روما /بقلم فرانكو فراتيني/وزير الخارجية الإيطالي يتحتم أن يهدف تعزيز حقوق المرأة على الصعيد العالمي, دعم دورها كأكثر القنوات أهمية وفعالية لتحقيق أغراض التنمية والسلام، وهو الأمر الذي يتطلب حماية حقوقها الأساسية، وأولا وقبل كل شيء حقها في عدم التعرض للعنف.
لقد كانت إيطاليا دائما نشطة، وبشكل خاص، بعدد من المبادرات والمشاريع الهادفة إلى الحيلولة دون ممارسة العنف ضد المرأة، هذا الوباء العالمي الحقيقي. وأنا ملتزم شخصيا بهذه القضية كعضو في "شبكة القادة الرجال" التي أطلقها في العام الماضي الأمين العام للأمم المتحدة، في نطاق حملة "اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة". تأتي مكافحة ختان الإناث كواحدة من أولويات إيطاليا الرئيسية في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. ولا تزال هذه الممارسة تمثل تحديا كبيرا في أرجاء كثيرة من العالم. وفي أفريقيا، تعتاد بعض الثقافات التقليدية على اعتبارها مفيدة للنساء وعائلاتهن، وأنها تضمن للفتيات الزواج السليم، وتشجع على العفة وصون شرف العائلة. و في السنوات الماضية، أصبحت دول أخرى في أوروبا -لم تعد تتأثر بهذه الممارسة- على دراية بقضية ختان الإناث، بما في ذلك إيطاليا حيث لدينا الآن ما يقدر بنحو 35،000 حالة ختان إناث. ولقد أُهمل ختان الإناث على مدى قرون طويلة، واعتبر ضربا من المحرمات، وكثيرا ما كان مرتبطا بتقاليد الأسلاف أو الأساطير الدينية، ما زاد من تعقيد مناقشته مناقشة مفتوحة. وساهمت الأمية والفقر والافتقار إلى المعلومات إلى حد كبير في هذه المشكلة. ولحسن الحظ، بلغ الاهتمام والالتزام بإنهاء هذه الممارسة مستويات جديدة على مدى العقد الماضي. فالآن يعتبر ختان الإناث انتهاكا لحقوق الإنسان والسلامة البدنية للنساء والفتيات. وأصبحنا الآن أكثر قدرة على التصدي للمشكلة على الصعيد العالمي وليس فقط على المستوى الإقليمي أو المحلي. لقد دأبت إيطاليا منذ الثمانينات على المشاركة بنشاط في برامج لمكافحة ومنع ختان الإناث، بدءاً بالصومال. وفي عام 2004 شرعنا في شراكة مع منظمة رعاية الطفولة "يونيسف" لوضع إطار سياسي وقانوني واجتماعي يرمي للتخلي عن ممارسة ختان الإناث. وتعتبر إيطاليا الآن واحدة من المانحين الرئيسيين لبرامج الأمم المتحدة في هذا المجال، بما في ذلك برنامج ختان الإناث المشترك لمنظمة يونيسيف وصندوق السكان التابع للأمم المتحدة. نحن حريصون على تعزيز شراكتنا العالمية بشأن هذه القضية. فالتحدي ضخم ويتطلب اتباع نهج شامل ومجموعة واسعة من الستراتيجيات لمواجهته على نحو فعال. وثمة ناحية بالغة الأهمية لتوجيه عملنا، ألا وهي تفهم الديناميات الاجتماعية والثقافية المرتبطة بممارسات ختان الأناث. لا يكفي مجرد السعي إلى فرض سلوكيات بموجب القانون، وإنما علينا أن نذهب لجذور المشكلة والعمل على اتخاذ إجراءات إيجابية لا سيما في مجالات التعليم وحملات التوعية العامة. وهنا أود أن أوضح أنه ليس لدينا أي رغبة في فرض "المعايير الغربية" على الثقافات التقليدية. هدفنا هو بكل بساطة دعم الملكية الأفريقية لهذه المبادرة وتعزيز عملية بدأتها أفريقيا نفسها منذ وقت طويل. إننا لا نبدأ من الصفر. ففي مقدورنا أن نبني الآن على العديد من المبادرات التي تبلورت خلال الشهور الماضية. ففي شهر سبتمبر/ أيلول 2009 أنعقد في نيويورك أول اجتماع وزاري حول قضية ختان الإناث، فضم مجموعة أولى من 14 بلداً ملتزمة على الصعيد الوطني والدولي بدعم مكافحة ختان الإناث. وبعد شهرين، نظمت حكومة بوركينا فاسو، جنبا إلى جنب مع إيطاليا والمنظمة غير الحكومية "لا سلام بدون عدالة"، اجتماعا إقليمياً رفيع المستوى في واغادوغو، بعنوان "نحو حظر عالمي لختان الإناث". وفي مارس/ آذار 2010 جرى التناقش حول هذه القضية على هامش لجنة وضع المرأة، برئاسة وزراء شؤون المساواة بين الجنسين من مصر وإيطاليا والسنغال، حيث تم إعتماد قرار بتوافق الآراء لإنهاء ممارسة ختان الأناث، بناء على مبادرة من المجموعة الأفريقية، وهو القرار الذي أيده لاحقا المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة. أخيراً وليس آخراً، انعقد المؤتمر البرلماني الدولي في داكار في مايو / أيار 2010، بمشاركة ممثلي البرلمانات والمجتمع المدني من 28 بلدا أفريقيا، واعتمد إعلانا يدعو الجمعية العامة للامم المتحدة لاتخاذ قرار بحظر ختان الإناث في العالم في عام 2010، ضمن أمور أخرى. خلقت كل هذه المبادرات في رأينا، قوة دفع فريدة من نوعها للمجتمع الدولي لكي يكون قادرا على الاستفادة منها. ونعتقد أن الوقت قد حان لمناقشة قضية ختان الإناث وإصدار قرار بشأنها أثناء الدورة الحالية للجمعية العامة للامم المتحدة. هذا القرار ينبغي أن يراعي الإيجاز وأن يتطرق إلى عدد مختار من الأولويات: حظر ختان الإناث رسميا، إشارة إلى الأدوات الرئيسية والقانونية والثقافية الكامنة وراء تحقيق هذا الهدف، ونداء إلى المجتمع الدولي ومنظومة الأمم المتحدة، وآلية مبسطة للمتابعة. بيد أن النقطة الرئيسية هي أن هذه ستكون المرة الأولى التي تتحدث فيها الهيئة العليا للأمم
حملة "اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة"..مكافحة ختان الإناث، أولوية إيطالية
نشر في: 27 سبتمبر, 2010: 05:30 م