طالبت منظمة شبابية عراقية، امس الخميس، بتشريع قانون لتحديد النسل ومنع الزواج المبكر، وبينت أنها "أول من نبه لهذه المسألة" التي باتت تشكل "قنبلة موقوتة" تهدد كيان المجتمع العراقي، وعدَّت تصريحات وزير التخطيط بهذا الشأن بأنها "جرس إنذار جديد" يحث الجهات المعنية على الإسراع بالتحرك للحد من الترهل السكاني المقبل.
جاء ذلك في معرض تعليق "تجمع شباب الثقافة والبناء"، على تصريح وزير التخطيط، علي يوسف الشكري، لـ (المدى برس) في وقت سابق من يوم أمس الأول، على هامش افتتاحه المؤتمر الوطني الأول للسياسة السكانية بفندق عشتار شيراتون، وسط العاصمة بغداد، الذي أعرب من خلاله عن قلقه من النمو السكاني "غير المدروس" في العراق، وتأكيده أن الحكومة "لم تلتفت" إلى هذا الملف، داعيا إلى "تشكيل المجلس الأعلى للسكان".
وقالت المنظمة في تعليقها "أطلقنا في الحادي عشر من تموز الماضي لمناسبة اليوم العالمي للسكان، حملة لتحديد النسل وسن الزواج، أكدنا من خلالها أن البلاد مقبلة على ترهل سكاني خطير وأن هذا سيضر بالبلاد مع الأخذ بنظر الحسبان حالة البنى التحتية والخدمات للبلاد"، مضيفة "أقمنا عدداً من الفعاليات وأصدرنا بيانات بهذا الخصوص دعونا فيها الجهات المعنية إلى ضرورة ايجاد تشريعات وقوانين لتحديد النسل وسن الزواج".
وتابعت وأمس الأول "أعلنت وزارة التخطيط وعلى لسان وزيرها علي الشكري بأن النمو السكاني غير المدروس بات يشكل قلقاً وأن الحكومة لم تلتفت إلى هذا الملف"، وبينت أن "الأمم المتحدة لم تخفِ هي الأخرى قلقها من النمو السكاني المتزايد".
وكان وزير التخطيط العراقي قال في حديث لـ (المدى برس) إن "الحكومة العراقية لم تلتفت حتى الآن إلى هذه مسألة النمو السكاني غير المدروس وظلت مهملة طوال العقود السابقة حتى الآن، وأوضح أن معدلات الخصوبة في العراق ارتفعت الى أكثر من خمس ولادات في حين يتراوح بين (2-3) ولادات في معظم دول العالم، مؤكداً أن لهذا النمو تأثيرات سلبية على توفير الخدامات للمواطنين، وعدم قدرة اللجنة الوطنية للسكان على السيطرة على ملف السياسة السكانية داعياً إلى تشكيل المجلس الأعلى للسياسة السكانية".
وأكد تجمع شباب الثقافة والبناء، في تعليقه لـ(المدى برس) "نحظى بشرف أن نكون أول من نبه لهذه المسألة وندعو إلى ضرورة علاجها واصدار تشريعات وقوانين للحد من النمو والترهل السكاني ومنع الزواج المبكر الذي بات يشكل قنبلة موقوتة تهدد المجتمع".
وعــدَّ التجمع في تعليقه أن "صدور مثل هذا التصريح من قبل جهة حكومية عليا كوزارة التخطيط يقرع جرس انذار جديد للجهات المعنية في الحكومة والبرلمان وحتى للناشطين ومنظمات المجتمع المدني بسرعة التحرك للحد من الترهل السكاني المقبل".
وشدد التجمع، على أن "سياسة تحديد النسل تشكل ضرورة حضارية وصحية ومن الضروري للعراق أن يتبع مثل هذه السياسة"، لافتاً إلى أنه "جدير بنا أن نأخذ تجربة دول الخليج بعين الحسبان إذ أن انخفاض عدد سكانها أسهم في خلو تلك البلدان من مشاكل وأزمات سياسية واجتماعية واقتصادية واستطاعت أن تبني حضارة عمرانية واقتصادية في حين أن بلدا خليجياً غنياً مثل السعودية ما يزال يعاني من أزمات اجتماعية كارتفاع حالات الطلاق ومستوى الفقر بسبب ارتفاع عدد سكانه برغم أن السعودية هي أغنى البلدان العربية".
وتابع تجمع شباب الثقافة والبناء أن "تحديد النسل يشكل أيضاً ضرورة دينية حث عليها الدين الإسلامي عبر العديد من الأحاديث والآيات القرآنية".
وطالب التجمع في بيانه، من السلطة التشريعية مجدداً بضرورة "العمل على تشريع قانون لتحديد النسل ووضع ضوابط معينة لعملية الانجاب وتنظيم الأسرة ودعم الطفولة"، كما طالب مراجع الدين الكرام بضرورة "تعزيز تلك العملية بإصدار فتاوى تدعو لتنظيم عملية الإنجاب ووضع ضوابط شرعية لحالات الزواج المبكر".
وكانت وزارة التخطيط قد أعلنت في حزيران من عام 2011 الماضي، أن نسبة مستوى الفقر في العراق بلغت نحو 23%، ما يعني ان ربع سكان العراق يعيشون دون خط الفقر، منهم ما يقرب من 5% يعيشون في مستوى الفقر المدقع، في حين أشارت في الثالث من حزيران 2012، الى أن إحصاءاتها أكدت أن نسبة البطالة في المجتمع العراقي بلغت 16 بالمائة.
ويعاني العراق من بطالة كبيرة سواء بين فئة الشباب القادرين عن العمل أم بين الخريجين الجامعيين، ويعتقد العديد من الخبراء الاقتصاديين أن التقديرات الإحصائية لهؤلاء الشباب لا تعبر بالضرورة عن الواقع الموجود فعلاً، كما تعاني البلاد من أزمة خانقة في السكن نظراً لتزايد عدد سكانه، قياساً بعدد المجمعات السكنية، إضافة إلى عجز المواطن ذي الدخل المحدود عن بناء وحدة سكنية خاصة به، بسبب غلاء الأراضي ومواد البناء.
وتشهد الكثير من أحياء ومناطق العاصمة بغداد وبحسب مراقبين ومتخصصين بالشأن الخدمي، تردياً واضحاً في سوء الخدمات على المستوى العمراني والصحي والخدمي، فيما يتم تخصيص ميزانيات مالية كبيرة لتلك الأغراض.
وتم تأجيل إجراء الإحصاء العام لسكان العراق الذي كان من المقرر إجراؤه في عام 2007 بسبب سوء الأوضاع الأمنية، إلى تشرين الأول من عام 2009 ليتم تأجيله مرة أخرى بسبب مخاوف من تسييسه، خصوصا في المناطق المتنازع عليها مثل محافظة كركوك التي يسكنها العرب والكرد والتركمان وتضم حقولا نفطية كبرى، فضلا عن مناطق متنازع عليها بين العرب والكرد في مدينة الموصل والتي تضم سكاناً من ديانات ومذاهب متنوعة كالمسلمين والإيزيديين والشبك والمسيحيين، تحسباً من أن يكشف هذا التعداد عن تركيبة سكانية من شأنها أن تقضي على طموحات البعض السياسية.
يذكر أن آخر إحصاء جرى في العراق خلال عام 1997، أظهر أن عدد سكان العراق يبلغ نحو 19 مليون نسمة في مناطق العراق كافة ما عدا محافظات إقليم كردستان العراق، الذين قدَّر مسؤولون في حينها أعدادهم بثلاثة ملايين مواطن.