قال مسؤولون مقربون من رئيس مجلس الوزراء انهم متفائلون بالاتفاق الاولي بين قادة الجيش العراقي وممثلي البيشمركة الكردية بشأن نشر قوات مشتركة في المناطق المتنازع عليها، لكن ضابطا كرديا شارك في المحادثات التي رعتها واشنطن، قال امس الاربعاء ان جنرالات نوري المالكي "حجبوا" تفاصيل المفاوضات يوما كاملا عن القائد العام للقوات المسلحة، وهو امر أخر مجيء وزراء كردستان الى بغداد.
وشهد قضاء طوز خورماتو في، الـ16 من تشرين الثاني، اشتباكات بين قوات عراقية مشتركة من الجيش والشرطة وقوة من الأسايش (الأمن الكردي) كانت مكلفة بحماية مقر لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني وسط القضاء الواقع بين (محافظتي كركوك وصلاح الدين) ذي الأغلبية التركمانية، وأسفرت عن مقتل مدني على الأقل وإصابة أربعة من الأسايش وثلاثة من الشرطة وجندي. وهي ازمة غير مسبوقة بين بغداد واربيل ادت الى تحريك المالكي دبابات وقطعات عسكرية تمركزت جنوب كركوك واثارت سجالا واسعا بين مختلف القوى السياسية، بينما انطلقت وساطات ومفاوضات لتطويق الازمة.
وفي حديث لـ"المدى" ذكر مصدر برلماني مقرب من رئيس الحكومة نوري المالكي، ان وزارتي الدفاع الاتحادية والبيشمركة وقعا اتفاقا خلال الايام الماضية على تثبيت 21 نقطة امنية في جميع المناطق المتنازع عليها، واوضح ان كل نقطة تضم 150 عنصرا، موزعة على 100 عنصر للعرب والتركمان، و50 عنصرا من البيشمركة.
واضاف ان هذا الاتفاق ألزم الطرفين بوجود 11 نقطة سيطرة في محافظة نينوى، و6 نقاط في كركوك، و4 في محافظة ديالى، مشيرا الى ان هذا الاتفاق "سيستمر فترات طويلة بسبب عدم تمكن القيادات السياسية من التوصل الى حلول مقنعة لجميع الاطراف المعنية".
لكن عضو الوفد الكردي العميد هلكورد حكمت اكد في حديث الى (المدى برس) إن "الوفد استطاع تثبيت 14 نقطة ضمن وثيقة خلال المفاوضات المطولة، الثلاثاء، مع الوفد العسكري الحكومي لغرض توقيعها في وقت لاحق من امس الاربعاء بين الطرفين"، مبينا أن "الوثيقة تحتوي على نقاط تنظم العلاقة بين الطرفين وتنص على حل قيادة عمليات دجلة"، الا ان الامر تأخر لعدم اطلاع المالكي على الاتفاق.
وأوضح حكمت "أن الوفد العسكري الحكومي المكون من فاروق الأعرجي وعلي غيدان وعبود قنبر ابلغنا بعدم تسليمه الوثيقة للمالكي، الثلاثاء، للموافقة عليها"، مبينا أن هذا "الأمر حال دون زيارة وزيري البيشمركة والداخلية في الاقليم الى بغداد من أجل إقرار الوثيقة كما اتفقنا".
ولفت إلى أن "الوفد العسكري الحكومي أبلغنا بأنه سيطلع رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي على الاتفاقية، مساء الاربعاء للموافقة عليها أو رفضها"، مضيفا أن "الوفد الكردي اتفق على الانتظار ساعات المساء المتبقية والمغادرة إلى الاقليم في حال عدم الحصول على جواب بشأن الوثيقة من قبل المالكي".
الى ذلك كشفت وزارة البيشمركة ان وفد إقليم كردستان قدم رسالة عمل تضمنت 14 نقطة خلال الاجتماع، حيث تم التباحث بصورة مطولة بهذا الشأن، وتم إقرار غالبية النقاط بعد تبادل الآراء بين الطرفين. وأضافت في بيان تلقت "المدى" نسخة منه "ان ابرز النقاط التي تم الاتفاق عليها هو ايجاد آليات للعمل المشترك وتشكيل لجان مشتركة في المناطق المتنازع عليها، ويتم تفعيل آليات العمل بين قوات الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان وتنظيم اجتماعات جميع لجان العمل المشترك، وتكون هناك اجتماعات دورية كل شهر". تابع البيان "القيادة العامة للقوات المسلحة ستكون جهة مسؤولة عن تنسيق عمل اللجان وخاصة لجنة العمل العليا ومتابعة عمل وقرارات لجان العمل المشترك، ومعاقبة أي شخص وأي جهة تقوم بخرق الاتفاقات والقرارات والبنود ومعاقبة أي شخص أو جهة تقوم بتمرير معلومات خاطئة إلى الجهات العليا من أجل خلق الفتن والمشاكل وبأي منصب يكون".
وأشار الى "إبلاغ لجنة العمل العليا بأي مشكلة قد تحصل في المناطق المتنازع عليها بشكل عاجل وفوري وتعمل اللجنة على احتواءها وتجاوزها وإحترام الإتفاقية ومعاقبة أي آمر أو أي مسؤول أو أي شخص يقوم بخرقها ووضع آلية عاجلة وسريعة لسحب كافة الوحدات والقوات التي تم استقدامها من قبل الطرفين بعد 16 من شهر تشرين الثاني الحالي، ويكون سحب هذه القوات بصورة حقيقية وشفافة وتحت مراقبة أعضاء لجنة العمل العليا وبعد موافقة اللجنة الوزارية العليا".
من جانبه ذكر سامي العسكري النائب عن ائتلاف دولة القانون في لقاء مع "المدى"ان الاتفاق الموقع عام 2009 بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان ينظم ادارة الملف الامني في المناطق المتنازع عليها وتم بحضور الجانب الامريكي، مضيفا ان "على بغداد واربيل سحب قواتهما المتبقية خارج هذه النقاط المتفق عليها لحين حل المشكلة بأكملها وتحديد هوية هذه المناطق".
ونوه العسكري الى "ان هذا الاتفاق لم يحدد بسقوف زمنية بل سينتهي مع حل قضية المناطق المتنازع".
من جانبه توقع قاسم محمد عضو التحالف الكردستاني في حديث لـ"المدى" ان هذه الاتفاقية سيتم تحقيق "بعض من بنودها فقط واهمال قسم آخر، مما سيؤدي الى اندلاع الازمة مرة اخرى بين جميع الاطراف، وان الاسباب التي تعيق هذه الاتفاقية هو فقدان الارادة السياسية لحل جميع المشاكل العالقة".
وكان رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي كشف، أول من أمس السبت،(24 تشرين الثاني الحالي)، أن رئيسي الحكومة نوري المالكي وإقليم كردستان مسعود بارزاني اتفقا على عقد اجتماعات لحل الأزمة بين بغداد وأربيل، مؤكد أن أول اجتماع فني وعسكري سيعقد اليوم الاثنين(26 تشرين الثاني الحالي)، في العاصمة بغداد.