال يأخذ على عاتقه ديمومة القضاء العراقي، وعلى ضوء هذه المستجدات والضرورة صدر قانون المعهد القضائي رقم (33) لسنة 1976 ليكون مساهماً جاداً وفاعلاً في رفد القضاء بالعناصر الشابة المؤهلة لتبوؤ المراكز القضائية، ولأن الدولة حينها كانت ترتكز على  السلطة الواحدة التي تقبض على جميع مفاصل السلطات الأخرى  ولا تقر مطلقا بمبدأ فصل السلطات ولا تعترف أيضا بنصوص الدستور حتى التي وضعتها وفقا لنظرتها ورغبتها السياسية، ولأن القضاء كان تابعا من توابع السلطة التنفيذية (ووظيفة عامة ومرفق) كما فصلتها ورقة أصلاح النظام القانوني وأشار لها الدستور آنذاك، حيث أن القضاء متمثلا بمجلس العدل كان برئاسة وزير العدل – وهو جزء مهم من أجزاء السلطة التنفيذية - فمن الطبيعي أن يكون المعهد القضائي مؤسسة تابعة لوزارة العدل ويلحق بها، أسوة بجميع مفاصل السلطة القضائية من رئاسة الادعاء العام ورئاسة هيئة الإشراف العدلي (القضائي) وبقية المفاصل الأخرى.ومن المؤكد أن يكون وجود وزير العدل على رأس السلطة القضائية وضعاً عملياً يضع السلطة القضائية تحت رحمة وهيمنة السلطة التنفيذية، من خلال وجود التأثيرات السياسية والمتناسبة مع رغبة السلطة الحاكمة، ما ينزع عنها حياديتها وإمكانات الإبداع والتطور والتجديد ويلغي مطلقا مفهوم الاستقلالية، مثلما يلغي عنها جميع الضمانات التي ينبغي أن يوفرها القانون للقضاء، ومن الطبيعي أن تكون تلك الهيمنة والسيطرة وفقا للسياسة التي يعتمدها وزير العدل وهو موظف تنفيذي يتغير تبعا لتكليفه من قبل السلطة وفقاً لرغبتها السياسية.وما جاء في الأسباب الموجبة التي دفعت المشرع حينها لتأسيس المعهد القضائي أنه انطلاقاً من ضرورة معالجة التخلف الذي تعانيه أجهزة العدل، ونظراً لما تتحمله هذه الأجهزة من مسؤولية في تطبيق القوانين وتحقيق العدل، بروح تستوعب طبيعة التحولات الاجتماعية والاقتصادية الجارية، وأن تكون قادرة على تعميق تلك التحولات وتسريعها، فقد اقتضت الضرورة، وضع أسس جديدة لاختيار من يتولى الوظائف القضائية من حكام ونواب مدع عام، عن طريق معهد على مستوى عال، يهدف إلى العناية بالكفاءات النامية، ورفع المستوى القانوني للعاملين في وزارة العدل والدوائر القانونية في أجهزة الدولة المختلفة، وتأهيل القضاة لاستيعاب التشريعات وتطبيق القوانين النافذة، وتأهيل نواب الادعاء العام ورفع مستوى كفاءتهم بما يؤمن قيامهم بواجبهم كجهاز أساس لمراقبة المشروعية واحترام تطبيق القانون، ولتأمين ذلك، ولهذا نصت المادة الأولى والثانية من قانون المعهد رقم (33) لسنة 1976 على ما يأتي:– يؤسس في وزارة العدل معهد يسمى (المعهد القضائي) يرتبط بوزارة العدل يهدف إلى إعداد مؤهلين لتولي الوظائف القضائية، قضاة ونواب مدع عام، وتأهيل موظفي وزارة العدل والمرشحين لإشغال الوظائف فيها ورفع كفاءتهم وكذلك رفع المستوى القانوني للعاملين في الدوائر ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram