الرئيسية > أعمدة واراء > عمود في الحدث عدد(2617)

عمود في الحدث عدد(2617)

نشر في: 9 أكتوبر, 2012: 08:28 م

في السعودية .. ساحرة تطير في الفضاء!

في عصر العلم والتقنيات الحديثة للاتصال, ووصول الإنسان إلى القمر, يبدو مثيرا للسخرية, ومجانباً للعقل, الخبر القادم من السعودية, حول المفاجأة التي أربكت رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, أثناء مداهمتهم لأحد أوكار السحر والشعوذة في المدينة المنورة , حيث وجدوا ساحرةً إفريقيةً عاريةً تماماً، وحاولوا أن يضعوا عليها غطاء لتغطية عورتها، ولكنها رفضت، الخبر حتى الآن عادي وممكن الحدوث, لكن القول إن الساحرة استطاعت الطيران كعصفور, لتحط في شقة بالدور الرابع من البناية, وتسقط من سقف غرفة نوم لأطفال عقدت ألسنتهم الدهشة وأصيبوا بالهلع, ثم يأتي "عالم " لتفسير ذلك, فموضوع يتجاوز حدود التصديق, ويحيلنا الى السؤال عن مغزى بث وإشاعة مثل هذه الأخبار.
أن يتبرع عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالمحسن العبيكان بالتفسير قائلاً نقلاً عن بعض الفقهاء دون أن يسميهم " إن بعض السحرة قد يركب المكنسة ويطير في الهواء وذلك بمساعدة الجن, فمثل هذه الساحرة طار بها الجن من مكانها إلى الشقة العليا لينقذوها من الهيئة, فذلك شأنه ومدى علمه بالدين والدنيا, واقتصار رؤيته على التمسك بالغيبيات, لكن مربط الفرس هو الشكر الذي قدمه لرجال هيئة الامر بالمعروف على جهودهم المباركة في القضاء على كل مفسد, والدعاء لهم وطلب العون لدعمهم في مهمتهم, والختام بالإعلان أنهم في حاجة لدعم الجميع, ويحيلنا هذا إلى سؤال آخر عن الجميع الذين يحتاجهم هؤلاء الرجال, القادمين من غياهب التاريخ, وهم يمتلكون سلطات عصية على المحاسبة والمراقبة والقوانين, ويحق لأي منهم القيام بما يراه مناسباً للحفاظ على الدين, مستندا إلى تفسيره الشخصي للأمور.
الخبر بمجمله يبدو كسيناريو لواحد من أفلام الكرتون التي يحبها الصغار وبعض الكبار, لكن تبنيه إعلامياً يؤشر إلى هدف تجهيلي وغرض غير نزيه, غير أن الفطنة جانبت أصحاب هذا السيناريو, فلم يستثيروا عند الناس أكثر من السخرية والتندر, وربما بعض المخاوف من زيادة صلاحيات المطوعين, التي يبدو أنها تقلصت لسبب من الأسباب, فتم اللجوء الى مثل هذه الحكاية المغرقة في السذاجة, لاستعادتها وتعظيمها أيضاً, فهؤلاء الأشوس يحاربون حتى الجن والساحرات الطائرات, ويتمكنون من التغلب عليهم, فكيف لاتطلق أيديهم ليقيموا موازين الحق والعدل ويمنعوا الرذيلة ويشيعوا أجواء الطمأنينة بين الناس الذين تمكنوا بفضل القدرات الخارقة للمطوعين من التخلص من مضار السحر والساحرات, ومنعهم من شر التفريق بين المحبين.
هل يدرك أصحاب الخبر المفبرك أننا في القرن الحادي والعشرين؟ أكاد أجزم بالنفي, وأزيد على ذلك بطمأنتهم أنهم لن يكونوا قادرين يوماً على جرنا إلى عصر الظلام الذي يعيشون فيه, ويعتاشون منه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: فرمانات القبانجي

العمود الثامن: "حيص بيص" المحكمة الاتحادية

العدالة الدولية تحت المطرقة

العمود الثامن: محنة السودان

دور الثقافة في حياة الفرد والمجتمع: التداعيات والآفاق

العمود الثامن: شني_هاي

 علي حسين ليس هذا العنوان من ابتكاري واعترف أمامكم بأنني "لطشته" من النائب السابق والمغضوب عليه حاليا فائق الشيخ علي، ولكني قبل الدخول في الموضوع وإنصافا للعمود الثامن ولصاحب "شني_هاي" يجب أن أخبركم...
علي حسين

قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة

 لطفية الدليمي كان (بل غيتس) حاسماً وفي أقصى درجات الوضوح عندما صرّح بأنّ مهناً ثلاثاً ستصمد في وجه إعصار ثورة الذكاء الإصطناعي: مطوّرو البرامجيات ومهندسو الذكاء الإصطناعي، ومتخصصو الطاقة، وباحثو علوم الحياة. الترجمة...
لطفية الدليمي

قناطر: السيادة الكاذبة ولسان الملح البحري

طالب عبد العزيز عاود لسان الملح البحري الدخول الى شط العرب، وما هذه بالمرة الأولى ولا الأخيرة، فقد كان ضيفاً ثقيلاً في صيف العام 2018 أدى الى اندلاع تظاهرات عارمة في البصرة، امتدت الى...
طالب عبد العزيز

حين يتكلم قلم في وجه الفساد وصرخة مثقف

د. ابراهيم احمد سمو في خضم التكرار الممل للخطابات السياسية والمجاملات الإعلامية، قلما نجد صوتًا يعلو فوق الضجيج، ويتكلم من موقع المثقف المسؤول، لا التابع أو المهادِن. وفي مقابلة نادرة بثّتها فضائية “كوردستان 24”،...
د. ابراهيم احمد سمو
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram