اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > دوريس ليسنغ.. الروائية اللاذعة

دوريس ليسنغ.. الروائية اللاذعة

نشر في: 1 أكتوبر, 2010: 05:07 م

إيمان قاسم ذيبانملف صحافي باللغات كلها، مليء بالجدل والنقاش ومفاهيم واضحة للتعبير عن مبادئ الثورة النسوية وأخيراً قائمة لا تنتهي من الجوائز والاحتفاء... وهذا ليس سوى عرض بسيط لسيرة الكاتبة دوريس ليسنغ.
حكاية اعتيادية، لا شيء يميزها، هذا ما ينتابنا عندما نقرأ رواية (طفل غير شرعي)، فلا نرى شيئاً مشابهاً للجدتين المدمرتين في عملها (الجدتان). rnفالأولى تتمحور حول (جيمس) وهو شاب حالم يحب والدته ويخاف من أبيه وسطوته، يدخل الجيش عام 1939. حينها كان هذا الشاب الشاحب والهزيل، ذو العينين الذابلتين قد بلغ تواً العشرين عاماً وهو الابن الوحيد لوالد يكره الحرب وآثارها المدمرة لأنه خاضها لمدة أربع سنوات (1914-1918). وسرعان ما وجد جيمس نفسه على ظهر قارب يحمل مجموعة من الجنود ليتجه بهم إلى الهند. ولسوء الحظ، كان لابد لهم من التوقف في مرفأ مدينة ألكاب جنوب أفريقيا- ليتقابلوا وجهاً لوجه مع جحيم مستعر تكون من جراء تفشي الأمراض وانتشار الأوساخ والإصابة بدوار البحر وقلة التغذية ناهيك عن المصائب الأخر. ولا عجب من كل ذلك لأن الأشباح وحدها قد حلت في هذا المكان، في حين منحت مهمة استقبال الغرباء لامرأتين شابتين وهما زوجتان لجنديين خدما في قاعدة عسكرية هناك. وبعد بضعة أيام يتعرف جيمس على واحدة منهن ويخالط الهيام قلبه الرقيق ويقع أسير حب جنوني يلازمه طوال حياته. وينجب منها طفلاً غير شرعي ليقضي باقي أيامه متأملاً العثور عليه بعد فقدانه إياه، لكنه عبثاً يبحث وعبثاً يتمنى. في الحقيقة إنها قصة بسيطة، كما أشرنا مسبقاً إلا إن مقاصد الكاتبة دوريس لم تخل من الحذاقة والبراعة والوضوح إلى درجة أن القارئ أتخذ من هذا النص الموجز رواية طويلة جديدة ببناء جديد.فالرومانسيون مثل الشاب البريطاني جيمس يجدون في هذا العمل تعظيماً للحب الخالد. بينما يعتقد الآخرون خلاف ذلك أي أن المؤلفة عبرت عن صورة رجل غير قادر على مواجهة الحقيقة التي حدثت في حياته ليدمر بالتالي حياة المرأة التي تزوجها. وبلا ريب، حدت بنا تفاصيل العمل للإعجاب بالوصف الطويل والدقيق لهذه الرحلة البحرية واجتياز مرفأ ألكاب والعواصف الهائجة ولحظات الذعر والخوف المميتة. وأنى لنا نسيان ما قاله البطل "ما حدث على ظهر تلك السفينة يدعو إلى الحياء والخجل فقد كنا مطاردين مثل الحيوانات ونعامل مثلهم". والجدير بالذكر إن حرب جيمس خالية من المشاهد البطولية فطوال الرحلة كان حيادياً ومنعزلاً، لا بل وحتى في الهند، كان صاحبنا ضجراً من توالي الأيام، فهو لا يفعل شيئاً سوى الحلم بحبه المفقود وطفله الضائع. إنه بحق عمل لكاتبة لها باع طويل في الكتابة والنشر، فقد ألفت ليسنغ خمسين عملاً وذكر أسمها مئات المرات في قائمة جوائز النوبل، إذ سجلت حضوراً مشهوداً في هذه الجائزة (السياسية أكثر من كونها جائزة أدبية). ترى هل سببت تصريحاتها صدمة للبعض فيما يتعلق بزمبابوي (المدينة التي قضت فيها مرحلة الطفولة وصولاً إلى سن الشباب) وهل كانت هذه التصريحات مجاملة للقادة الأفارقة فيما يتعلق بموغابي؟ وهل كان نقدها لاذعاً لرئيس الوزراء السابق توني بلير عندما قالت بأنه (رجل صغير بكل ما تعنيه الكلمة؟) قد لا تكون دوريس صائبة من الناحية السياسية فهي لا تنفك عن مهاجمة سياسيي بلدها الذين يحتاجون في رأيها لمزيد من الصلابة والحزم والتمسك بالمبادئ السامية وهم دائماً (الأكثر غباءً) من الجميع ويختارون أقوى أشكال الاستبداد فيما نسميه اليوم بعالم الحرية. ظاهرياً هي امرأة ذات شكل حسن تمتلك على الدوام نظرة حادة ومشرقة تصبح في لحظة نظرة ساخرة وباهتة، ترحابها مميز إلا إنه لا يخلو من الحزم المشابه لأولئك الرافضين لأي من منازل التسوية. لم تشعر بمظاهر الشيخوخة على الرغم من اجتيازها الثامنة والثمانين عاماً فروحها القتالية السليمة والمعافاة ما زالت كما هي وما زالت تجمع بين التحرر والاستقلالية وأحياناً الغطرسة. وقد أثارت الانتقادات التي وجهتها إلى أنصار النزعة النسوية، بوصفهن نسوة يتصرفن بفظاعة مع الرجال، جملة من النقاشات التي انتشرت بكثرة في الصحف البريطانية والأوربية والأميركية. وأصبحت ردود الأفعال عنيفة إلى درجة أن دوريس أضحت رمز الحركة النسوية العالمية بعد إصدار كتابها (مفكرة ذهبية) في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين. المهم هنا هو ما فسرته الكاتبة التي أصرت على موقفها بعد قيام الثورة النسوية في أيار عام 1958. وقد بينت أن الكثير من النسوة قد أخطأن في فهم مبادئها أما بسبب مذهب العقدية (1) أو العدول عن التفكير أو ربما بسبب الابتعاد عن روح الدعابة والطرفة.rnعن صحيفة اللوموند

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram