متابعة: أفراح شوقيمن لندن الى بغداد مسافة اختصرتها مسرحية (خارج الزمن) في ساعتين لتحكي قصة زمن طويل اراد البعض اقتطاعه من الذاكرة برغم كل أوجاعه وملابساته، ساعتان من الصمت والترقب لفتا خشبة المسرح الوطني والحضور معاً مساء أمس الأول الا من شهادات أبطالها وعذاباتهم وهم يرسمون علامة مضيئة وجديدة في سماء المسرح العراقي الجاد.
عن رواية" حفلة التيس" لماريو فارغاس يوسا ( مترجمة إلى العربية) قدمت فرقة أستوديو الممثل مسرحية خارج الزمن، من إعداد الشاعر عواد ناصر وروناك شوقي ، والتي تولت إخراج العمل أيضاً وقدمته في لندن أول الأمر مع فرقتها وتضم مجموعة من فناني المهجر وهم كل من رسول الصغير الذي جسد دور الرئيس(الدكتاتور) وهند الرماح ابنة الفنانة القديرة ناهدة الرماح وعلي فوزي ومي شوقي ويحيى إبراهيم وفارس شوقي وتمارا ناصر وسلوى الجراح، وعن المسرحية يخبرنا معدها عواد الناصر في كلمته التي طبعت على (فولدر) العمل (انه وأثناء قراءته للرواية كان يفتح فمه اندهاشا بعد كل فقرة او مشهد والسبب هو التشابه الكبير بين أحداثها وبين أحداث العراق في محنته وما ابتلاه بالدكتاتور) ، اما روناك شوقي مخرجة العمل فكتبت (إننا كي نستطيع ان نتحرر من كل كوابيس الماضي والحاضر، ومن مفردات قاسية دخلت يومنا علينا ان نسجل وبصراحة كاملة يوميات وطننا بناسه الخيرين والظالمين، كي نتحرر ونعيش، وعلينا أيضاً ان نعترف بأخطائنا وبخطايانا كي نرتقي بأنسانيتنا). وفي عودة لفصول المسرحية التي تبدأ عندما تعود زهرة( روناك ) من منفاها إلى خراب بيتها، ومدينتها، لتستعيد عبر لقائها بأبيها المُقعد البائس، والذي كان وزيراً منعماً في ظل الدكتاتور، سنوات الكابوس. الدراما تنمو مع رغبة البطلة في فضح دور أبيها المدان بالتزلف من أجل المصلحة الخاصة، وبهربها إلى المنفى المميت. وذروة تلك الدراما تتمثل في الكشف عن سر هربها، وهو عملية الاغتصاب التي مارسها الرئيس برضا الأب بحق والدتها( قامت بالدور سلوى الجراح) وتبقى لأجل ذلك بعيدة عن وطنها طوال 35 عاماً تقرر فيها العودة لبيتها ولكن كي تحكي قصتها وتتبرأ من عذاباتها وهي تواجه أباها بحقيقته، والعرض يحمل الكثير من المواقف الإنسانية والقصص ألتي تحاول أن تحرك ذاكرة المشاهد من أجل أرشفة تأريخنا بشكل صحيح والتأسيس لفكرة التسامح مع الماضي، وتنتهي المسرحية بكلام الدكتاتور بعد عملية اغتياله بالقول( انا موجود، وان كنت أغيب أحياناً موجود فوق رؤوسكم بل في دواخلكم أيضاً انا لست خارج الزمن بل في القلب منه تماماً ولن انتهي حتى تنتهوا او تولدوا من جديد) ولكننا لا نولد من جديد حقاً الا اذا اكتسبنا وعياً جديداً. هذا ما أرادت المسرحية قوله بالتحديد وتزيد عليه بالتحذير بأن لا ندع الفاشية تمر من جديد.
(خارج الزمن)..يوسا يقيم حفلة التيس فـي المسرح الوطني
نشر في: 28 سبتمبر, 2010: 05:43 م