TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان: الطريـق إلـى الدكتـاتـورية!

كتابة على الحيطان: الطريـق إلـى الدكتـاتـورية!

نشر في: 29 سبتمبر, 2010: 08:04 م

عامر القيسي تخويف المواطن من السلطة منهج الانظمة الدكتاتورية بل هو احد اعمدة فلسفتها، ويصل التخويف في بعض التجارب الى حد الترويع، فما ان يواجه المواطن شرطيا حتى يتبادر الى ذهنه انواع الهوان والاهانة وانتهاك ابسط حقوقه دون ان يستطيع الدفاع عن نفسه الا بالتوسل وطلب الرحمة حتى لو لم يرتكب اي ذنب أو مخالفة للقوانين السائدة،
 وترسخ الانظمة الدكتاتورية هذه المنظومة العلائقية بين المواطن وتمثلات السلطة في تفصيلات حياته اليومية لضمان خنوعه وتجنبه لكل ما يتعلق بالسلطة، من شرطة وموظفين وعمال بلدية!يوم امس قادني قدري لمراجعة احدى دوائر الدولة لقضية اجّلتها الى اليوم الذي لا يمكن تأجيله على الاطلاق، فنظريتي تقول، اذا اراد الله ان يعاقب بشرا فليهيء له الاقدار في"معاملتين اثنتين"في الشهر على اقل تقدير يراجع فيهما دوائر الدولة العراقية، وهذا موضوع آخر. في زيارتي القدرية هذه اكتشفت باننا وبعد سبع سنوات من التغيير مازلنا في المحطة الاولى من اعادة تشكيل العلاقة بين المواطن ورجل السلطة.لأنقل لكم الحوادث الثلاث التي حصلت لي في اقل من ساعتين لمعاملة تحتاج الى توقيع السيد المدير، لان اغلب اجراءات المعاملة تمت خارج الدائرة! وهذا موضوع آخر أيضاً.الحادثة الأولى:دفعني رجل من الخلف ما ادى الى اصطدامي مع احدى المراجعات بقوة، اعتذرت منها، والتفت لأرى من قليل الذوق الذي دفعني، فكان الرجل شرطيا، التزمت الصمت لاني اتجنب في كل الاحوال"دوخة الراس"، وكانت المرأة قد التفتت مثلي تماما، واكتفى رد فعلها بصوت هامس"شرطي شتسويله"!الحادثة الثانية: اراد المواطن الذي يقف الى جانبي تماما ان يستعجل الموظفة انجاز معاملته، وكانت الموظفة منشغلة مع موظف آخر في حديث لا أول له ولا آخر، قطعت الموظفة حديثها مع زميلها ورمته بنظرات حادة متوعدة وكما نقول في المثل الشعبي"انطته العين الحمره"فما كان من الرجل إلا ان يصمت صمت الاموات، فيما بقيت الموظفة تؤنبه بنظراتها بين لحظة واخرى مع كلمات غير مفهومة!!الحادثة الثالثة:حاولت ان امزح مع الصبي الذي يحرس السيارات في الشارع المقابل للدائرة، صعدت السيارة وحين جاء يطالبني بمبلغ الألف دينار، قلت له"انا لا ادفع"استنفر الصبي وقال لي بحدة واستهزاء، وكأنه يتهيأ لعراك قوي"ليش اغاتي"قلت له"اينما اقف لا أدفع حتى لو امام باب مجلس الوزراء"صمت الصبي قليلا وتغيرت لهجته وقال لي بتوسل"استاذ الله يخليك اني عيشتي على الحراسة"على اي حال، دفعت له فانفرجت اساريره!القصد من سرد هذه الحكايات، وغيرها الآلاف لدى المواطنين، هي ان عقلية الخوف من السلطة وشخوصها وممثليها مهما كانت مستوياتهم، مازالت تتحكم في آلية تفكير المواطن، بديلا عن آلية، رجل السلطة والدولة في خدمة المواطن، وعليه ان يخشى من المواطن بدل ان يخافه المواطن، وهي قضية سياسية بامتياز قبل ان تكون اي شيء آخر، لاننا نلاحظ من المسؤولين من استمرأ لعبة السلطة وامتداداتها الى حياة الناس، فصار البعض منهم يستمتع بتخويف المواطن ليقتنع حقيقة انه يحكم ويستطيع ان يتحكم في مقدرات الناس. ربما لو رصدنا مثل هذه الحالات في حياتنا التفصيلية اليومية، لاكتشفنا دون عناء، ان علينا قطع الطريق على الدكتاتوريات الصغيرة في طور تشكلها!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram