عبدالله السكوتييحكى ان ابنة جحا زفت الى احدى القرى، وبعد ان اجتازوا مسافة طويلة، لحق بهم جحا مسرعا، وهو يتصبب عرقا فتقدم الى النساء ونحّاهن جانبا، وانفرد بابنته فقال لها:يا ابنتي عندما تريدين الخياطة اياك ان تنسي عقد الخيط لانه اذا لم يكن معقودا، خرج من الابرة وبقيت الابرة وحدها بيدك.
فصار عندما يجتمع الخياطون للخياطة ويطلب منهم السرعة في انجاز ما مطلوب منهم، فانهم يهزجون بترديد هذا المثل فيقولون:(اعكد خويطك، لا تفوتك غرزه)، ولذا قالوا:اعقد وتوكل اي اعقد العزم، وهي أيضاً آتية من عقدة الخيط هذه، ومن المؤكد ان الخيط عندما يكون سائبا غير معقود، سيضيع كثيرا من الغرزات الضرورية التي تعطي القماش شكلا جديدا، (واحنه ربعنه يثردون ابصف الماعون، لا غرزه ولا خيط ولا حتى ابره)، نحن نقترب من الثماني سنوات من عمر التغيير، والتحولات الديمقراطية، التي استغلت اسوأ استغلال في تصفير الخصوم ونعتهم بشتى النعوت غير اللائقة، ولم يستوعب الكثيرون معنى الديمقراطية، فانت ترى مثلا وتسمع ان احدهم يفتري على احدهم فيقول:هو قاتل هو مغتصب هو كذا وكذا، من شاهدك على هذه الاقوال؟ لاشيء ولا دليل، وانما اتهامات جوفاء فارغة القصد منها تصفير الاخر ليركن على جهة، في حين يعتم البعض الاخر على البعض منهم كثيرا من البلاوي التي لو ذكرت احداها لرمي المدعي خارج اسوار الديمقراطية للافعال الخسيسة التي يقوم بها، وبعضهم يقتدي بالعصفور الذي (زعل على بيدر الدخن)، فقالوا له: ستموت جوعا والبيدر لا يتأثر، ولكن العصفور اتخذ رأيه وسدر في غيه الى ان مات جوعا، ولذا قالوا للذي يزعل مثل زعل كهذا:(زعلة العصفور على بيدر الدخن)، وكذلك تناولوا السلحفاة فقالوا:(زعلة الركة على الشط) والركة هي السلحفاة وقد غضبت على النهر فماتت عطشا. وانا ماض الى الامام في كتابة الموضوع صرخ باذني صوت الشاعر الذي يقول: لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس ألسنُ وقد احالني هذا البيت من الشعر الى مدرب كرة القدم عندما كنا صغارا، فقد انتهى الشوط الاول وقد سجل علينا الفريق الخصم هدفين، فما كان من المدرب الا ان امرنا في الاستراحة قائلا: (رقم واحد ويعني حامي الهدف ينطيها الى الرقم 2 واثين ينطيها الى 3، وثلاثة ينطيها الى 4، واربعة ينطيها الى 5 الى ان تصل الكرة الى رقم 11 فيحرز هدفا)، فما كان من زميلي الجالس جنبي ان قال له: (كابتن شنو الفريق المقابل نايمين)، فضج الجميع بالضحك وخسرنا خسارة منكرة، اسلوب التهديد والوعيد، هو اسلوب الدكتاتورية والعنجهية ورؤية النفس اكبر من الاخرين، وزيادة على ذلك فالبعض يتصور الطرف المقابل نائما لا يحرك ساكنا، فيتهمه بشتى الاتهامات، في حين ان الذين يقبعون في جحور ايام زمان قد رماهم الانصاف خارج حدود العملية الديمقراطية، لكنهم يأسفون على عدم استغلال الديمقراطية ومساحتها الواسعة للسعي في اعادة الدكتاتورية ولو على شكل تصرفات واقوال، وكما قالوا قديما:(الكتاب معروف من عنوانه) وعناوين هؤلاء معروفة، فهم خريجو مدرسة صدام بالقتل والتهديد وتهميش الاخرين.
هواء فـي شبك: اعكد خويطك، لا تفوتك غرزة
نشر في: 27 سبتمبر, 2010: 09:21 م