ترجمة : عمار كاظم محمدللمرة الأولى في تاريخ العراق يمكن للناس هناك أن يراقبوا الإيرادات النفطية ويحاسبوا الحكومة. يمثل النفط شريان الحياة الاقتصادية في العراق حيث يشكل 90 % تقريبا من إيرادات الحكومة وحوالي ثلثي الناتج المحلي في عام 2009.
ان اعتمادا كهذا يمكن ان يفتح الباب لسوء استخدام الإيرادات لأولئك الذين يكونون في السلطة مما يجعله أمرا متوقعا لدى البعض منهم وسط هذه الاضطرابات التي أعقبت سقوط النظام الديكتاتوري لذلك كان يجب على صناعة النفط في العراق ان تكون في يوم ما واحدة من اكثر الصناعات شفافية في المنطقة. إن ما يسمى بلعنة المصادر تصيب العديد من الدول النامية الغنية بالمصادر الطبيعية ويمكن تفادي ذلك من خلال فرص مقاييس إدارة جيدة تعتمد على الشفافية والمسؤولية فمنذ شهر أيار من عام 2003 تم إيداع إيرادات مبيعات تصدير النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي في حسابات المصرف الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك في صندوق يدعى صندوق تطوير العراق وقد تم تأسيس هذا الصندوق وإدارته من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة، وتم الاعتراف به من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالقرار 1483. وقد تم تحويل الأموال الفائضة من برنامج النفط مقابل الغذاء والأصول المجمدة في البلدان الأجنبية إلى صندوق الاستشارة الدولية والمراقبة الذي تم تأسيسه من قبل الأمم المتحدة لتدقيق حسابات الصندوق ولضمان استعمالها من قبل سلطة الائتلاف لمنفعة الشعب العراقي. وبعد أن تم حل سلطة الائتلاف عام 2004 خولت الحكومة العراقية المؤقتة آنذاك وزارة الدفاع الاميركية في الاستمرار بإدارة أموال الصندوق لتخصيصها لحساب مشاريع إعادة الإعمار التي وضعت في حسابات ثانوية حتى نهاية عام 2007 حيث يفترض ان ادارة الحسابات الرئيسة تقام من قبل البنك المركزي ويتم تحويل الموال إلى وزارة المالية لاستخدامها في الموازنة الاتحادية. للمرة الأولى في تاريخ البلاد أصبح لدى العراقيين الفرصة لمراقبة معظم إيراداتهم النفطية ومحاسبة الحكومة حيث ان الصندوق لا يقوم بوقف الانتهاكات لكن جعل من الممكن معرفة مصادر سوء الاستخدام، وهذا ما تم توضيحه في تقرير شديد الانتقاد أصدره المفتش الامريكي العام و الخاص باعادة اعمار العراق في شهر تموز الماضي الذي قال بان وزارة الدفاع الاميركية غير قادرة على تفسير مبلغ 7,8 مليار دولار من مجموع 9,1 مليار كان الصندوق قد تسلمها لنشاطات إعادة الإعمار في العراق ملقيا باللوم على الضعف في قسم التمويل في وزارة الدفاع وسيطرة الإدارة باعتبارها السبب الأساسي. بعد مرور ثلاثة سنوات على طلب الحكومة العراقية عودة الأموال المتبقية لم تطلب وزارة الدفاع لحد الآن عودة تلك الأموال حيث أن هناك منظمتين أمريكيتين على الاقل ومقاول يعيقون عودة 34,3 مليون دولار من أموال الصندوق على الرغم من أن كمية الأموال بالضبط لا يمكن تحقيقها بسبب إجراءات المحاسبة السيئة، إن هذا أمر مقلق جدا لكن في العديد من البلدان المنتجة للنفط ما كان يمكن أن تعرف مشاكل كهذي في المقام الأول.ان هناك حاجة لتشديد الآليات من اجل استئصال المصادر المحتملة للفساد حيث ان واحدة من تلك الآليات هي المعيار العالمي المعروف بمبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية وهو ما يتطلب أن تقدم الحكومة المعلومات المدققة حول كل الدفعات المستلمة من شركات النفط الدولية وبضمنها عائدات التصدير والحقوق ويتم التصديق عليها من قبل مجموعات متعددة صاحبة حصص تشمل القطاع الخاص الحكومي وممثلي المجتمع المدني وقد قبل العراق في الانضمام إلى مبادرة الشفافية بعد أن أبدى رئيس الوزراء العراقي اهتمام الحكومة بالانضمام إلى العملية مع اليمن التي ستكون ثاني دولة في الشرق الأوسط تكتسب الترشيح حيث يستعد العراق ان يصبح اكبر دولة منتجة للنفط تطيق هذه الآلية. ان مصير ثروة العراق النفطية قد تم تقريره عمليا عام 2009 حينما دعيت الشركات العالمية الرئيسية للمشاركة في عقود التراخيص عبر جولتين تم إذاعتهما بشكل مباشر من قبل محطة التلفزيون الحكومية وبموجب شروط الصفقات ستقوم تلك الشركات برفع إنتاج حقول النفط إلى مستويات متفق عليها مقابل اجر يحسب لكل برميل نفط منتج مع بقاء ملكية حقول النفط للعراق بشكل قاطع. وكانت الجولة الأولى فاشلة في نظر المراقبين بعد أن تمت الموافقة على عرض واحد فقط حيث أن المساومات العراقية الصعبة تركت فقط القليل من الشركات الراغبة بالحصول على مثل هذه العائدات المنخفضة لكن الدورة الثانية شهدت تغيرا حيث تم عقد تسع صفقات مع 15 شركة نفط دولية من 13 بلدا تتضمن الصين وتركيا وماليزيا وانغولا وبريطانيا والولايات المتحدة. اما الشروط المكتوبة في بنود تلك العقود فقد تضمنت ان ادارة المشاريع ستكون شراكة مع الشركات المملوكة للدولة العراقية التي أعطيت لها الأفضلية في العقود الثانوية مع ضمان حمايتها للبيئة المحلية . ذلك يعني ان أصول النفط العراقية قد بقيت تحت السيطرة العراقية ومفتوحة للفحص العام من قبل زعماء وصناع السياسة ف
النفط العراقي: درس فـي الشفافية

نشر في: 29 سبتمبر, 2010: 05:22 م