حازم مبيضين في مواجهة التطرف الأعمى والمقيت، الذي يرفع راياته بعض السفهاء المدعين أنهم رجال دين، بغض النظر عن انتمائهم إلى هذا المذهب أو ذاك، فيدلون بتصريحات تكفر من ليس على مذهبهم، ويتجرأون على تكفير بعض صحابة النبي، وذمهم بما ليس فيهم،
يأتي تصريح الإمام الجليل السید علي السیستاني، القائل بأن عامة أهل السنة والجماعة مسلمون، وأن إنكارهم إمامة الإثني عشر إماماً من آل البیت لیس مضراً بإسلامهم. وقوله إن أهل السنة والجماعة الذین ینكرون إمامة الأئمة الاثني عشر علیهم السلام، یعتقدون بأن الإمامة لیست مما جاء به النبي فلا یكون إنكارهم لها مضراً بإسلامهم.الإمام السيستاني الذي كان قد أفتى بوجوب الصلاة على جنازة المسلم المخالف في المذهب، وصحة زواج المرأة الشیعیة من أتباع المذاهب الأخرى، وسریان أحكام المیراث بین الشیعة والسنة، وأفتى أن عامة أهل السنة والجماعة هم من المسلمین الذین تحقن دماؤهم، وتحترم أموالهم، وثبت لهم سائر الأحكام المختصة بالمسلمین، وعلى حرمة دم كل مسلم سنیاً كان أم شیعیاً، وحرمة عرضه وماله، والتبرؤ من كل من یسفك دماً حراماً أیّاً كان صاحبه، وكان دائم الدعوة إلى التعایش السلمي، ورص الصفوف، ونبذ الفرقة، والابتعاد عن النعرات الطائفیة، وتجنب إثارة الخلافات المذهبیة، والتركیز على توثیق أواصر المحبة والمودة بین أبناء الأمة. يستحق المرجع الشيعي السيستاني موقعه القيادي، فهو المتفهم الحقيقي للدين الإسلامي، وهو المجتهد المنفتح العقل والضمير للتعامل مع معتنقي المذاهب الأخرى من دون تعصب أو انغلاق، وهو الذي يرى في الإسلام جامعاً، ولا يرى في اختلاف المذاهب داعياً لتكفير الآخرين، أو محاولة الحط من قيمتهم، وفي الضفة الأخرى نتعرف إلى مواقف البابا شنودة زعيم الاقباط الروحي، الذي بادر للإعراب عن أسفه لما أثير مؤخراً، بشأن تصريحات سكرتير المجمع المقدس الأنبا بيشوي، بشأن بعض آيات القرآن الكريم، وبشجاعة المؤمنين الصادقين، أكد البابا شنوده أسفه أن يحدث جرح لمشاعر المسلمين جراء هذه التصريحات، وإنه مستعد لترضيتهم بأي طريقة، وأكد أن حوار الأديان يجب أن يكون مقتصراً على النقاط المشتركة، وأن يكون منصباً على المصلحة الوطنية من دون التطرق إلى الخلافات، مشيراً إلى أن إثارة مثل هذه القضايا وتصعيد الأمور يعد أمراً غير مناسب. مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر كان قد رفض بعصبية واضحة، تصريحات الأنبا بيشوي، القائلة بأن بعض الآيات التي وصفها بالمسيئة إلى المسيحيين في القرآن، أضيفت بعد وفاة الرسول، وقبلها كان بيشوي قد قال إن المسيحيين هم أهل مصر وإن المسلمين ضيوف عليها. وحذر المجمع الإسلامي في بيان شديد اللهجة من "الفتن التي يمكن أن تثيرها هذه التصرفات" التي قالوا إنها تهدد أمن الوطن واستقراره، وأعربوا عن صدمتهم لما نُشر منسوباً إلى أحد كبار رجال الكنيسة الأرثوذكسية بمصر، وأكد المجمع حقيقة أن مصر دولة إسلامية، مشدداً على أن "حقوق المواطنة مشروطة باحترام الهوية الإسلامية، وحقوق المواطنة التي نص عليها الدستور، ورداً على كل هذه الفوضى غير المبررة، أكد البابا شنوده استعداده للقول إن الأقباط ضيوف على المسلمين في مصر لأنهم أغلبية، مضيفا أن "مجرد إثارة قضية الضيوف من الأساس أمر غير لائق".نموذجان مضيئان لرجال الدين المتنورين، أين منهما مثيرو الفتن من مفتي القاعدة، والمتزمتين من شيوخ الشيعة، والقساوسة المتعصبين الحالمين إلى اليوم بالحروب الصليبية، وهما نموذجان يستحقان فعلاً التبجيل وكل الاحترام.
السيـسـتـاني وشـنـوده نموذجان مضيئان
نشر في: 1 أكتوبر, 2010: 04:50 م