TOP

جريدة المدى > سينما > المستشفيات المتخصصة تضيق بالمرضى النفسيين

المستشفيات المتخصصة تضيق بالمرضى النفسيين

نشر في: 1 أكتوبر, 2010: 05:04 م

بغداد/واععلى الرغم من أن انسحاب القوات الأميركية يشير إلى تراجع في وتيرة العنف،غير ان أعداد العراقيين الذين يسعون للعلاج من أمراض نفسية تسببت فيها صدمات تزداد، وبات القطاع الطبي عاجزا عن الوفاء بالاحتياجات. أسماء شاكر تجلس فوق بطانية مرسوم عليها نمر داخل مستشفى طب نفسي في مدينة بغداد، و عيناها تغالبان النوم، فقد بدأ العقار يؤتي مفعوله،  والتي نادرا ما تنام من دون أخذ الدواء.
لقد تعرضت لعدد من الصدمات النفسية اثر تعرض منزلها لعملية تفجير ، وفقد زوجها إحدىقدميه، وأصبح ابنها، الذي يبلغ من العمر 12 عاما، شاحبا، ويرتجف الصبي لمجرد التفكير في مغادرة المنزل، وتعيش أسماء حاليا في خوف دائم. ((الضغوط كبيرة للغاية»، هكذا قالت أسماء من داخل مستشفى ابن رشد، وأضافت: « اعاني من هول الحادث على الرغم من مضي اشهر على وقوعه .ويوجد في مختلف أنحاء العراق 100 طبيب نفسي يقومون بتقديم الخدمات لنحو 30 مليون شخص، حسب ما تشير إليه رابطة الطب النفسي العراقية. ويعتمد الكثيرون على أنفسهم في العلاج. ويعد «الأرتين» أكثر عقار يؤخذ بصورة مبالغ فيها، ويعرف هذا العقار بصورة عامة باسم «تريكسيفنيديل»، ولكنه يعرف داخل العراق باسم «حبوب الشجاعة»، ويحتوي على مادة مسكنة. وشهد مستشفى الرشاد، أكبر مؤسسة صحية نفسية طويلة الأجل، زيادة في أعداد المرضى نسبتها 10 %، ويقول الأطباء إنهم يضطرون إلى رفض استقبال مواطنين داخل المستشفى الممول حكوميا بسبب تكدس المرضى فيه. وبالنسبة إلى أسماء، وعشرات العراقيين الآخرين، فإن كل شارع يذكر بما كان، وقد تراجعت أعمال العنف في الوقت الحالي إلى مستوى منخفض، ويسعى الكثير من العراقيين بجد من أجل التعامل مع صدمات خلفتها أحداث الماضي وغموض يسيطر على المستقبل. وخلال العام الماضي، بدأت وزارة الصحة العراقية إدراج العلاج النفسي في مستشفيات الرعاية الأولية لعلاج صدمات يعاني منها مواطنون، وذلك حسب ما قاله نعمة الحميدي، الأمين العام لرابطة الطب النفسي. وأضاف: «ترتبط أعمال العنف والاعتداء والاضطرابات داخل العراق بصورة مباشرة بالزيادة في المشكلات النفسية. ويوجد وضع استثنائي خطير لا يمكن لمجتمع آخر أن يستوعبه. وقد ترك ذلك بصمة على كل مواطن في بلدنا». وفي صبيحة أحد الأيام القريبة، جلس الحميدي داخل مركز تأهيل بمستشفى الرشاد، وقد انتشرت على الحوائط رسومات رسمها المرضى. وأنشئ المستشفى قبل أكثر من 50 عاما، ويلوح في الأفق داخل منطقة مهجورة خارج مدينة الصدر . ويبدو المستشفى مختلفا عن مبان أخرى طواها النسيان وتعاني من الإهمال. ويقول أطباء إن نحو 80 بالمائة من العائلات ينسون أقاربهم بمجرد أن يرسلوهم إلى المستشفى. وعندما يكون المرضى جاهزين للاندماج مجددا في المجتمع، لا يجدون مكانا يذهبون إليه. وعلى طاولة عمل طويلة، جلس الحميدي مع رجال ونساء يتغنون ويلقون الشعر. وغالبا ما تتناول الأغاني مشاعر الحزن والهجران والخوف. وانتحب البعض بينما كانوا يتناولون الصودا والكعك المحلى. ولم يعد يحس المرضى بالزمان أو المكان، حيث يعيشون هنا منذ عقود. ويتابع: 8 أطباء، من بينهم حميدي، في مقابل 1300 مريض. ولا يوجد مكان لمرضى آخرين، وتحتاج المنشأة إلى أكثر من 10 أطباء نفسيين إضافيين لأداء العمل على النحو المطلوب، حسب ما يقوله الحميدي. أخذت فتاة صغيرة تدعى فاطمة تصرخ في حزن بكلمات شاعر من القرن الحادي عشر. وكانت عائلتها قد أرسلتها إلى المستشفى عندما مات والدها، بعد أن أجهدها مرضها النفسي. ويقول الحميدي: «أحاول أن أقوي عزيمتهم بصورة إيجابية وأن أوفر لهم وسائل تمكنهم من العودة للاندماج في المجتمع». وبينما كان الحميدي يمشي عبر العنابر ذات الحوائط البيضاء القذرة، علا صراخ بعض النسوة. وتوسلت إحداهن: «أريد العودة إلى المنزل»، وسالت الدموع من عينيها. وطلب الحميدي منها أن «تغني له أغنية»، فجفت الدموع، وبدأت تغني. ولم تستطع الستائر ذات اللون القرنفلي وأزهار الزينة إخفاء الحزن الذي يخيم على المكان، فالقضبان المعدنية على كل باب، وأجهزة التلفزيون في صناديق، والنساء يحدقن في النوافذ، وينتظرن التغيير. ويعاني ضياء حردان (38 عاما) من هوس بالاكتئاب، ويأتي إلى المستشفى لوقت قصير ليعزف الموسيقى للمرضى ويحصل على علاجه. ويسمع الناس في الشارع يتهامسون عن مرضه، ويرى في نظرات المارة القلق خوفا من أن يصابوا بمثل ما يعاني منه، مثلما يعتقد الكثيرون هنا. ودائما ما كان حردان عرضة للاكتئاب، ولكن تساعده موسيقاه. وعندما يغلبه الحزن، يأخذ العود ويدفن أحزانه في أغانيه. ولكنه فيما بعد توقف عن مخالطة الناس ونادرا ما يغادر منزله، حسب ما قاله. وفي الوقت الحالي، وعلى الرغم من التراجع في أعمال العنف، فإن الأماكن الوحيدة التي يعزف فيها الموسيقى هي المستشفى وغرفة معيشته مع زميل له.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram